x

سليمان جودة رئاستان للدولة والوفد! سليمان جودة الأربعاء 28-03-2018 22:59


أمس.. أنهى المصريون عملية اختيار رئيس جديد، لأربع سنوات مقبلة.. وصباح غد سوف يختار الوفديون رئيساً للوفد، لأربع سنوات قادمة.. وفى الحالتين كان الرهان وسوف يظل على وعى الناخب، ثم على قدرته على الفرز، ومن بعد الفرز: الاختيار!

ومن حُسن الطالع أن يهطل المطر فى الساعات الأولى من ثالث أيام انتخابات الرئاسة، وأن يكون بين هطول المطر وبدء اختيار الرئيس الجديد للوفد ساعات معدودة على الأصابع!

إنه أمر يدعو إلى التفاؤل على مستوى الدولة، وعلى مستوى الوفد معاً، لأن العرب كانت دائماً تتفاءل بحبات المطر، وكانت ترى فيها طلائع خير، وكانت تلمح بينها بشارة من بشارات النور!

وربما يكون التزامن بين الاختيارين قد ظلم الوفد قليلاً، فلقد انشغل الناس بسباق الرئاسة.. وهو سباق يستحق.. ولولا انشغال الغالبية به لكانت قد انتبهت إلى أن معركة الرئاسة فى الوفد تستحق الانشغال بها هى الأخرى، وبالقدر نفسه من الاهتمام!

ففى العام المقبل، سوف تكون مائة عام كاملة قد مرت على نشأة الوفد، الذى لم يكن مجرد حزب على مدى سنوات النشأة والازدهار، وإنما كان على الدوام أكبر من حزب، ولم يكن يُشار إليه على أنه حزب فى أى مرحلة من مراحله.. كان الوفد وفقط.. وكان رئيسه هو رئيس الوفد وكفى.. كان الوفد كياناً أعم من حزب وأشمل.. وكان قادراً على أن يحتوى كل مصرى!

وليس فى مصر بيت إلا وفيه خلية وفدية نائمة.. قد تكون خلية من خلايا الجد فى الأسرة.. وقد تكون خلية من خلايا الأب.. وقد تكون واحدة من خلايا كامنة فى جسد الحفيد.. ولكنها فى كل الأحوال قائمة، وموجودة، وجاهزة.. وهى فى انتظار مَنْ يوقظ فيها الحياة!

وهذه هى مهمة رئيس الوفد الجديد التى لا مهمة له قبلها، فما أحوج البلد هذه الأيام، وفى المستقبل، إلى روح الوفد التى عرفناها على مدى تاريخه.. ولست متحمساً لحكاية إعادة بعث وفد سعد باشا، أو وفد النحاس باشا، أو وفد فؤاد باشا.. لست متحمساً لها لأن الماضى لا يعود، ولأن بديل الماضى هو دروسه، ولأن دروسه كفيلة بخلق حاضر أقوى من الماضى نفسه، إذا صادفت رجلاً يعرف كيف يستوعبها ثم كيف يوظفها!

إن روح الوفد هى التى جعلت طبيباً فى المحلة يُقسم بالله ذات يوم، أنه سمع الجنين فى بطن الأم يهتف: يحيا سعد!.. وهى الروح التى جعلت مرشحاً من آحاد المرشحين فى انتخابات البرلمان يهزم يحيى باشا إبراهيم الذى كان رئيساً للحكومة فى أثناء الانتخابات، وكان المرشح أمامه هو والد المهندس سيد مرعى، يرحمه الله.. كان أفندياً عادياً، ولكنه كان وفدياً.. ثم هى الروح التى جعلت مرشحاً وفدياً آخر يهزم إسماعيل صدقى باشا فى دائرته، فأطلقوا عليه لقب: قاهر صدقى!

ولم يكن هو فى الحقيقة الذى قهر صدقى، ولكن قهرته روح الوفد بين الناخبين!

هذه هى الروح التى نفتش عنها فى مسيرة طولها مائة سنة، وهى التى لابد أن تكون حاضرة أمام عين كل عضو جمعية عمومية، وهو يختار رئيس الوفد الجديد.. إننا نريد رئيساً للوفد يوقظ خلاياه التى تكمُن فى مكانها وتنتظر!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية