ذكرت صحيفة «صنداى تايمز» البريطانية، اليوم الأحد، أن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى، من المتوقع أن تؤجل تصويت البرلمان المقرر غدا، على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، وستتوجه إلى بروكسل الأسبوع المقبل للمطالبة بشروط أفضل من الاتحاد الأوروبى.
ونقلت الصحيفة عن وزراء ومساعدين، لم تذكر اسمهم، قولهم إنهم يتوقعون أن تعلن ماى تأجيل التصويت فى البرلمان، بسبب الانقسامات الشديدة للاتفاق وتصاعد موجة الرفض فى حزب المحافظين الحاكم، وحزب العمل المعارض للاتفاق، ومن المتوقع على نطاق واسع أنها ستخسر التصويت ويشعر الوزراء بالقلق من أن حجم الهزيمة قد يؤدى إلى إسقاط حكومتها.
وقالت الصحيفة إن ماى ستتوجه إلى بروكسل للقيام بمناشدة أخيرة للاتحاد الأوروبى لتحسين اتفاق الخروج من التكتل بعد أن قال وزراء إن هناك حاجة لشروط أفضل للفوز بتأييد النواب، وتصر ماى على أن اتفاقها للخروج من الاتحاد الأوروبى هو السبيل الوحيد المتاح وإن البدائل تتمثل فى خروج مؤلم دون اتفاق أو ربما عدم الخروج على الإطلاق.
ومع تزايد الرفض والانقسامات، يمثل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى دون اتفاق أحد السيناريوهات التى يتم تداولها، ورغم صعوبة التكهن بتداعيات هذا السيناريو، لكن الحكومة البريطانية نشرت عشرات المذكرات التقنية لتحضير الشعب البريطانى لهذا الاحتمال المرعب الذى تخشاه الأوساط الاقتصادية، ويشكل خروج بريطانيا من أوروبا المقرر فى 29 مارس المقبل، مخاطر كبيرة، وأهمها هى رسوم الهاتف والمصارف، فإحدى التداعيات الأولى التى سيشعر بها المستهلكون البريطانيون والأوروبيون تتعلق بخدمة التجوال، وإمكانية استخدام شبكة الهاتف المحمول الأجنبية أثناء السفر، وستُفرض على هذه الخدمة المجانية حالياً للمستهلكين ضمن الاتحاد الأوروبى، رسوماً فى حال غياب الاتفاق بالنسبة للمسافرين الذى يتجاوزون بحر المانش أو الحدود الإيرلندية، وفيما يتعلق ببطاقات الائتمان التى يُتوقع أن تزيد تكلفتها فى حين ستصبح المعاملات المصرفية «أبطأ» بحسب لندن، ولم يعد فى إمكان الزبائن المقيمين فى دول الاتحاد الأوروبى الاستفادة من الخدمات المالية لمصارف الاستثمار التى تتخذ من بريطانيا مقرا. ولجأت العديد من البنوك إلى فتح فروع لها فى القارة الأوروبية لتجنّب حصول اضطرابات.
وقد يؤدى الخروج دون اتفاق الى فوضى حقيقية فى المطارات ليس فقط فى المملكة المتحدة لكن خارجها أيضا، وقد تخسر شركات الطيران البريطانية والأوروبية حق تشغيل الرحلات بين الاتحاد الأوروبى وبريطانيا، ما قد يؤدى إلى شلّ الحركة الجوية.
و«تعتزم» لندن منح شركات الطيران أذوناً لتتمكن من مواصلة العمل بشكل طبيعى، و«تنتظر» من دول الاتحاد الأوروبى أن تفعل الأمر نفسه لكنها تتوقع رغم كل شىء «اضطرابات فى بعض الرحلات»، وقد تشهد خدمة قطار «يوروستار» صعوبات لأن تراخيص الشركات المشغلة لسكك الحديد البريطانية فى أوروبا لن تبقى صالحة.
وسيتعيّن على الشركات التى تستورد أو تصدر من وإلى المملكة المتحدة أن تتعلّم ملء تصاريح جمركية جديدة وأن تأخذ بالاعتبار أنها ستخضع لرسوم ضريبية جديدة، وأعلنت لندن نيتها العمل مع قطاع الصناعة «لتقليص التأخير والأعباء الإضافية على التجارة الشرعية»، كما أعلنت وضع نظام ملصقات تحدد مكان إنتاج مواد مثل الويسكى الأسكتلندى أو الجبن المصنّع، وتُستخدم الآن ملصقات تشير إلى أن المنتج أوروبى، وستتأثر السجائر أيضاً، إذ إنه يجب إدخال رسم جديد للتنبيه من مخاطر التدخين فحقوق الصور المستخدمة حالياً تمتلكها المفوضية الأوروبية، كما يتطلب فى حالة الخروج دون اتفاق أن تخزن بريطانيا أدوية لمدة 6 أسابيع إضافية، بالإضافة إلى المخزونات الحالية التى تكفى 3 أشهر لتجنب أى نقص فى الامداد.
وستغادر المملكة المتحدة الوكالة الأوروبية للأدوية لكنها ستواصل الاعتراف باختبارات وشهادات الاتحاد الأوروبى لتجنب الحاجة إلى إعادة الاختبار وتعطيل الإمدادات، وحذّرت الحكومة البريطانية السكان من أنهم قد يخسرون الحصول على بعض خدمات البث مثل «نتفليكس» و«سبوتيفاى» إن خرجت لندن من «السوق الرقمية الموحدة»، وسيواجه المستهلكون البريطانيون زيادة محتملة فى تكلفة التسوق عبر الإنترنت، لأن الطرود التى تصل بريطانيا لن تكون خاضعة لتخفيض ضريبة القيمة المضافة المعمول به، وحذرت الحكومة من أن رخصة القيادة البريطانية قد لا تعود صالحة فى الاتحاد الأوروبى وقد يحتاج السياح إلى استصدار إجازة سوق دولية لدى التوجه إلى هناك، كما سيخضع نقل الحيوانات الأليفة إلى قواعد صحية أكثر تشددا، إذ إنه سيتعيّن استشارة طبيب بيطرى قبل موعد السفر بـ4 أشهر على الأقل.