بات من المتوقع أن تشهد العلاقات التركية الإسرائيلية تحولاً جذرياً، بعد هجوم قوات الدولة العبرية المسلحة علي «أسطول الحرية» الذي كان يقل نحو 350 مواطناً تركياً من بين 650 مشاركاً في قافلة المساعدات الإنسانية المتجهة لقطاع غزة.
ورأت مجلة «فورين بولسي» في تقرير لها أن جملة «كل الخيارات علي الطاولة» هي أفضل وصف لموقف تركيا تجاه هجوم إسرائيل علي قافلة المساعدات الإنسانية. وحتى الحل العسكري لم يعد مستبعداً بعد أن نشرت جريدة «ينى شفق» أن الحكومة ستطالب البرلمان بمنحها الموافقة على إرسال قوات تركية عبر الحدود.
وتري «فورين بولسي» أن إرهاصات التغيير تجلت في ردود الفعل التركية منذ اللحظات الأولي بعد الهجوم الذي وقع يوم الاثنين الماضي، لافتة إلى أن بوادر التحول كانت واضحة في كلمات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، التي وصفت الهجوم بـ«إرهاب دولة»، وتصريحات وزير خارجيته أمام مجلس الأمن: «الفرق بين الدولة والإرهابيين تلاشى»، والمظاهرات الغاضبة التي اجتاحت الشارع التركي. يضاف إلى هذا استدعاء السفير التركي لدي إسرائيل، وإلغاء مناورات عسكرية بين الدولتين.
لكن تصريحات المسئولين الأتراك أخذت تتجه نحو التهدئة نسبيا بعد يومين من الواقعة، خاصة عقب المكالمة الهاتفية التي جرت بين رئيس الوزراء التركي، والرئيس الأمريكي باراك أوباما. غير أن الرأي العام التركي لم يهدأ، وتواصلت المظاهرات، وأصدر البرلمان بيانا يطالب فيه حكومة أردوغان بمراجعة علاقاتها العسكرية والسياسية والاقتصادية مع تل أبيب، مشيرا إلى انه علي تركيا أن تستخدم كافة الوسائل القانونية المحلية والدولية المتاحة ضد إسرائيل.
والاشتراطات التي طرحها وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو لعودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، والتي تتمثل في إنهاء الحصار علي غزة، وعودة المواطنين الأتراك المحتجزين في إسرائيل، تم الرد عليها في مساء ذات اليوم (الأربعاء 2-6-2010) من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقوله «واجبنا هو تفتيش كل السفن التي تصل. إذا لم نقم بذلك فان غزة ستصبح ميناء إيرانيا، ما يشكل تهديدا فعليا للبحر المتوسط وأوروبا».
ويعكس وصف نتنياهو لأسطول المساعدات الإنسانية، موقف حكومته المستقبلي من أي قوافل سلام تسعي إلى كسر الحصار عن نحو مليون ونصف المليون إنسان محاصرين منذ عام 2007، حيث يقول: «لم يكن أسطول محبة، كان أسطول كراهية. لم تكن عملية سلمية بل عملية إرهابية». مؤكدا على أن كسر الحصار سيساعد إيران علي نقل الأسلحة والذخائر إلى حركة «حماس» المسيطرة علي غزة.
الإصرار الإسرائيلي علي مواصلة حصار غزة في الوقت الذي يعد فيه نشطاء سلام لقوافل ربما تكون اكبر من الأسطول السابق، قد يدفع تركيا لإرسال قوات مسلحة لمرافقته وحمايته، وهو ما يعزز فرضية أن كل الخيارات لازالت مطروحة علي طاولة أنقرة، التي وقعت مؤخرا اتفاقية ثلاثية مع إيران والبرازيل لتبادل اليوارنيوم، والتي ينظر لها علي أنها تعود إلى محيطها الإسلامي مجددا.