شهد اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي الأمريكي، دونالد ترامب، الإثنين الماضي، موجة من الانتقادات المحلية والعالمية.
وقالت مجلة «التايم» الأمريكية في تقرير نشرته، الأسبوع الجاري، إن «ترامب قام بتعديل (النافتا) – اتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية- لكن هذا ليس صحيح»، مشيرة إلى «أن الرئيس الأمريكي معروف دائمًا بوعوده المبالغة، وأن ذلك الاتفاق سيواجه بمعارضة ساحقة من أعضاء الكونجرس بما فيهم الجمهوريون».
وأضافت المجلة أن «ترامب لم يلتق برئيس المكسيك للإعلان عن نتيجة هذا الاتفاق المهم، واكتفى فقط بمحادثة صوتية»، واصفة ذلك بـ«الأمر الهزلي».
يأتي ذلك القرار قبل أقل من 3 أشهر على انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، معتبرة المجلة الأمريكية أن «توقيت ذلك القرار لأغراض انتخابية»، معللة أن «ترامب يسعى لتعزيز الدعم الجماهير للقاعدة الشعبية لحزب، والتي تتمثل في الفلاحين والعمال، الذين فقدوا الكثير من وظائفهم بسبب ذلك الاتفاق».
وأشارت إلى أن «ترامب سيواجه تحديا قانونيا، حيث ينص القانون على أن يتم إبلاغ الكونجرس ببدء التفاوض على تعديل الاتفاق قبل انطلاقها بـ90 يومًا، وهو ما فعله البيت الأبيض منذ عام، لكن لم يذكر أن يتم تغيير الاتفاقية بالكامل».
فيما أشارت وكالة «بلومبرج» الأمريكية إلى أن «ترامب أمهل كندا حتى، الجمعة، للانضمام للاتفاق، فيما يشكل ضغط على كندا للانضمام رغم وجود بعض القضايا المحورية، التي لم تحسم بعد، وترفضها كندا»، مشيرة إلى أن «السبب، الذي يحفز كندا للانضمام للاتفاق هو التنازلات الهامة، التي قدمتها المكسيك بشأن ملف أجور العمال».
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» أن «الاتفاق الجديد يضع كندا تحت ضغوطات»، مشيرة إلى «تكثيف كندا جهودها للانضمام إلى الاتفاق على عدة مستويات، لافتة إلى أن «رئيس الوزراء الكندي، جاستين ترودو، أجرى اتصالًا هاتفيًا بالرئيس الأمريكي، وتباحث الطرفان عن كيفية انضمام كندا للاتفاق الجديد».
وغادرت وزير الخارجية الكندية، كريستينا فريلاند، إلى واشنطن، لإجراء مباحثات بشأن انضمام بلادها إلى الاتفاق»، في حين صرح المتحدث باسم الخارجية الكندية بأن «كندا ستوقع على (النافتا)، التي ستفيد كندا والطبقة المتوسطة».
وتأتي تلك الخطوة بعد تهديد «ترامب» بفرض رسوم جمركية على السيارات الكندية حالة عدم انضمامها، مضيفًا أنه يأمل في انضمام كندا للاتفاق قبل يوم الجمعة».
وأشارت الصحيفة إلى «توتر العلاقات الشخصية بين ترامب ورئيس الوزراء الكندي منذ قمة دول السبع في (كيبيك)، حيث وصف الرئيس الأمريكي «ترودو» بالشخص «غير الأمين والضعيف».
في المقابل، ذكرت الصحيفة أن «ترامب يواجه تحديات في الكونجرس والرأي العام الأمريكي باستبعاد كندا من الاتفاق، وستواجه إدارته صعوبات في تمرير ذلك الاتفاق دون انضمام كندا، مع معارضة الكونجرس بحزبيه لتلك الخطوة إذا لم تنضم كندا للاتفاق».
ووصف رئيس اللجنة المالية بمجلس الشيوخ الأمريكي، أورين هاتش، الاتفاق الجديد بـ«الخطوة المهمة لكن تحتاج انضمام كندا»، في حين قالت غرفة التجارة الأمريكية، التي تعد أكبر لوبي اقتصادي في الولايات المتحدة، إنه «لكي يتم حماية 14مليون وظيفة تعتمد على الاتفاق يجب أن يظل الاتفاق ثلاثيًا».
كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أعلن، الإثنين الماضي، توصل بلاده لاتفاق مع المكسيك بشأن التجارة بين البلدين، وقال «إننا تعودنا قول (النافتا)، ولكننا سنقول من الآن اتفاق التجارة الأمريكية المكسيكية»، مشيرًا إلى إمكانية استبعاد كندا من الاتفاق «النافتا يعد أسوء اتفاق في التاريخ»، حسب قوله.
من جانبه، شدد الرئيس المكسيكي، إنريكه بينيا نييتو، على أهمية انضمام كندا للاتفاقية، ويعتبر ذلك الاتفاق بديلًا عن «النافتا»، حيث يقوم هذا الاتفاق على تعديل بعض القضايا المتعلقة بالاقتصاد الرقمي والزراعي وقطاع السيارات، وهو القطاع الذي عانت منه الولايات المتحدة كثيرًا، واستقر التعامل على قواعد «النافتا» القديمة في صناعات مثل الغاز والبترول والطاقة والاتصالات.
وينص الاتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك على أن «يكون 40- 45 % من العمالة، التي تعمل في قطاع السيارات تتقاضى 16 دولارًا في الساعة، وأن تبلغ نسبة المكون من صناعة السيارات 75% من دول منطقة (النافتا) بدلًا من 66.2%».
واتفق الطرفان على «مراجعة الاتفاقية كل 6 سنوات على أن يتم تمديدها كل 16 عامًا»، كما ينص الاتفاق على «إلغاء لجنة تسوية المنازعات في بعض القضايا»، الأمر الذي يشكل عقبة في انضمام كندا، حيث أصرت على بقاء تلك الآلية في الاتفاق الجديد في حين «تظل مسألة الرسوم الجمركية على الحديد (25%) والألومنيوم (10%)» نقطة خلاف بين البلدين، حيث أعربت المكسيك عن أملها في أن تقل تلك النسب.
وتبلغ إجمالي التجارة بين البلدان الثلاث أكثر من تريليون دولار أكثرها تقع تحت اتفاقية «النافتا»، التي وقعت عام 1994، وهي اتفاقية تنظم قواعد التجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، وتزيل القيود التجارية بين البلدان الثلاث، ومنذ 2017 بدأت البلدان الثلاث مفاوضات بشأن تعديل بعض بنود الاتفاقية.
*ينشر هذا الموضوع بالتعاون مع مركز تدريب المصري اليوم