x

نيوتن لا ديمقراطية.. لا جمهورية نيوتن الإثنين 30-04-2018 02:02


عزيزى نيوتن..

كل التحية «للانتصار للديمقراطية» عبر عمودك لترسيخ قيمة من قيم الدمقرطة «الاختلاف وحرية التعبير». «آفة حارتنا النسيان» هكذا تحدث الراوى المصرى الجليل «نجيب محفوظ» فى مقدمة الملحمة المصرية العظيمة «أولاد حارتنا».

أريد أن أوضح للمهندس صلاح حافظ أن الديمقراطية منهج ونظام فارق معرفى سياسى، بله العراك مع اللاديمقراطية (أحادية النظام الفاشية والشمولية السياسية والدينية).

ليست الدمقرطة «يوتوبيا» ولا رؤية «خلاصية» ولا «دوجما» سياسية عقائدية، بل منهج سياسى متعدد. وليست نموذجاً جامداً عقائدياً، وليت المقام يسمح بالاسترسال حول تاريخية الليبرالية والديمقراطية وفلسفة الدولة والنظام السياسى من بركليس وأفلاطون وجون لوك ومونتيسكيو وفولتير وهوبز وماكس فيبر وتوكفيل وراسل. مَن يطالع مذكرات «جيفرسون» و«إمرسون» «وهاملتون» و«واشنطن» و«لنكولن» يعرف الوعى والإدراك السياسى، واستيعاب التاريخ السياسى والاجتماعى والثقافى للدمقرطة والديمقراطية لبناء الجمهورية والدولة والإصلاح، عبر قيم ووسائل الديمقراطية فى بناء دولة وجمهورية المؤسسات، ودولة القانون، ودولة الحريات، وخطورة «الابتسار» التاريخى والسياسى للتصورات السياسية ومقولات الصراع السياسى العسكرى المتوازية مع الصراع مع الاحتلال. الديمقراطية التى عبر التعددية (الأحزاب- المجتمع المدنى- الصحافة والإعلام الحر) وتداول السلطة (تغيير الأشخاص والبرامج) ودولة القانون (حكومة وبرلمان ورئاسة منتخبة) يمكن محاسبتها وإسقاطها، ليست أغلبية سياسية طاغية أبدية وحرية السوق والاقتصاد الحر، وتكافؤ الفرص والاستثمار الخارجى (لا تخوين ولا تأميم)- وانفصال السلطات التشريعية والقضائية القانونية الدستورية والتنفيذية.

دولة المؤسسات تحميك من تغول الشمولية والطغيان والأغلبية السياسية، التى تحاول الاستئثار بالسلطة والانفراد بالدولة (الحزب الواحد- الزعيم الملهم- القائد الركن) الدمقرطة التى تسمح لناعوم تشومسكى بنقدها وانتقادها (حرية التفكير والفكر والتعبير والاعتقاد) لم يغادر أمريكا «تشومسكى» وغيره من اليسار الأمريكى!!، رغم نقده اللاسياسى لسوء استخدام الديمقراطية، أو إساءة استخدام وسائل الديمقراطية.

أثناء الصراع السياسى مع الاحتلال الإنجليزى لم يفقد أو يغفل الآباء المؤسسون لثورة 19 وحزب الوفد أهمية الدمقرطة فى الإصلاح والتحديث فى بناء دولة القانون وانفصال السلطات ودولة المؤسسات والتصويت والانتخاب الحر، هل نسمى حصول حزب الوفد على الأغلبية عبر انتخابات حرة طغياناً سياسياً؟!!. وكذلك مؤسسو «الأحرار الدستوريون» الديمقراطيون الدستوريون المثقفون. وأثمر إيمانهم بالديمقراطية والدمقرطة ودولة القانون والمؤسسات دستور «23» الليبرالى الديمقراطى الذى ألغاه مَن أطلق على الديمقراطية «الشر المستطير» فى أزمة مارس 54، بل سارت المظاهرات تهتف: «تسقط الديمقراطية»، ومَن يطالع مذكرات سليمان باشا حافظ، الذى دعم مع «السنهورى» الافتئات على الديمقراطية وإلغاء الأحزاب والانتخابات والتعددية السياسية بله التشريع لمحاكم الغدر والعزل السياسى، كانا من أوائل ضحايا الاستبداد، بل الدمقرطة والفصل بين السلطات، ودولة القانون والمؤسسات، وحرية التعبير، واقتصاد السوق والاقتصاد الحر، والتنمية المستدامة والاستثمار وحرية حركة رأس المال، والشفافية وتكافؤ الفرص، والمجتمع المدنى والنقابات والإعلام الحر وتداول السلطة عبر صندوق التصويت الحر غاية للإصلاح والتقدم والحداثة. لا جمهورية ولا مؤسسات ولا حيوية فكرية وثقافية واجتماعية وسياسية بدون ديمقراطية.. «آفة حارتنا النسيان والطغيان وتمجيد الفتونة السياسية».

أحمد سعيد المصرى باحث وكاتب

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية