قبل أيام نشرت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، تقريراً عن قصة الولاية الأمريكية التى تدفع لكل شخص يقيم على أراضيها ألف دولار سنوياً من أرباح صندوق الادخار العام الذى أسسته الولاية من أجل تأمين حياة الأجيال القادمة على أرض الولاية التى تحوى أرضها أكبر مخزون من النفط فى الولايات المتحدة، وتقوم بتوزيع أرباحه على سكان الولاية فى كل عام. إنها ولاية ألاسكا الأمريكية التى كانت فى الماضى أرضا روسية باعتها روسيا لمنافستها فى الغرب.
استهل معهد البترول الأمريكى (أكبر جمعية لتجارة وصناعة النفط والغاز فى الولايات المتحدة)، تقريره فى عام 2016 بعرض لمحة عن تاريخ الولاية الأمريكية التى كانت فى الماضى ضمن الأراضى الروسية، وأوضح التقرير أنه قبل ما يزيد على القرن ونصف القرن، باعت روسيا منطقة ألاسكا إلى الولايات المتحدة، وكان ذلك فى عام 1867 مقابل مبلغ مالى قدرت قيمته بـ 7.2 مليون دولار أمريكى حينها، أى ما يعادل اليوم نحو 120 مليون دولار، أى حوالى 2 مليار و160 مليون جنيه مصرى، ووفق بعض التقديرات فإن المبلغ المدفوع يعنى أن قيمة الفدان الواحد بلغت وفق الصفقة 2 سنت.
بدأت الصلات بين روسيا القيصرية وألاسكا تتهاوى منذ القرن الـ18، حين بدأ بالتوافد على سواحلها تجار روس كبار بانتظام لتتحول تلك المنطقة تدريجياً إلى ملكية خاصة لعدد من الأغنياء الروس، حتى انتقلت ملكيتها رسمياً عام 1799 بتأسيس الشركة الروسية الأمريكية التى احتكرت النشاط الاقتصادى فى ألاسكا، بحسب وكالة أنباء «روسيا اليوم». وحملت المنطقة منذ ذلك التاريخ رسمياً اسم «أمريكا الروسية»، وعقب هزيمة الإمبراطورية الروسية فى حرب القرم التى واجهت خلالها تحالفاً ضم بريطانيا وفرنسا والإمبراطورية العثمانية ومملكة سردينيا بين عامى (1853-1856)، بدأت الولايات المتحدة مساعى لشراء الأراضى الروسية فى أمريكا الشمالية، وفى 30 مارس عام 1867 تم التوقيع على اتفاقية لبيع ألاسكا وجزر «ألوشيان» للولايات المتحدة، وبدأ حينها المواطنون الروس فى النزوح عن ألاسكا، وغادرت آخر مجموعة منهم المنطقة فى 30 نوفمبر عام 1868 فى اليوم نفسه الذى تسلمت فيه رسمياً الولايات المتحدة المنطقة. وهكذا انتقلت أراض بمساحة تفوق مليونا ونصف المليون كليومتر مربع إلى الولايات المتحدة، كان معظمها تقريباً غير مأهول.
فى بداية القرن الـ19 كانت ألاسكا ذات جدوى اقتصادية بفضل تجارة الفراء، إلا أن انطباعا خاطئا ساد بحلول منتصف القرن لدى أصحاب القرار فى روسيا القيصرية بأن تكلفة تأمين وحماية هذه المنطقة النائية تفوق المكاسب المحتملة من التمسك بها، ومع ذلك لم يكن الجميع فى الولايات المتحدة سعداء بهذه الصفقة، ولم ير البعض فى ألاسكا أكثر من «صندوق من الثلج»، إلا أن هذا الانطباع تغير كليا بنهاية القرن التاسع عشر، حين تم اكتشاف مناجم للمعادن الثمينة وبخاصة الذهب.
عرف عن ألاسكا شيوع التسريبات النفطية منها، ورغم ذلك لم تبذل روسيا أى جهود لتطوير الأعمال الاستكشافية وأنشطة الحفر والتنقيب عن البترول هناك؛ وهو ما فعلته كذلك الولايات المتحدة لبضع سنوات بعد شرائها الولاية، قبل أن يحدث أول اكتشاف رئيسى فى عام 1957 لدى حقل نهر سوانسون، بشبه جزيرة كيناى جنوب مدينة أنكوراج، ولم يبدأ الإنتاج الفعلى للنفط إلا فى سبعينيات القرن المنصرم، بحسب تقرير المعهد الأمريكى.
ومع تراجع إنتاج البترول من الـ 48 ولاية الأمريكية المتجاورة، كان هناك اكتشاف جديد فى خليج برودو لدى المنحدر الشمالى لألاسكا، الأمر الذى منح الولايات المتحدة فرصة لاستغلال مصدر مهم وجديد للإمداد المحلى والتنافس على المقياس العالمى. فى البداية قدر حجم البترول المستكشف بنحو 9.6 مليار برميل، وهو ما عادل ضِعف حجم أكبر حقل غاز تم اكتشافه فى أمريكا الشمالية، وعلى الرغم من التكلفة العالية والمناخ المضطرب، والتحديات اللوجيستية، والأرض غير المستقرة والتحديات البيئية الكبرى، فإن الإنتاج من حقل خليج برودو بدأ فى عام 1977 ليعوض بذلك واحدة من أحلك فترات انهيار إنتاج النفط فى منطقة الولايات الأمريكية المتجاورة التى تضم 48 ولاية خلال ثمانينيات القرن الماضى.
تعددت الروايات بشأن الأسباب التى دفعت روسيا إلى بيع ألاسكا، حيث يميل أغلب المؤرخين إلى تفسير ذلك فى ضوء أن روسيا فى ذلك الوقت لم تكن تملك موارد كافية لاستغلال ألاسكا زيادة على مناطق سيبيريا الشاسعة، ولذلك قررت بيع هذه المنطقة النائية للولايات المتحدة للحفاظ على الدولة الروسية ولتركيز الجهود على تطوير وتنمية مناطق الشرق الأقصى، بينما يؤكد البعض أن روسيا القيصرية باعت ألاسكا خوفًا من أن تتوسع بريطانيا انطلاقا من مستعمرتها كندا، وتقوم باحتلال المنطقة، الأمر الذى سيكون من المستحيل تلافيه فى تلك الظروف، فيما يرى آخرون أن القيصر ألكسندر الثانى باع ألاسكا للولايات المتحدة لتسديد ديون اقترضها.
ويوضح تقرير سبق أن نشرته قناة «العربية» أنه مع بداية ستينيات القرن الـ19 عانت الإمبراطورية الروسية من ضائقة مالية خانقة على إثر نهاية حرب القرم، فى الوقت الذى تزايدت فيه مخاوف القيصر الروسى ألكسندر الثانى حول مصير منطقة ألاسكا الروسية، حيث كانت هذه الأراضى تقع فى أقصى شرق الإمبراطورية، كما أنها تواجدت على قارة أخرى، الأمر الذى صعّب على الجيش الروسى مهمة الدفاع عنها فى حرب مستقبلية أمام الولايات المتحدة أو الإمبراطورية البريطانية المتمركزة بقوة فى كندا.
وخلال شهر يناير عام 1860، تزايد قلق القيصر الروسى ألكسندر الثانى حول مسألة ألاسكا بعد أن راسله السفير الروسى بواشنطن، إدوارد دى ستوكل، ليخبره أنه من الصعب جدًا إقامة مستعمرات على أراضى ألاسكا بسبب الطقس البارد، وتحدّث السفير الروسى عن قلة الموارد الطبيعية بالمنطقة وكثافة التواجد العسكرى البريطانى على أراضى كندا. عقب هذه الرسالة عقد القيصر الروسى ألكسندر الثانى العزم على بيع أراضى «ألاسكا» لصالح الولايات المتحدة، وأوكل هذه المهمة إلى السفير الروسى فى واشنطن إدوارد ستوكل الذى باشر مفاوضاته مع وزير الخارجية الأمريكى، جيرمى سوليفان بلاك، ولكن هذه المفاوضات تعطلت لسنوات عديدة بسبب اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية، وخلال شهر مارس سنة 1867 استمرت المفاوضات حول مستقبل «ألاسكا» بين الجانبين الأمريكى والروسى بعد انقطاع استمر لأكثر من 6 سنوات، وجرت المفاوضات مع وزير الخارجية الأمريكى الجديد «ويليام سيوارد».
وخلال ساعات الصباح الأولى ليوم 30 مارس عام 1867، تم رسميًا التوقيع على اتفاقية بيع ألاسكا الروسية لصالح الولايات المتحدة، وخلال تلك الفترة قاربت مساحة ألاسكا 1.6 مليون كيلومتر مربع.
عقب هذه الصفقة، هاجمت الصحافة الأمريكية وزير الخارجية، ويليام سيوارد، ساهم ذلك فى تأجيج غضب الشارع الأمريكى، حيث اعتبر عدد كبير من الأمريكيين هذه الصفقة إهانة لبلادهم، ولكن ويليام سيوارد تدارك الأمر عقب إلقائه خطابًا أكد خلاله أهمية أراضى ألاسكا، بسبب كميات موارد الفرو الموجودة هناك، وإمكانية الاعتماد عليها (ألاسكا) كمركز للصيد البحرى واستغلال مناجمها، ومن خلال خطابه هذا لمح الوزير الأمريكى إلى إثناء عدد من البحارة والمستكشفين على أراضى ألاسكا فى كتاباتهم.
وتوضح موسوعة المعرفة أن ألاسكا تعد واحدة من ولايات إقليم المحيط الهادى الذى يضم بالإضافة لألاسكا 4 ولايات، هى ولايات واشنطن، وأوريجون، وكاليفورنيا، وهاواى. وتعد ألاسكا أكبر ولاية فى الولايات المتحدة وتوازى مساحتها خُمس بقية الولايات، وأكثر من ضعف مساحة تكساس بقليل، حيث تزيد مساحتها على المليون ونصف المليون كيلومتر مربع، لكن حجمها الكبير يقابله تعداد سكانى ضئيل نسبيا مقارنة بالولايات الأخرى، ففى تعداد السكان لعام 1990 كانت ألاسكا فى المرتبة 49 من حيث عدد السكان فى الولايات الأمريكية. تتميز ألاسكا أنها ولاية منفصلة عن بقية أراضى الولايات المتحدة، فهى تقع شمال غرب كندا، ويفصلها عن ولاية واشنطن 800 كيلومتر من الأراضى الكندية.
وتضيف الموسوعة أنه عندما حلّ البِيض لأول مرة بألاسكا كان بها 3 مجموعات من السكان الأصليين، الإسكيمو والإليوت والهنود، وفى عام 1725 كلّف بطرس الأكبر، قيصر روسيا، بحارًا دنماركيًا اسمه فيتوس بيرنج، يعمل فى خدمة روسيا، باستكشاف الإقليم الواقع إلى الشمال من المحيط الهادى، فكان بيرنج وجماعته أول الأوروبيين الذين وصلوا إلى جزيرة سانت لورانس، وهى اليوم جزء من ألاسكا، غير أنهم لم يتمكنوا بسبب الضباب من رؤية الأراضى اليابسة لقارة أمريكا الشمالية، أما فى الرحلة الثانية التى قاموا بها عام 1741 فقد استطاعت جماعة بيرنج أن ترى جبل سانت إلياس فى جنوب شرقى ألاسكا. وسرعان ما بدأ التجار والصيادون الروس يمارسون أعمالهم فى هذا الإقليم. وفى عام 1784 أنشأ تاجر يُدعى جريجورى شيليكوف بجزيرة كُودْيَاك أول مستوطنة للبيض بألاسكا التى أطلق عليها اسم أمريكا الروسية، وفى عام 1799 منحت روسيا امتياز التجارة فى البلاد لمؤسسة تجارية روسية أمريكية. واستمرت هذه الشركة لمدة 68 عامًا تمثل السلطة الحاكمة الوحيدة فى ألاسكا، غير أن أرباح تجارة الفراء بدأت تتضاءل، ما دفع روسيا فى أواخر خمسينيات القرن الـ19 إلى التفكير الجدى فى بيع الإقليم.
فى المقابل، بدأ اهتمام بعض الشركات الأمريكية بمناطق صيد أسماك السلمون الغنية فى ألاسكا يتزايد فأنشأت تلك الشركات عام 1878 أول مصانع لتعليب الأسماك فى ألاسكا، وفى عام 1884 اعتبر الكونجرس الأمريكى ألاسكا مقاطعة ذات كيان مدنى وقضائى، ومن ثم صار لألاسكا قوانين ومحكمة اتحادية.
وفى عام 1896 اكتشف المنقبون وجود الذهب فى إقليم يوكون التابع لكندا فى الموقع الذى يلى مباشرة حدودها مع ألاسكا، فتدفق الآلاف إلى المنطقة وأُنشئت بها كثير من المدن، واجتذبت كشوفات الذهب هناك مزيدًا من الأفراد فى المناطق القريبة من مواقع اكتشاف الذهب، مثل منطقة نومى ومنطقة فيربانكس. وبسبب اكتشافات الذهب نشأ بين الولايات المتحدة وكندا نزاع حول حدود ألاسكا، وهو النزاع الذى أخذ يتزايد حتى بلغ ذروته عام 1903، وقررت لجنة دولية أن تُرسم حدود ألاسكا الجنوبية الشرقية فى الموضع الذى نراها عليه اليوم. وفى عام 1912 أصبحت ألاسكا جزءًا من أراضى الولايات المتحدة.
ظلّت كبرى الصناعات خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن الـ20، هى صيد الأسماك والتعدين وتجارة الفراء. وساهم خط السكك الحديدية الذى تم اكتماله عام 1923 فى ربط سِيوارد وأنكورج بفيربانكس، كما أتاح تقدم سبل السفر الجوى الوصول إلى مجتمعات كانت فى الماضى معزولة عن الآخرين. وفى الثلاثينيات أنشأت الحكومة الاتحادية مستعمرة زراعية فى وادى ماتانوسكا، وبعثت الولايات المتحدة بآلاف العمال إلى ألاسكا ليقوموا بتشييد وصيانة منشآت عسكرية أثناء الحرب العالمية الثانية التى اندلعت عام 1939، وفى عام 1942 أنشأت الحكومة طريق ألاسكا البرى، وفى نفس السنة ضرب اليابانيون بالقنابل ميناء دتش فى جزر ألوشيان، كما قاموا باحتلال جزيرتى أتّو وكيسكا، وظلوا فيهما حتى عام 1943.
قامت الولاية خلال ستينيات القرن الماضى بإدخال تحسينات فى وسائل النقل، ونجحت شركتان للنفط عام 1968 فى تحقيق أحد أعظم الاكتشافات فى تاريخ الكشف عن النفط ـ كان ذلك فى خليج برودفو على السهل الساحلى للمحيط القطبى الشمالى. واكتمل عام 1977 مد خط أنابيب طوله 300 كم لنقل النفط عبر الولاية، وبدأ استخراج النفط.
و قرر الكونجرس الأمريكى بين عامى 1971 و1980 بتخصيص مساحات كبيرة من الأراضى لأهل ألاسكا الوطنيين لأغراض حماية الموارد الطبيعية بالبلاد، غير أن الهبوط الحاد فى أسعار النفط أدى فى أواسط ثمانينيات القرن الماضى إلى ضعف اقتصاد ألاسكا، ومن هنا ثار جدل عنيف بين المؤيدين لمساعى حماية الموارد الطبيعية والذين يدعون إلى تنمية موارد أراضى الحكومة الاتحادية، وما زاد الأوضاع سوءاً وقوع كارثة تسرب للنفط فى جنوبى ألاسكا عام 1989، وكان ذلك فى يوم 24 مارس حين ارتطمت السفينة إكسون فالديز، وهى ناقلة يبلغ طولها 301م، بقاع البحر فى مضيق برنس وليم، وتسرب منها 42 مليون لتر من النفط الخام، ما تسبب فى هلاك الأحياء البرية وإلى تلوث مئات الكيلومترات من سواحل ألاسكا. تم الانتهاء من عمليات النظافة عام 1992 بتكلفة بلغت 2 مليار دولار، ومضت الحكومة فى مساعيها نحو تحقيق نوع من التوازن البيئى فى المنطقة، وفى عام 1998 افتتح مركز سيلايف بسيوارد الذى تم تمويل بنائه من تسوية حادث إكسون فالديز.
فى الانتخابات على منصب العمدة الفخرى لمدينة تالكيتنا فى ولاية ألاسكا لسنة 1997 رفض سكان المدينة جميع المترشحين من صنف البشر لمنصب العمدة، واختاروا القط ستابس، الذى كان يبلغ من العمر آنذاك أشهرا قليلة، عوضاً عنهم لهذا المنصب. وذلك لعدم وجود مرشح متفق عليه وكنوع من الدعابة فى انتخاب عمدة المدينة الصغيرة.
حكم ستابس تالكيتنا، المدينة التى يقترب تعدادها من ألف نسمة فى ألاسكا، على مدى 20 عاماً، حتى نفوقه فى 2017 بسبب أمراض الشيخوخة، بعد نجاحه فى جميع انتخابات المدينة طوال هذه الفترة، حيث حكم عقدين من الزمن من دون معارضة أو مشاكل فى المدينة، حيث كانت يتمتع بشعبية كبيرة وسط سكان المدينة بالإضافة إلى السياح الذين كانوا يفدون إلى المدينة أملاً فى مقابلة عمدتها، خاصة وهو يشرب مشروبه المفضل كل يوم، وهو الماء بالنعناع، فى دكان صغير حيث عُثر عليه قبل 20 عاماً.
ينتمى ستابس إلى فصيلة قطط المانكس الذكية، والتى تتميز بأنها عديمة الذيل وذات فراء براق خفيف، وساقاه الخلفيتان أطول من الأماميتين، يختلف العمدة ستابس عن باقى القطط من فصيلته، إذ يقضى معظم أوقاته مضجعاً فى دكان «ناكليس» وهو أحد محال المدينة الصغيرة، حيث يمكث هناك كل يوم ويشرب مشروبه المفضل وهو الماء المطعم بحشيشة «نعناع الهر»، حسبما يوضح تقرير لإذاعة صوت ألمانيا «دويتشه فيله». لورى ستيج صاحبة دكان «ناكليس» هى إحدى المتحمسات لستابس، وتقول: «لم يقم ستابس طيلة فترة ولايته الفخرية للمدينة بزيادة الضرائب على سكان المدينة ولم يتدخل بشؤون المدينة التجارية. إنه هر صادق ومخلص».
تجاوزت شهرة العمدة ستابس مدينته الصغيرة وأصبح السياح يذهبون إلى تالكيتنا الواقعة فى أقصى مقاطعة ألاسكا لمشاهدته ومشاهدة مدينته الوفية له. وفى عالم الإنترنت اجتذب ستابس آلاف المعجبين لصفحة مخصصة له على الفيسبوك.
توزيع النفط على السكان .. وآلاف الدولارات سنوياً لكل مواطن
تحولت ولاية ألاسكا اليوم إلى واحدة من أغنى الولايات المتحدة، فهى الولاية الوحيدة التى لا تزال تدفع ألف دولار سنوياً لكل مواطنيها المقيمين داخل أراضيها، رغم أن الحرب التجارية مع الصين تهدد مصالحها. أوضح تقرير هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» المنشور قبل أيام عن الولاية الأمريكية أن مبلغ الألف دولار الذى تدفعه ألاسكا لكل شخص يقيم على أراضيها يتم تسليمه للمواطنين عبر البريد، مضيفاً أن هذا المبلغ من أرباح صندوق الادخار العام الذى أسسته الولاية من أجل تأمين حياة الأجيال القادمة على أرض الولاية التى تحوى أرضها أكبر مخزون من النفط فى الولايات المتحدة.
الواقع أن اقتصاد ألاسكا ارتبط ارتباطا وثيقا بالموارد الطبيعية، بدءا من تجارة الفراء ومصائد الأسماك، ووصولا إلى تعدين الذهب والنفط. غير أن الاعتماد على النفط كمصدر للدخل وضع اقتصاد الولاية تحت رحمة تقلبات أسعار النفط العالمية، مما زاد من احتياجها لإنشاء شبكة أمان مالى، ولهذا عندما اكتشف حقل خليج برودو النفطى، خصصت الولاية جزءا من إيرادات النفط لإنشاء صندوق للادخار العام. ذلك أنه رغم اكتشاف حقل نفط خليج برودو وإنشاء خط أنابيب نقل النفط عبر ولاية ألاسكا، أُنفقت عوائد الإيجارات بالكامل على البنية التحتية والخدمات؛ ومن ثم لم يلمس بعض السكان تحسنا كبيرا فى الأوضاع الاقتصادية. حينها أدرك جاى هاموند، حاكم الولاية المنتخب فى عام 1974، أن إيرادات النفط لا تضمن مستقبلا آمنا للاجيال القادمة، ولذا مضت إدارته فى إنشاء صندوق ألاسكا الدائم فى عام 1976 لادخار الأموال للأجيال القادمة من سكان ألاسكا. واتُفق على أن يوضع ربع ريع النفط بالولاية فى صندوق الادخار العام، الذى فاقت قيمته الآن 65 مليار دولار، ومنذ عام 1982 يتلقى كل شخص فى ألاسكا يستوفى الشروط اللازمة للحصول على حصة من أرباح صندوق ألاسكا الدائم، وهو صندوق سيادى ممول من عوائد النفط، 1000 دولار (ما يعادل 2.670 دولار فى الوقت الحالى)، ومنذ ذلك الحين، أصبحت حصص الأرباح تحتسب سنويا على أساس متوسط دخل الصندوق الدائم الخاضع للضريبة على مدى السنوات الخمس السابقة، بحسب «بى بى سى».
يقول هاموند، فى كتابه «مقترح حاكم الولاية عن الصندوق»: «أردت أن يشعر سكان ألاسكا بأن هذه الموارد ملك لهم، لتشجيعهم على دعم الأساليب المستدامة فى تطويرها والنأى عن النماذج غير المستدامة».
غير أن تقريراً لوكالة «سبوتنيك» الروسية يوضح أن الوضع الاقتصادى لولاية ألاسكا ساء بعد شن الولايات المتحدة حربا تجارية ضد الصين التى تعتبر اليوم أكبر سوق عالمية لتوريد المأكولات البحرية من ألاسكا. وتقوم الولاية بتوريد الجزء الأكبر من إنتاجها من المأكولات البحرية إلى الصين للمعالجة، ثم عودتها إلى السوق الأمريكية إلا أنها تخضع للرسوم التى فرضتها السلطات الأمريكية ذاتها، وهو ما يثير قلق سكان ألاسكا الشديد.