أعلن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوبانى، خلال مقابلة حصرية مع وكالة فرانس برس، أن الوجود العسكرى لـ«الخلافة» التى أعلنها تنظيم داعش قبل سنوات سينتهى خلال مهلة شهر، مع اقتراب المعارك شرق سوريا من خواتيمها.
وتطرق القيادى، الذى نادراً ما يتحدث مع وسائل الإعلام، إلى المفاوضات الجارية مع دمشق حول مستقبل مناطق الإدارة الذاتية الكردية فى شمال وشمال شرق سوريا، مؤكداً ضرورة الحفاظ على «خصوصية» قواته وضمان بقائها كقوة عسكرية فى أى اتفاق مستقبلى.
وقال كوبانى، الذى يقود قوات سوريا الديمقراطية منذ تأسيسها فى العام 2015: «أظن أننا خلال الشهر المقبل سنعلن بشكل رسمى انتهاء الوجود العسكرى على الأرض للخلافة المزعومة»، موضحاً أنّ «عملية قواتنا ضد تنظيم داعش فى جيبه الأخير وصلت إلى نهايتها لكن نحتاج إلى شهر للقضاء على فلول داعش» فى المنطقة.
ومنذ تأسيسها، خاضت هذه القوات، وعمودها الفقرى وحدات حماية الشعب الكردية، وبدعم من التحالف الدولى بقيادة واشنطن، معارك كبرى ضد التنظيم. وطردته من مناطق واسعة فى شمال وشرق سوريا. وفى 10 سبتمبر، أطلقت آخر المعارك لطرد التنظيم من آخر جيب له فى شرق سوريا قرب الحدود العراقية، وباتت سيطرته حالياً تقتصر على قريتين تشهدان آخر المعارك.
وأوضح كوبانى، وهو يرتدى بدلته العسكرية داخل أحد مقار قوات سوريا الديمقراطية قرب مدينة الحسكة (شمال شرق)، الخميس أنه سيتخلل مهلة الشهر «الوصول إلى الحدود العراقية وتطهيرها وتطهير المنطقة من الألغام وملاحقة الخلايا المختبئة فيها».
وبعدما كان التنظيم فى عام 2014 يسيطر على مساحات شاسعة فى سوريا والعراق المجاور، أعلن إقامة «الخلافة الإسلامية» عليها وطبق فيها قواعده المتشددة، تقلص نفوذه تباعاً ليقتصر وجوده حالياً على البادية السورية المترامية والممتدة من وسط البلاد حتى الحدود العراقية.
ورغم خسائره الفادحة، لا يزال التنظيم قادراً على شن هجمات ضد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولى، كان آخرها تفجير انتحارى استهدف الإثنين رتلاً أمريكياً فى ريف الحسكة الجنوبى، وأسفر عن مقتل 5 مقاتلين أكراد كانوا يرافقون الرتل. وسبقه تفجير انتحارى الأسبوع الماضى استهدف دورية أمريكية وسط مدينة منبج (شمال).
وحذر كوبانى من أن «خطر داعش كتنظيم إرهابى سيستمر لفترة أخرى». وأوضح أنه بعد طرد التنظيم من مدينة الرقة، التى كانت معقله الأبرز فى سوريا، فى أكتوبر 2017، أطلق استراتيجية جديدة بالتحول من «الولاية العسكرية إلى الولاية الأمنية»، وهذا ما يتضمن «تنظيم الخلايا النائمة فى كل مكان وتجنيد الناس مجدداً بشكل خفى وتنفيذ عمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات» ضد المقاتلين والمدنيين على حد سواء.
وأضاف: «نعتبر ذلك تهديداً حقيقياً، ونتوقع أن تزداد وتيرة عمليات داعش بعدما ينتهى وجوده العسكرى»، موضحاً أن قواته فى المقابل ستواصل عمليات التمشيط لتطهير كافة المناطق من الخلايا النائمة. كما ستعتمد بشكل خاص على تنظيماتها الأمنية والاستخباراتية وتطوير قوات خاصة لملاحقة تلك الخلايا.
وقال كوبانى: «سننتقل من عمليات عسكرية كبيرة مثل تلك التى كنا نقوم بها حتى الآن إلى عمليات أمنية دقيقة».
خلال سنوات النزاع السورى، شكل المقاتلون الأكراد شريكاً فعالاً لواشنطن فى قتال الجهاديين. إلا أن إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قراره بسحب قواته المؤلفة من حوالى ألفى جندى من سوريا، شكل صدمة للأكراد.
وقال كوبانى: «قرار الانسحاب كان خاطئاً، (أى) ترك جزء من القوات المحاربة فى منتصف الطريق، وهذا ما أبلغناه للأمريكيين».
وأبدى الأكراد خشيتهم من أن يسمح القرار الأمريكى لتركيا بتنفيذ تهديداتها بشن هجوم ضد المقاتلين الأكراد، الذين تخشى من تأسيسهم حكماً ذاتياً قرب حدودها.
خلال سنوات النزاع الأولى وبعد معاناة طويلة مع التهميش، بنى الأكراد إدارتهم الذاتية فى شمال وشمال شرق سوريا، فأنشأوا مؤسساتهم الخاصة وبنوا قواتهم العسكرية والأمنية، والمتمثلة اليوم بقوات سوريا الديمقراطية.
وتعد تلك القوات ثانى قوة مسيطرة على الأرض بعد الجيش السورى، بسيطرتها على نحو 30 فى المئة من مساحة البلاد، وهى منطقة غنية بحقول النقط والغاز والأراضى الزراعية.
وباشر الأكراد محادثات رسمية مع دمشق قبل أشهر حول مستقبل المنطقة، حددوا هدفها بوضع خارطة طريق تقود إلى حكم «لامركزى» فى البلاد.
وأكد كوبانى وجوب أن يضمن أى اتفاق سياسى خصوصية قواته التى قاتلت التنظيم المتطرف «نيابة عن كل البشرية وحتى عن الجيش السورى»، مشدداً على أنها «حمت شمال شرق سوريا.. وحررت هذه المناطق ومن حقها أن تستمر فى حماية المنطقة».
وأضاف: «هذا هو خطنا الأحمر ولا يمكننا التنازل عن ذلك»، موضحاً أن «المفاوضات لا تزال جارية لكنها لم تصل حتى الآن الى نتيجة إيجابية بعد» كون النظام «ما زال يؤمن أن بإمكانه العودة الى ما قبل العام 2011».
وتابع «ولهذا يحتاج (النظام) إلى مزيد من الوقت ليفهم أن ذلك مستحيل ولا يمكن حدوثه».
وكان الرئيس السورى بشار الأسد وضع الأكراد أمام خيارى التفاوض أو الحسم العسكرى. إلا أن الأكراد يودون الحفاظ على مكاسب حققوها من الإبقاء على المؤسسات التى بنوها إلى قواتهم العسكرية.
وأشار كوبانى إلى أن قوات سوريا الديمقراطية مستعدة للموافقة على نقاط عدة مثل «الحفاظ على الحدود السورية وعلى وحدة الأراضى السورية وعلى الرمز السورى وهو العلم السورى والقبول بنتائج الانتخابات المركزية فى حال حدوثها».
وأضاف: «تقبل قوات سوريا الديمقراطية أن تكون جزءاً من الجيش الوطنى لسوريا المستقبل بشرط الحفاظ على خصوصيتها».