x

«عدوان الفجر» في سوريا يفجّر «براكين غضب.. وعواصف انقسام»

السبت 14-04-2018 21:23 | كتب: عنتر فرحات, وكالات |
آلاف السوريون فى الشوارع للتنديد بالعدوان وتأييد الأسد آلاف السوريون فى الشوارع للتنديد بالعدوان وتأييد الأسد تصوير : أ.ف.ب

ما بين «عواصف من الغضب والتهديد والوعيد والعواقب الوخيمة التى تنذر بوقوع بحار من الدماء» من جانب، وتأييد ومباركة يؤكدان الشرعية، ومطالب بـ«ضبط النفس» والامتناع عن كل عمل من شأنه أن يؤدى إلى تصعيد الوضع وإراقة المزيد من الدماء تباينت ردود الفعل الدولية، بين مؤيد ومندد ومحذر، بشأن الضربات الأمريكية البريطانية الفرنسية، على عدة أهداف عسكرية سورية، فجر السبت.

الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، من جانبه، أدان «بأقصى درجات الحزم» الضربات، وقال، فى بيان، إن «روسيا تدين بأقصى درجات الحزم الهجوم على سوريا حيث يساعد عسكريون روس الحكومة الشرعية فى مكافحة الإرهاب»، وأعلن أن بلاده دعت إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولى للبحث فى «الأعمال العدوانية للولايات المتحدة وحلفائها» فى سوريا.

وأضاف أن الضربات الغربية نُفذت «دون موافقة مجلس الأمن، وتنتهك ميثاق الأمم المتحدة ومعايير ومبادئ القانون الدولى» وتشكل «عملا عدوانيا ضد دولة سيادية تقف فى طليعة الدول المكافحة للإرهاب».

وفيما اعتبر السفير الروسى فى واشنطن، أناتولى أنتونوف أن الضربات تشكل «إهانة للرئيس الروسى» وستكون لها عواقب، وقال: «حذرنا من أن تصرفات كهذه ستكون لها عواقب»، مضيفا «لقد تم تجاهل تحذيراتنا». وأعلنت الصين معارضتها «استخدام القوة» عقب الغارات ودعت إلى العودة «إلى إطار القانون الدولى»- دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس كل الدول الأعضاء إلى «ضبط النفس» والامتناع عن كل عمل من شأنه أن يؤدى إلى تصعيد الوضع وتزيد من معاناة الشعب السورى.

من جانبه، أكد حلف شمال الأطلسى «ناتو» دعمه للضربات، ضد منشآت وقدرات النظام السورى للأسلحة الكيميائية، وقال إن هذه الضربات «ستقلص قدرة النظام على شن هجمات أخرى على الشعب السورى بأسلحة كيميائية». وأعلن الحلف اجتماعا لسفراء الدول الأعضاء فى مقره فى بروكسل لإتاحة الفرصة لفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإطلاع مجلس الحلف على التطورات الأخيرة فى سوريا.

وقال رئيس المجلس الأوروبى، دونالد توسك، إن الاتحاد يقف إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا فى ضرباتها الجوية، موضحا أن تلك الضربات توضح أن النظام السورى لا يمكنه مع روسيا وإيران الاستمرار فى هذه المأساة الإنسانية، على الأقل ليس دون ثمن سيقف الاتحاد الأوروبى إلى جانب حلفائه مع العدالة.

وندد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بالاستخدام «المشين» للأسلحة الكيميائية، ودعا المجتمع الدولى إلى كشف ومساءلة كل مسؤول عن مثل هذه الهجمات، فيما أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن حكومتها «تدعم» الضربات ضد النظام السورى، معتبرة أنها «تدخل عسكرى ضرورى ومناسب»، أكد رئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو أن كندا موافقة على قرار شن الضربات، واعتبرت إسرائيل أن الضربات «مبررة»، وقالت إن النظام السورى يواصل «أعماله المجرمة».

وتباينت التصريحات والبيانات الروسية والسورية من جهة، والغربية من جهة أخرى، حول نجاح الضربة فبينما أكدت البيانات الرسمية الغربية أن الضربة كانت ناجحة جدا وحققت أهدافها، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أنه تم تدمير 13 صاروخا «طراز توماهوك»، فوق منطقة الكسوة بدمشق، وأفاد نشطاء بأن الدفاعات السورية أسقطت نحو 15 صاروخا فى الكسوة.

وقال الجيش السورى فى بيان: «تعرضت سوريا لعدوان ثلاثى غادر فى الساعة الثالثة وخمس وخمسين دقيقة فجراً، حيث أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، نحو 110 صواريخ باتجاه أهداف سورية فى دمشق وخارجها، لكن دفاعنا الجوى تصدى بكفاءة عالية لصواريخ العدوان وأسقط معظمها». وأضاف البيان: «تم حرف مسار الصواريخ التى استهدفت موقعا عسكريا قرب حمص وأدى انفجار أحدها إلى إصابة 3 مدنيين بجروح».

وكشف مصدر أمنى سورى مطلع، لم يذكر اسمه، لوكالة «نوفوستى» الروسية أن الدفاعات الجوية السورية تمكنت من اعتراض أكثر من 20 صاروخا أطلقتها السفن والطائرات الحربية لدول العدوان، وذكر أن الصواريخ المجنحة المعادية استهدفت مركز بحوث وقيادة للحرس الجمهورى وأحد المطارات العسكرية وثكنات للقوات الخاصة السورية. وأكد أن صدى الانفجارات سُمع فى دمشق وريفها وفى بعض مناطق محافظة حماة.

وأعلن الجيش الروسى أن الدول الغربية الثلاث أطلقت 103 صواريخ «كروز» بعضها «توماهوك»، ونجحت أنظمة الدفاع الجوى السورية فى اعتراض 71 منها، بحسب الضابط الرفيع فى الجيش الروسى، سيرجى رودسكوى.

وقوبلت الضربات، بمواقف عربية متباينة، وفيما دعمتها كل من السعودية والإمارات والبحرين وقطر، انتقدتها العراق، وتحفظت عليها الأردن.

واعتبرت العراق أن الضربات «فرصة جديدة لتمدد الإرهاب الذى هزم فى العراق وتراجع فى سوريا»، وقالت وزارة الخارجية، فى بيان، إن الهجمات «أمر خطير جداً لما له من تداعيات على المواطنين الأبرياء». وأضافت: «تشدد بغداد على ضرورة الحل السياسى الذى يلبى تطلعات الشعب السورى، وأن عملا كهذا من شأنه أن يجر المنطقة إلى تداعيات خطيرة تهدد أمنها واستقرارها وتمنح الإرهاب فرصة جديدة للتمدد بعد أن تم دحره فى العراق وتراجع كثيرا فى سوريا». وجددت الخارجية العراقية دعوتها القمة العربية التى تلتئم اليوم فى السعودية، «باتخاذ موقف واضح تجاه هذا التطور الخطير».

وأكدت السعودية «التأييد الكامل» للضربات، واعتبرت أنها جاءت ردا على «جرائم» النظام السورى، وحمّل مصدر مسؤول فى وزارة الخارجية، النظام السورى «مسؤولية تعرض سوريا لهذه العمليات العسكرية»، متّهما المجتمع الدولى بالتقاعس عن اتخاذ «الإجراءات الصارمة» ضد هذا النظام. وأكّدت قطر تأييدها للضربات الغربية مطالبة باتخاذ «إجراءات فورية لحماية الشعب السورى وتجريد النظام من الأسلحة المحرمة دولياً». وكتب وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، فى تغريدة على «تويتر»: «أسرف النظام فى جرائمه، ولا بد أن يحاسب ويُردع»، ورأت البحرين أن العملية العسكرية كانت «ضرورية لحماية المدنيين فى جميع الأراضى السورية ومنع استخدام أى أسلحة محظورة»، بحسب بيان لوزارة الخارجية.

وأكدت الأردن أن الحل السياسى هو السبيل الوحيد لضمان أمن ووحدة سوريا، وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمى باسم الحكومة الأردنية محمد المومنى، إن «هذه الأزمة وإذ تدخل عامها الثامن، فإن الحل السياسى لها هو السبيل والمخرج الوحيد وبما يضمن استقرار سوريا ووحدة أراضيها وأمن شعبها». وجدد المومنى التأكيد على «موقف الأردن الثابت والداعى والداعم لحل الأزمة السورية سياسيا». وأوضح أن «الحل السياسى يحفظ وحدة الشعب السورى الشقيق ويعيد الأمن والاستقرار لسوريا»، محذرا من أن «استمرار العنف فيها يؤدى إلى المزيد من العنف».

وأدانت إيران وحزب الله، الهجمات، وندد المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى بشدة بالضربات التى شنّتها الدول الغربية على سوريا، ووصف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى بـ«المجرمين». وقال خامنئى، على حسابه على تطبيق «تليجرام»، إن «الهجوم الذى نُفّذ على سوريا جريمة، أقولها صراحة إن الرئيس الأمريكى والرئيس الفرنسى ورئيسة الوزراء البريطانية مجرمون، لن يحصلوا على شىء ولن يحققوا أى منفعة».

وحذر الرئيس الإيرانى حسن روحانى من أن الهجوم الذى شنته الدول الغربية الثلاث على سوريا، سيؤدى إلى مزيد من الدمار فى منطقة الشرق الأوسط. وقال روحانى: «مثل هذه الهجمات لن تسفر سوى عن مزيد من الدمار، الأمريكيون يريدون تبرير وجودهم فى المنطقة بمثل هذا الهجمات».

وأكد «حزب الله» اللبنانى، أن حرب واشنطن ضد سوريا لن تحقق أهدافها إثر ضربات وجهتها واشنطن وباريس ولندن ضد مراكز ومقرات عسكرية، وذكر الحزب، الذى يقاتل إلى جانب قوات النظام فى سوريا منذ عام 2013، فى بيان، أن «الحرب التى تخوضها أمريكا ضد سوريا وضد شعوب المنطقة وحركات المقاومة والتحرر لن تحقق أهدافها». وأدان الحزب «بأقصى شدة العدوان الثلاثى الأمريكى البريطانى الفرنسى الغادر على سوريا»، معتبرا إياه «انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية وكرامة الشعب السورى وسائر شعوب المنطقة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية