قالت الدكتورة يوهانسن عيد، رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، التابعة لمجلس الوزراء، إن الاتحاد الدولى للأطباء سيزور مصر خلال أيام لاعتماد الاعتراف بالهيئة، وهو ما يؤهل الأطباء المصريين من العمل بشهاداتهم المصرية فى جميع دول العالم، خاصة أنه بعد سنوات قليلة لن يتم الاعتراف بشهادات الطب عالميا إلا من الدول المعتمدة.
وأضافت، فى حوارها لـ«المصرى اليوم»، أن مصر تتبنى مشروعا طموحا لتطوير التعليم وفق رؤية 2030 وبدعم شخصى من الرئيس عبدالفتاح السيسى، معتبرة أن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد هى أحد أضلاع مثلث النهوض بالتعليم فى مصر، ومعها وزارتا التعليم العالى والتربية والتعليم، لافتة إلى أن الهيئة جهة مستقلة للتقييم والمتابعة وليست جهة رقابة.
والى نص الحوار..
■ بداية.. هل هيئة الجودة والاعتماد جهة رقابية أم متابعة للتحقق من توفر معايير الجودة بالمدارس والمعاهد والكليات؟
- هيئة الجودة بالتأكيد ليست جهة رقابية، وإنما هى الجهة المنوط بها تحديد معايير الجودة، ثم متابعة كل مؤسسات التعليم التى تطلب الاعتماد للتحقق من توفر كل معايير الجودة بها ليكون من حقها الحصول على شهادة اعتماد مدتها خمس سنوات وبعدها يعاد التقييم، وحتى خلال مدة الاعتماد نفسها نقوم بزيارات ميدانية للمؤسسات المعتمدة للتأكد من الالتزام بمعايير وقواعد الجودة.
وما نقوم به هو الوقوف على مدى توفر معايير الجودة فى مختلف مؤسسات التعليم الجامعى وما قبله، وحين تتوفر المعايير كاملة لأى مؤسسة تمنح الاعتماد من الهيئة، وهناك علاقات تعاون مع هيئات دولية متخصصة فى ذات المجال والمعايير التى نعمل من خلالها تتفق مع المعايير الدولية للجودة والاعتماد.
■ وهل هناك تعديل فى استراتيجية الهيئة للتوافق مع منظومة التعليم الجديدة؟
- الهيئة وضعت 3 محاور رئيسية، تتضمن آليات للتوافق مع نظم التعليم العالمية، وتحسين الجودة والمنافسة ووضع معايير للاعتماد والجودة المصرية الخالصة، وإصدار شهادات بها تتواكب مع نظيراتها فى أوروبا، لتصبح المؤهلات العلمية الممنوحة داخل مصر معترفاً بها فى جميع بلدان العالم، كما أن المستهدف من مؤسسات التعليم قبل الجامعى حتى عام 2020 لا يزيد على 20%، تحقق منها 10%، والآن لدينا 62 ألف مؤسسة تعليمية ما بين عام وفنى وأزهرى، والمستهدف فى عام 2030 أن نصل إلى 60%.
■ لماذا تأخرنا فى التصنيف الدولى خلال السنوات السابقة؟
- تأخرنا نظراً للظروف الاقتصادية والاجتماعية التى مرت بها البلاد، ولكن يجرى تصحيح المسار، وسط تحديات تعود إلى طبيعة المجتمع.
■ وما طبيعة العلاقة بين هيئة الجودة ووزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى؟
- هى علاقة تعاون مشترك؛ لأن غايات وأهداف الجهات الثلاث واحدة، وتتلخص فى الارتقاء بالتعليم وصولا لحالة من الجودة تنعكس مخرجاتها على كل مجالات الحياة فى مصر، ولذلك أرى أن جودة التعليم تؤدى لجودة الحياة، فلا يمكن تصور وجود تعليم متطور جداً فى مجتمع متواضع جداً. الجودة هى العامل النوعى فى العملية التعليمية ككل.
■ فى رأيك.. متى وكيف يقف التعليم على أرض صلبة وبشكل مستمر؟
- هذا السؤال مهم جداً بالنسبة لنا فى الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، لأننا نمثل العامل الثابت فى كل محاولات وتجارب النهوض بالتعليم فى مصر مؤخرا. المعايير التى نعمل بها ونطورها لا تتأثر بتغير مناصب وزارية، ولذلك أنا شخصيا لدى أمل كبير ونوع من التفاؤل بأن التحرك الحالى نحو النهوض بالتعليم سيؤتى ثماره طالما هناك درجة من الوعى بأن هناك مشروعا مستقبليا كبيرا ضمن رؤية واستراتيجية واضحة طرحتها الدولة المصرية ويدعمها الرئيس السيسى، أما متى يتحقق، أرى أن النهوض بالتعليم عملية مستمرة لا تتوقف لأن احتياجات أى مجتمع لا تثبت على حال، وكلما تغيرت وتطورت الاحتياجات لابد أن يواكبها التعليم فى كل مراحله من خلال معايير تتطور أيضًا.
■ بالطبع هناك تحديات تواجهكم..
- جودة التعليم فى مصر تشكل تحديا كبيرا؛ لأن مؤسسات التعليم بلا شك ظلت لسنوات طويلة تعانى من قلة الإمكانيات المادية وضعف تأهيل الموارد البشرية ووجود فجوة كبرت بمرور الوقت بين مخرجات التعليم وسوق العمل. الآن الدولة بدأت فى عملية شاملة للنهوض بالتعليم، وأرى أن التوجه هذه المرة جاد باعتباره جزءًا من رؤية شاملة للتنمية المستدامة 2030، ونحن بالهيئة نتفاعل مع كل تغير إيجابى ينقلنا للمستقبل بقوة، ونضع المعايير لكل مراحل التعليم ونتابع تطبيق تلك المعايير التى تشمل جميع أبعاد المنظومة التعليمية من قيادة وموارد بشرية ومادية وجودة المقررات الدراسية والمناهج، وقبل وبعد كل ذلك تقييم «المتعلم» وكيف نُعد إنسانًا قادرًا على استيعاب متطلبات العصر والمشاركة المجتمعية الإيجابية وتعميق ثقافة الانتماء الوطنى، لأنها تصب فى النهاية لتحقيق مفهوم الجودة والإخلاص تجاه ما نعمل.
■ على أى أساس يتم تحديث معايير الجودة والاعتماد لمؤسسات التعليم فى مصر؟
- تحديث المعايير يتم وفقا لعدة مبادئ، أهمها الهوية المصرية، ومواكبة المعايير الدولية، وتفعيل دور المتعلم وتنمية المهارات الحياتية، وهذه المعايير هى المحرك لأى تطوير أو تحديث، اليوم نحن نعاصر ثورة اتصالات وتنوعاً هائلاً فى مصادر المعرفة وحالة من السيولة العالمية بين الشعوب والثقافات، أى نعيش «عصر الإنسان العالمى»، هناك أحداث يومية يتابعها كل العالم ويتفاعل معها كأنهم فى بلد واحد وربما بيت واحد. التعليم الجيد هنا هو أقوى سلاح يحمى حدود النفس والعقل والوطن.
■ كم عدد مؤسسات التعليم قبل الجامعى التى تقدمت بطلب مراجعة الهيئة لها 2016-2017؟
- فى موسم 2016-2017، نفذت الهيئة 1120 زيارة بغرض الاعتماد أو استكمال التقييم أو التفقد المباشر، وبناءً على هذه الزيارات تم اعتماد 992 مدرسة وإرجاء اعتماد 209 مدارس، وعدم اعتماد 14، وإعادة زيارة 5 مدارس، وتقدم فى التعليم الأزهرى 110 معاهد للمراجعة واستكمال المعايير، وتم اعتماد 89.2% منها وإرجاء 10 معاهد، وعدم الاعتماد لمعهد واحد، وفى مؤسسات التربية والتعليم، تقدمت 1352 مدرسة، منها 1229 لأول مرة، و123 لاستكمال المراجعة.
■ وهل هيئة الجودة والاعتماد بمصر معترف بها دوليا.. وما أهمية هذا الاعتراف؟
الاعتراف الدولى بالهيئة مهم جدا لأنه ضمنيا يعتبر اعتمادا واعترافا بالمؤهلات المصرية التى درست وتخرجت فى مؤسسات تعليمية اعتمدتها الهيئة، ومثالا على ذلك، يوم 29 أكتوبر الجارى سنستقبل وفداً دولياً، يمثل الاتحاد العالمى للتعليم الطبى، وهو جهة دولية التى لابد من الحصول على اعترافها بنا واعتمادها للهيئة، وسيتم الاعتماد، وأهمية هذا الاعتماد والاعتراف أن كل خريجى الطب فى مصر ستكون شهاداتهم معتمدة دوليا ويحق لهم ممارسة مهنة الطب فى أى بلد. هذا الوفد يزورنا للوقوف على معايير العمل لدينا فى الجودة والاعتماد، تمهيداً لاعتماد الاتحاد العالمى للتعليم الطبى للهيئة القومية فى مصر.
■ ماذا يعنى لكم الربط بين جودة التعليم وجودة الحياة؟
- رسالة التعليم الحقيقية أن تعد إنسانًا فاعلاً مع عصره ومجتمعه، لا ينفصل عن حقيقة ومتطلبات هذا العصر.. قل لى ماذا ننتظر من شاب حصل على 100% بالثانوية العامة، أو على ليسانس أو بكالوريوس ولا يعرف من هو طه حسين أو نجيب محفوظ أو مصطفى مشرفة أو طلعت حرب وغيرهم ممن وضعوا أساس نهضة مصر الحديثة.. ماذا ننتظر من شاب تحول دماغه لصندوق أصم، يستقبل ويخزن دون تفاعل مع حقائق العصر الذى يعيش فيه.. جودة التعليم، التى تهدف معاييرها لإعداد إنسان مشترك مع الإنسانية فى مجموعة قيم نبيلة، هى بداية الطريق للتخلص من التطرف بكل أشكاله.