منذ نحو خمسة قرون أنشئُت قلعة القصير الشهيرة بالطابية بالقرب من ساحل البحر الأحمر في عهد السلطان العثماني سليم الثاني في 27 ربيع الآخر 979 هـ، باقتراح من والي مصر سنان باشا، وأشرف على الإنشاء محب الدين الحموي في أوائل شوال 979ه واستغرق البناء حتى نهاية 979ه الموافق 1571م.
وتعد هذه القلعة في الوقت الحالي أهم المعالم الأثرية بالبحر الأحمر وذلك بمدافعها الأثرية التي بدأ الصدأ يأكلها إلا أنها سقطت من حسابات وزارة الآثار وتنتظر القلعة صيانتها وترميمها حتى لا تتعرض مبانيها وأسوارها للانهيار ومازالت عملية إضاءتها لم تتم لفتحها أمام السائحين ليلا لتكون أحد المزارات السياحية للسائحين المقيمين بالقري السياحية بمدينتي القصير ومرسى علم.
وصفي تميم، أحد مؤرخي القصير أكد أن تاريخ القلعة يأتي ضمن مشروع لبناء الحصون والقلاع حيث طمع البرتغاليين وحرب السلطان سليم الثاني مع روسيا وقد واجهت القلعة ضربات للفرنسيين أعقبها قذائف إنجليزية ومع احتلالها بجنود نابليون وقد رمممها محمد على باشا وزارها في العام1813م أثناء حربه مع الوهابيين.
وتشير المصادر التاريخية أن هدف أقامتها هو حماية الميناء البحري ومطاردة اللصوص وقطاع الطرق وتأمين قوافل الحجاج القادمة من وادي النيل لميناء القصير القديم.
وأضاف تمير أنه بعد بناء القلعة وإتمامها عين لها قائد ومعه فرقة من الجنود لحماية الميناء ولاستقرار الأمن بالمنطقة وكانت تصرف لهم المرتبات لأغا القلعة «دزدار» والجنود وكان بها فرقة من الفرسان تتكون من عشرة أفراد وثلاثة بلوكات من الجنود يتكون كل بلوك من 7-9 أفراد وأن السبب الرئيسي في تشييدها هو حماية ميناء القصير ومطاردة اللصوص من قطاع الطرق الذين يهددون التجار والحجاج وأهل المدينة ذاتها إذ سبق البناء شكوى والى مصر سنان باشا للباب العالي سليم الثاني أن أهل القصير قد هجروها فكان ردالسلطان حيال الطلب والموافقة على البناء أن يعود أهل المدينة إلى ديارهم.
وقد زودت القلعة بالمدافع المتنوعة في الحجم والنوع والمصدر وكان بالقلعة مسجد هدمه الفرنسيون عند احتلالهم القصير في فبراير 1799م، كما غيروا اتجاه البوابة الرئيسية لها حيث كانت في شرقها باتجاه البحر ولما كانت في مرمى المدافع الإنجليزية من أربعة قطع بحرية بريطانية اشتبكت مع الفرنسيين المتحصنين بالقلعة فضل «دنزيلو» القائد الفرنسي تحويل البوابة إلى جنوب القلعة- مكانها الحالي- وكان بالقلعة فرقة موسيقية تتولى المراسم عند دخول الدزدار حيث يطلق نفير البروجي إيذانًا بالدخول وكان لها مشاركات في الاحتفالات والمناسبات بالمدينة وكان بها بئر للماء طعمه غير طيب وخزان مازال موجودًا لتخزين المياه.
عن المدافع والمزاغل يؤكده ما ورد في تقرير «على باشا رضا»- محافظ عموم سواحل البحر الأحمر في بداية عهد الخديو محمد توفيق «1879م-1892م» والذي جاء فيه أن القلعة شكلها رباعي طول ضلعها ثمانين مترًا ويتوسط ضلعها القبلي باب القلعة، وهي محاطة بسور من البناء ارتفاعه ستة أمتار وجزؤه الأسفل الذي على ارتفاع ثلاثة أمتار ونصف مبنى من الحجر والمونة وباقي الارتفاع مختلط مابين الدبش والرمل وبعضه بالطوب اللبن.
وقد نصبت المزاغل على أركان القلعة وأبراجها للطوبجية المكلفين بالعمل على تلك المزاغل التي ترمي بنيرانها نحو البحر من الاتجاه الجنوبي والشرقي باستثناء برج خالى من المزاغل وتشون به الذخيرة من البارود بمقدار 2 قنطار و45رطل وباب القلعة مزودة واجهته بثلاثة مزاغل.
و تعد المزاغل العنصر الدفاعي الذي يسمح للمتمرسين بالسور الدفاع عن المدينة تجاه أي قوات غازيةوالمزاغل من الناحية المعمارية عبارة عن فتحة لرمي السهام على هيئة شق مستطيل رأس أو مربع، صيق من الخارج ومتسع من الداخل لتسهيل حركة المدافعين.
وتعد أسلحة القلعة عبارة عن إثنى عشر مدفعًا من الحديد الظهر موزعة كالآتي: مدفع عدد 2 من عيار 5 ومدفع عدد 4 من عيار 3 بالبرج البحري الشرقي ومدفع 2 من عيار 7 بالبرج الشرقي القبلي ومدفع 1 من نحاس عيار 6 ومدفع عدد 2 من عيار 3 من الحديد الظهر وهاون واحد من نحاس قطره 23سم وجميع هذه الأفواه النارية قديمة غيرصالحة للاستعمال ومركبة على دوشمات غير منتظمة على أفخاذ من الخشب.
وخصص لها ثمانية أنفار من الطوبجية الباشبوزق –الجند غير النظاميين- بمن فيهم الأسطى- وهؤلاء العساكر أيضًا مسلحين بثلاث بنادق كبسول لضبطية البندر، وعندما انعدمت الفائدة والجدوى من تلك المدافع نقلت لفترة من القلعة إلى الجهة الشرقية لقصر الحكومة بالقصير والذي استخدم كقسم للشرطة ثم أعيدت إلى مكانها الأصلي داخل قلعة القصير العثمانية.