كشفت مصادر مقربة من الزعيم الليبي، معمر القذافي، أن «هناك قنوات حوار سرية تتم بعيدا عن أعين وسائل الإعلام بهدف التوصل إلى حل سياسي وسلمي للأزمة الليبية، وذلك رغم أن القذافي وكبار مساعديه يبدون عبر وسائل الإعلام العالمية والرسمية تشددًا».
وأوضحت المصادر، في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية نشرته، الأحد، أن «أبوزيد عمر دوردة»، رئيس جهاز المخابرات الليبية، والبغدادي المحمودي، رئيس الحكومة الليبية، وشكري غانم، رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، إلى جانب عبدالعاطي العبيدي، وزير الخارجية الليبي، يسعون للتوصل إلى حل يؤدي إلى وقف إطلاق النار وإيقاف حلف الأطلسي قصفه الصاروخي والجوي على القوات العسكرية والكتائب الأمنية الموالية القذافي.
وأضافت المصادر أن العبيدي أجرى خلال زيارته الأخيرة لتونس محادثات مع مسؤولين من الحكومتين البريطانية والفرنسية بهدف استكشاف إمكانية إبرام اتفاق لخروج القذافي ونظام حكمه، مشيرة إلى أن المفاوضات مازالت في مراحلها الأولى ولم تسفر بعد عن بلورة أي صيغة.
وكشفت المصادر النقاب عن أن «القذافي معني عبر مبعوثيه وكبار مسؤولي نظام حكمه بالبحث عن خروج مشرف من السلطة يضمن عدم ملاحقته هو وأي من أفراد أسرته وكبار مساعديه، إلى جانب تعهد المجتمع الدولي بعدم السعي إلى اعتقاله لاحقا بأي شكل أو تحت أي ذريعة».
من جهته، أكد مسؤول ليبي للصحيفة وجود تفاوت في وجهات النظر داخل عائلة القذافي ودائرة المقربين منه وأن هناك من يدعوه إلى استكمال المعركة حتى آخر طلقة وآخر نفس، وهناك من يقول إنه حان الوقت للرحيل. وقال المسؤول الليبي إن «القذافي يميل إلى البقاء، لكن ما فهمته في الأحاديث الجانبية أنه مستعد للمغادرة إذا ما تلقى ضمانات كافية لإقناعه بأمنه وأمن أسرته لاحقا».
وتابع المسؤول: «ضمن عائلة القذافي هناك من يقول له دعنا نرحل وكفى، وأن ابنه الأكبر محمد يتبنى هذا الخط، لكن المعتصم وهانيبال والساعدي يقفون في الجهة المقابلة ويرفضون الرحيل، بينما موقف سيف الإسلام، الابن الثاني للقذافي، يتراوح بين هذا وذاك».
ولفت إلى أن «القذافي وعائلته مشغولون بالتفكير في ماذا سيقول عنهم التاريخ، وأن القذافي لا يريد أن يكون مجرد صفحة في تاريخ الشعب الليبي تم طيها، لأنه معني بشكله وبنظرة الناس إليه طوال الوقت». إلا أن مسؤولين آخرين مقربين من القذافي قالوا في المقابل للصحيفة إنه «ليس صحيحا على الإطلاق أن القذافي يفكر في الاستسلام وقبول ما يطرحه الثوار بشأن إمكانية التجاوز عن ملاحقته، إذا ما قرر الخروج باتجاه إحدى الدول الأفريقية».
وقال مسؤول، التقى القذافي قبل بضعة أيام: «لم أسمع منه كلمة واحدة عن اختياره التنحي، ومعظم الوقت يتحدث عن المقاومة ورفض أي محاولات لإجباره على الرحيل، وهو يعتقد أنه من بني ليبيا ومجدها وقدم لليبيين الكثير، مقابل أخطاء يراها بسيطة ويمكن التجاوز عنها».
من جهة أخرى، واصل حلف الأطلنطي غاراته، مساء السبت، على القطاع، الذي يقيم فيه الزعيم الليبي، العقيد معمر القذافي، في طرابلس، بعد التعهد الأمريكي والفرنسي والبريطاني في مجموعة الثماني بـ«إنهاء العمل في ليبيا وممارسة مزيد من الضغوط لحمل القذافي على التنحي، بعدما تخلت روسيا عنه».
وعلى الصعيد نفسه هز انفجار قوي العاصمة الليبية في الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي، وارتفعت سحابة من الدخان فوق قطاع باب العزيزية، مقرإقامة العقيد القذافي، الذي يتعرض للقصف الكثيف منذ أربعة أيام. وفي حوالي الساعة الواحدة ترددت أصداء انفجارين في القطاع نفسه، حيث أكد الأطلسي أنه استهدف «مركزا للقيادة والتحكم».
وعلى الصعيد الدبلوماسي، تلقت طرابلس، الجمعة، صفعة بعدما تخلت عنها موسكو، التي انضمت إلى البلدان الغربية للمطالبة بتنحي العقيد القذافي. وقال الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، الذي شارك في قمة مجموعة الثماني في دوفيل بفرنسا، إن «العالم لم يعد يعتبره الزعيم الليبي». وكان مدفيديف، الذي رفضت بلاده تأييد الدعوات الفرنسية والأمريكية لتنحي القذافي، امتنع عن التصويت في الأمم المتحدة على القرار 1973 الذي يجيز الضربات الدولية على ليبيا.
ووقع الرئيس الروسي من جهة أخرى الإعلان الختامي لمجموعة الثماني، الذي يؤكد أن القذافي «فقد كل شرعية»، وعرض على شركائه «وساطته» في النزاع، معلنا عن إرسال موفد على الفور إلى بنغازي.
لكن نائب وزير الخارجية الليبي، خالد الكعيم، قلل من أهمية هذا التحول، وقال في مؤتمر صحفي إن «مجموعة الثماني قمة اقتصادية، ونحن لسنا معنيين بقراراتها». ورفض في الوقت نفسه احتمال المصالحة مع موسكو، مؤكدا أن طرابلس «لن تقبل أي وساطة تهمش خطة الاتحاد الأفريقي للسلام، وكل مبادرة خارج إطار الاتحاد الأفريقي سترفض بما في ذلك من روسيا».
أما في بنغازي، فقد رحب رئيس المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل الثوار الليبيين، السبت، بـ«الموقف الجديد الذي أعلنته روسيا». وقال مصطفى عبدالجليل إن الثوار ينتظرون وصول «وفد روسي في وقت قريب»، وأضاف: «نتوقع وصولهم الأسبوع المقبل».
وفي دوفيل، حذر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي دعا مرة أخرى إلى تنحي الزعيم الليبي، من أن التحالف الدولي «سينهي العمل في ليبيا». وأعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أن عمليات الأطلسي في ليبيا قد «دخلت مرحلة جديدة».
وتأكيدا لرغبتهما في تسريع العمليات العسكرية من خلال الاقتراب إلى ميدان المعركة، سترسل باريس ولندن مروحيات قتالية قادرة على أن تستهدف بمزيد من الدقة أنصار القذافي وسط المدن. وقال رئيس الوزراء الكندي، ستيفن هاربر، إن «مشاركة القوات المسلحة لبلاده في العمليات في ليبيا ستكون لفترة محدودة».
وميدانيا، قصف حلف الأطلسي ثكنة الحرس الشعبي القريبة من مقر إقامة القذافي القريب من وسط المدينة، وكان الأطلسي ذكر أنه استهدف مستودعا للآليات العسكرية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، اعترفت السنغال، السبت، بالمجلس الوطني الانتقالي الذي يقود المعارضة الليبية المسلحة «كممثل شرعي للشعب الليبي»، بحسب بيان للرئاسة السنغالية. وبذلك تحذو السنغال حذو فرنسا وإيطاليا وقطر وجامبيا والأردن، إضافة إلى بريطانيا في الاعتراف بالمجلس الانتقالي.