أكد الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، أن مصر تعتمد على 97% من مواردها المائية التي تأتي من خارج حدودها شاملة المياه السطحية والجوفية مما يضاعف من أي تأثيرات للتغيرات المناخية على مواردها المائية، وان العجز المائي للبلاد وصل لنحو 90% يتم تعويضه من خلال إعادة تدوير المياه والذي يمثل 25% من الاستخدام الحالي، كذلك استيراد مياه افتراضية في صورة سلع غذائية لسد باقي العجز .
وأضاف عبدالعاطي، خلال رئاسته للجلسة الخاصة بقضية «المياه من المنبع إلى المصب»، التي عقدت على هامش فعاليات الأسبوع العالمي للمياه، الذي يعقد حاليًا بالعاصمة السويدية ستوكهولم، أن الدولة المصرية تعمل على توفير بنية تحتية قوية لمواجهة هذه المخاطر، وكذلك بذل جهود كبيرة من الجهات البحثية وعلى رأسها المركز القومي لبحوث المياه في هذا المجال، لافتاً إلى وجود العديد من المشروعات التي تهدف إلى تعزيز التكيف مع آثار التغيرات المناخية في الساحل الشمالي ودلتا نهر النيل والحد من مخاطر الفيضانات الساحلية على السواحل الشمالية لمصر بتمويل من صندوق المناخ الأخضر، بالإضافة إلى الاستثمارات المحلية المخصصة لتنفيذ تلك المشروعات.
وأوضح الوزير، إن دلتاوات الأنهار المنخفضة هي من أكثر المناطق في العالم عرضة لمخاطر التغيرات المناخية وارتفاع منسوب سطح البحر، وتعد أفريقيا من أكثر المناطق عرضة للتغير المناخي وخاصة في قطاع المياه، حيث أظهرت نتائج الدراسات أن معظم مناطق شمال وجنوب أفريقيا ستكون مهددة بمخاطر الشح المائي والتي تزيد التغيرات المناخية من تأثيراته، مما يستلزم اتخاذ الإجراءات الملائمة في الوقت المناسب للتكيف مع تغير المناخ وخاصة في دول حوض النيل وأفريقيا بشكل عام.
وأضاف عبدالعاطي، أن التغيرات المناخية سوف تزيد الضغوط على الموارد المائية وخاصة في دول العالم النامي نظراً لإعتماد إجراءات التكيف المناخي على القدرات الاقتصادية والبنية التحتية في هذه الدول، بالإضافة إلى إمكانات التأقلم بوجه عام على مواجهة المخاطر المختلفة.
وأوضح عبدالعاطي أن مصر تتعامل مع قضية التغيرات المناخية وأثارها باهتمام كبير في إطار التحديات المشتركة التي تواجه المنطقتين العربية وشمال أفريقيا والتي تقع كلاً منهما في إقليم مناخ جاف وتتشارك في العديد من التحديات ومنها ارتفاع مستوى الفقر والزيادة السكانية وضعف التمويل ونقص البنية التحتية والحاجة إلى استيراد المعرفة والتكنولوجيا مما يجعل الدول أكثر هشاشة أمام التغيرات المناخية.
وأشار عبدالعاطي إلى أن دلتا نهر النيل تتعرض للعديد من المخاطر نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر، والذي يؤدي إلى تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية والتأثيرات السلبية لذلك على الزراعة في شمال الدلتا، مما قد يتسبب في آثار بيئية واجتماعية جسيمة تستلزم اتخاذ إجراءات للتكيف مع التغيرات لمناخية وتنفيذ خطة متكاملة لحماية دلتا النيل.
وأضاف أن أحدث الدراسات العلمية لمنطقة الدلتا تشير إلى أنه من المتوقع أن يفقد 4 مليون شخص من سكانها عملهم نتيجة تدهور الأراضي بالدلتا وفقدها مما قد يؤدي إلى زيادة الهجرة غير الشرعية خارج البلاد، بخلاف التأثيرات الأخرى للتغيرات المناخية والمتمثلة في حدوث حالات من الجفاف وزيادة معدلات السيول.
ولفت عبدالعاطي إلى أن أكثر من 95% من مساحة مصر صحراء، وهي من أكثر بلاد العالم جفافا، ويتركز سكانها البالغ تعدادهم ١٠٠ مليون نسمة حول نهر النيل في الوادي والدلتا، وأن نقص المياه المتجددة بــ 2% سيؤدي إلى فقدان 200 ألف مزارع مصري لعملهم وهم من أقل الطبقات دخلاً مما سيؤدي حتماً إلى ارتفاع معدلات البطالة.
وأضاف أن مصر تسعى لتعظيم التعاون مع دول حوض النيل للوصول لحلول توافقية تحافظ على مصالح الجميع وأنها حريصة على استمرار التعاون معها، واستقرارها ومساعدتها اقتصاديا وفنياً والعمل على استغلال فواقد المياه في دول حوض النيل بدلاً من التنازع للحصول على حصص مائية وذلك في إطار التعاون الجماعي والتوصل إلى رؤية موحدة تجمع الكل معاً، مشددًا على أن مصر حريصة على أهمية استفادة دول المنبع من مياه النهر وإقامة المشروعات التنموية وبما لا يؤثر على استخدامات مصر وحقوقها المائية التاريخية.