قال الدكتور محمود أبوزيد، رئيس المجلس العربي للمياه، وزير الري الأسبق، إن هناك 14 دولة عربية تعد من بين الأكثر دول معاناة من ندرة المياه على مستوى العالم، موضحا أن «ما يستحق الاهتمام بحق هو أن الوضع المائي في بلادنا لا يتجه إلى التحسن، بل إلى التدهور، خاصة أن المنطقة العربية لديها 1% فقط من المياه العذبة على مستوى العالم، و60% من مياه أنهارها تأتي من خارجها، و40% من سكانها يعيشون في مناطق الشح المائي».
وأضاف «أبوزيد»، في كلمته أمام مجلس المحافظين بالمجلس العربي للمياه لمناقشة خطة عمل المجلس للأعوام الثلاثة المقبلة وهي 2019 – 2021، أن هذا التدهور بسبب معدلات نمو سكاني متزايد، مصحوبا بندرة في سقوط الأمطار وتكرار دورات الجفاف بما ينعكس على نصيب الفرد من المياه وعلى الأمن الغذائي في المنطقة حتى صارت المنطقة أكبر منطقة عجز مائي وغذائي في العالم.
وأوضح رئيس المجلس: «أننا لا نواجه أزمة ثابتة الأبعاد وإنما خطر يستفحل باستمرار، وفي مواجهة هذه التهديدات غير المسبوقة فهناك احتياج لحلول واستراتيجيات غير تقليدية تواجه احتمالات المستقبل»، مشددا على أن «أمن المياه يعد أمنا قوميا يستوجب إعداد استراتيجيات مواجهة تحدي الندرة من خلال استراتيجية جماعية واضحة وسياسة تكاملية وإرادة جماعية وتخطيط وتنسيق مشترك لمواجهة المخاطر الحقيقية التي تهدد المنطقة والعالم».
وشدد على أن «الدعم المطلوب لمواجهة تحديات المياه والأهداف الإنمائية يجب أن يزداد بشكل كبير، لأننا نحتاج باستمرار لدعم الشركاء لوضع برنامج عمل لرفع رؤيتنا المشتركة للمياه إلى خطوات تنفيذية على أرض الواقع»، مشيرا إلى أن المجلس العربي للمياه لديه بصمة واضحة ومؤثرة على العديد من الأنشطة في المجالات ذات الأولوية من خلال تنفيذ مشاريع ومبادرات عديدة في مجال تحسين إدارة الموارد المائية ومواجهة تحديات التغيرات المناخية والآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عليها.
ولفت إلى دور التقنيات الحديثة في مجال المياه الجوفية واستخدام تكنولوجيا الاستشعار من بعد وغير من التقنيات الجديدة في اقتصاديات المياه، موضحا أن المجلس العربي للمياه يعمل على تحفيز العمل الجماعي سعيا للنهوض بقضية المياه ودعم تبادل المعرفة في المنطقة العربية بعمل برامج مائية مختلفة في هذه الموضوعات.
ومن جانبه، ذكر الدكتور حسين العطفي، الأمين العام للمجلس العربي للمياه، أن المنطقة العربية أمام مفترق الطرق ما يدفع الفاتورة المجتمعات الأكثر فقرا، وأن المنطقة العربية مقبلة على قرارات صعبة خلال الـ30 عاما مقبلة، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يتطلب من الحكومات العربية اعتماد رؤية عربية لمواجهة هذه التحديات، وأن تكون الأولوية القصوى لها هو حماية الأمن المائي.
وأضاف العطفي، في كلمته أمام محافظي المجلس العربي للمياه، أن تزايد الضغوط على الموارد المائية العربية يتطلب استراتيجية لمواجهة هذه التحديات بالشراكة بين الحكومات العربية والجهات المانحة والمنظمات الدولية مع منظمات المجتمع المدني، وبناء الجسور بين المشروعات القائمة بالمنطقة العربية وتنمية المهارات، مع التركيز على موضوعات الإدارة المتكاملة للموارد المائية لضمان كفاءة الموارد المائية في مجالات الاستخدام، وعدم فصل موضوعات المياه عن الطاقة والغذاء والتطوير المؤسسة والتشريعي وتطوير قاعدة المعلومات بما يمكن متخذي القرار في ضمان الإستخدام الأمثل للموارد المائية.
ولفت إلى أهمية التصدي لتأثيرات التغيرات المناخية على المياه والأمن الغذائى والبيئي، وذلك في إطار مبادرة التغيرات المناخية وبدعم من جامعة الدول العربية والشركاء من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب الأمم المتحدة للحد من الكوارث وبرنامج الأغذية العالمي، مشيرا إلى أنه سيتم دراسة تأثير الهجرة والنزوح القسري الناتج عن النزاعات والتغيرات المناخية على البنية التحتية والموارد المائية والبيئة والهشاشة الاجتماعية, وبدء حوار إقليمي لوضع سياق العلاقة المترابطة بين الهجرة والبيئة والتغير المناخي بهدف فهم دوافع الهجرة البينية في منطقة الشرق الأوسط.
أشار «العطفي» إلى أنه سيتم إعداد تقرير عن حالة المياه في الدول العربية وتحديث البيانات المائية على المستوى الإقليمى، ورفعه إلى الجهات المعنية ومتخذى القرار، موضحا أن هناك آليات لتنفيذ هذه الخطة تقوم على التنسيق الكامل مع الوزارات المعنية والمنظمات الوطنية والإقليمية والشركاء وأصحاب المصلحة المعنيين بالمياه في المنطقة العربية، والسعي لدى الصناديق العربية والمؤسسات المانحة لتوفير الدعم الفنى والمالى لتنفيذ تلك الخطة وأنشطتها وبرامجها.
وأشار العطفي إلى أهمية دعم ومساندة الشركاء الإقليميين والمحليين بتنفيذ أنشطة المبادرة التي تهدف إلى دعم القدرات العربية الوطنية والمحلية وصناع القرار في إصدار ووضع السياسات لتحسين إدارة المخاطر وعلاقاتها بالمياه والغذاء في ظل تغير المناخ والكوارث، دعم وتعزيز وبناء المرونة للمجتمعات العربية في مواجهتها بما يحقق أهداف التنمية المستدامة، لافتا إلى أهمية دعم تنفيذ منظومة الترابط بين المياه والطاقة والغذاء، ومعالجة التحدي المتمثل في ندرة الموارد المائية ورفع كفاءة استخداماتها لتحقيق الأمن المائي وتأمين الطاقة والغذاء من خلال إدراج هذه المنظومة في السياسات القطاعية والخطط القومية والبرامج التنموية للبلدان العربية .