أمام البوابة العريقة لمستشفى «الأنجلو أمريكان» بالزمالك، يقف رجال الأمن منتبهين، يسألون كل من يحاول الدخول عن هويته ولمن الزيارة، حتى إذا ذكر اسم «فلتاؤوس المقارى»، يقابل الطلب بالرفض الفورى، والتأكيد على أن الزيارة ممنوعة عنه لأن الأمر فى «يد الأمن ولا يخص المستشفى نهائيا».
بالحيلة تمكنت «المصرى اليوم» من الدخول بعد مماطلة مع أمن المستشفى، رصدنا هدوءا تاما.. الأمن يغلق باب الرعاية المركزة ويمنع الاقتراب منها نهائيًا.. وبعيدًا عنها بخطوات، تقف أسرة الراهب «فلتاؤوس» فى حالة سيئة حزنا عليه، وبين غفوة عين وانتباهتها، أُخرج «فلتاؤوس» محمولاً على نقالة يدفعها ممرضان بمنتهى السرعة إلى غرفة الأشعة، ومن خلفهما رجال الأمن، ثم يخرجان بنفس السرعة لإعادته لغرفته.
اقتربنا بحذر من «مارينا»، الشقيقة الوحيدة لـ«فلتاؤوس»، التى أكدت لنا أن آخر اتصال دار بينهما مساء الليلة السابقة لمحاولة انتحاره.
وقالت، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»: إنها «لم تلحظ عليه خلالها أى شىء غريب»، سألها عن أحوالها وأحوال زوجها وأبنائهما، وكعادته منذ حادث مقتل الأنبا إبيفانيوس، رئيس الدير، طلب منها أن تصلى لهم ليرفع الله هذه الغمة عن الدير، حسب قولها.
وأضافت «مارينا» أن الاسم العلمانى لشقيقها «ريمون رسمى منصور»، ويبلغ من العمر 33 سنة، ورغب فى الرهبنة منذ صباه، فقد كان دائماً ما يقرأ فى كتاب بستان الرهبان، وحاولت مرارًا هى ووالده إثناءه عن هذه الفكرة وعرضا عليه الزواج، إلا أنه رفض رفضًا تامًا وتمسك برهبنته؛ بل توجه إلى أصعب الأديرة القبطية فى الحياة الرهبانية على يد قداسة البابا الراحل شنودة الثالث فى يناير من عام 2009، وهو من نفس دفعة الراهب الذى جرده البابا تواضروس مؤخرًا من رهبنته، إشعياء المقارى.
وحول حالة الراهب الصحية، يتدخل جوزيف، زوج شقيقة الراهب، قائلاً: «كلام الأطباء المعالجين محدود للغاية، ولا نعرف ما إذا كان قد صدر تقرير طبى مكتوب حتى الآن من عدمه، ولكن ما أكده لنا الطبيب أنه مصاب بكسور فى الحوض والعمود الفقرى وحرق بالساق وقطع بشريان إحدى يديه». تعاود مارينا الحديث فتقول: «لم يكن شقيقى يفضّل الخروج من الدير إلا فى أحلك الظروف لتلقى العلاج من مرض السكر الذى يعانى منه، ووقت جنازة والدنا منذ عامين، فضلاً عن أنه كان دائماً ما يقدّم المحبة فى كل أحاديثه ويشيد بالأنبا إبيفانيوس ويصفه بأنه (عالم جليل ذو خبرة)». ووسط تشديدات أمنية مكثفة، يرقد «فلتاؤوس» داخل حجرة الرعاية المركزة بمستشفى «الأنجلو أمريكان» بالزمالك، إذ بدأ يستفيق تدريجيًا من المخدر الذى أُعطى إياه فور وصوله المستشفى لتسكين آلامه، فيما مُنعت عنه الزيارة تماما حتى انتهاء التحقيقات.