بات رئيس الأركان الإسرائيلى السابق، بينى جانتس، يمثل الأمل لمعارضى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فى الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها فى 9 أبريل المقبل، فى حين أن جانتس، 59 عاما، هو مجرم حرب فى عيون الفلسطينيين، لدوره فى قيادة حربين دمويتين على قطاع غزة، عامى 2012 و2014، وأوامره باغتيال قادة فلسطينيين، وتقدم جانتس، زعيم حزب «حصانة لإسرائيل» أو «تيليم» بالعبرية، فى استطلاعات الرأى الأخيرة، وأصبح ينافس نتنياهو، زعيم حزب الليكود، على إمكانية تشكيل الحكومة المقبلة، بما قد يضع نهاية لعهد نتنياهو، الذى يشغل منصبه منذ 2009.
ويتفاخر جانتس بمسؤوليته عن اغتيال القيادى فى الجناح المسلح لحماس، أحمد الجعبرى، بإصدار أمر بتفجير سيارته وسط غزة، فى نوفمبرٍ 2012، وأصبح أحد قادة الاحتلال المتهمين بارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين، ويقول مسؤولون فلسطينيون: «فى اللحظة التى تطلق فيها المحكمة الجنائية الدولية بلاهاى تحقيقا جنائيا فى جرائم الحرب الإسرائيلية سيكون جانتس أحد القادة الذين عليهم المثول أمام المحكمة»، وفى مايو الماضى، قدمت فلسطين إحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق فورى فى جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بداية من يونيو 2014، ولم تقرر المحكمة ما إذا كانت ستطلق تحقيقا جنائيا أم لا، حيث تكتفى بالقول إنها مازالت تدرس الحالة فى فلسطين.
وأعلن جانتس عزمه تشكيل حزب لخوض الانتخابات، وفى الشهر نفسه، تشكل حزب «حصانة لإسرائيل»، والتزم الصمت لفترة بشأن برنامجه السياسى، ونشر دعايته الانتخابية الأولى فى 20 يناير الماضى، وهو تسجيل لاغتيال الجعبرى، كما نشر تسجيلا آخر يظهر الدمار الذى ألحقه العدوان الإسرائيلى بغزة فى حرب 2014، وكتب: «تم تدمير 6231 هدفا، وأجزاء من غزة عادت إلى العصر الحجرى»، وجانتس من مواليد 9 يونيو 1959 فى إسرائيل، ومن خريجى كلية القيادة والأركان وكلية الأمن القومى، وحاصل على درجة البكالوريوس فى التاريخ من جامعة تل أبيب، ودرجة الماجستير فى العلوم السياسية من جامعة حيفا، ودرجة ماجستير أخرى فى الإدارة والموارد الوطنية من جامعة الأمن القومى الأمريكية، انخرط جانتس فى صفوف جيش الاحتلال عام 1977، بانضمامه إلى لواء المظليين، وبعدها بعامين أصبح قائد سرية فى اللواء، وشارك فى الحرب على لبنان عام 1982، وفى 1991 قاد وحدة «كوماندوز» إسرائيلية قامت على مدى 36 ساعة بتأمين نقل 14 ألف يهودى إثيوبى من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إلى إسرائيل، فى عملية «سولومون»، وفى 1994، ومع إنشاء السلطة الفلسطينية، تم تعيين جانتس قائد لواء فى فرقة الجيش الإسرائيلى بالضفة الغربية، كما تم تعيينه قائدا لوحدة الارتباط مع جنوب لبنان، ثم قائدا لفرقة الجيش الإسرائيلى فى الضفة الغربية عام 2000، وهو العام ذاته الذى تفجرت فيه انتفاضة الأقصى، وفى 2002 تم تعيينه قائدا للمنطقة الشمالية فى الجيش المسؤولة عن الحدود مع لبنان وسوريا، وتولى قيادة القوات البرية عام 2005، ومن 2007 إلى 2009 عُين جانتس ملحقا عسكريا بواشنطن، وفى 2009 أصبح نائب رئيس الأركان، وفى فبراير 2011 شغل منصب رئيس الأركان، واستمر فى منصبه حتى فبراير 2015، وخلال ترؤسه أركان الجيش الإسرائيلى، قاد جانتس حربين على غزة، عامى 2012 و2014.
وقال جانتس فى خطاب: «تحت قيادتى، ستسعى الحكومة إلى السلام، ولن تفوت فرصة لإحداث تغيير إقليمى، هذا ما فعله مناحيم بيجن، الذى وقع اتفاقية سلام مع مصر، وإسحاق رابين فى اتفاق السلام مع الأردن»، وقطع جانتس وعودا انتخابية بتعزيز الكتل الاستيطانية، وعدم التخلى عن الجولان السورى المحتلة، وإبقاء غور الأردن تحت سيطرة الاحتلال، وبناء القدس الموحدة، لتظل إلى الأبد عاصمة الشعب اليهودى وعاصمة دولة إسرائيل، لكنه أكد عزمه أنه سيقدم مساعدات اقتصادية لغزة، وبإعادة الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» منذ حرب 2014، وشدد على أن حكومته «ستظهر قوة ضد الأعداء وتوحد الإسرائيليين»، وإحباط مؤامرات إيران فى سوريا ولبنان وأى مكان فى الشرق الأوسط، متهما حكومة نتنياهو بتشجيع التحريض والتخريب والكراهية، منتقدا الصراع بين اليمين واليسار والمشاجرات بين المتدينين والعلمانيين التى تمزق إسرائيل، وبتعديل «قانون القومية» المثير للجدل الذى يعرِّف إسرائيل على أنها «الدولة القومية للشعب اليهودى» ليستوعب الدروز.
ويخوض جانتس، وموشيه يعلون، من تيار يسار الوسط، الانتخابات المقبلة فى قائمة واحدة، وتقدم حزبه فى استطلاعات الرأى مع توقعات بحصوله على ما بين 21 و24 مقعدا من أصل 120 مقعدا بالكنيست، ويأمل معارضو نتنياهو المثقل بالفساد أن يتمكن جانتس من تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
وتعرض جانتس لانتقادات شديدة من قبل الليكود ونتنياهو الذى وصفه بانه جزء من «اليسار الضعيف»، وتحول جانتس لهدف لحملة يقودها اليمين المتطرف، ووصف نفتالى بينيت من حزب «اليمين الجديد»، جانتس بـ«الرجل الطيب، والضعيف جدا»، قائلاً إنه جزء من اليسار وسيُعرض إسرائيل للخطر إذا تسلم حقيبة الدفاع.