حضارة الفراعنة التى بدأت منذ حوالى خمسة آلاف عام. تركت آثارا عظيمة فى كل مكان. تذكرنا بهم كل يوم. كأن المقصود بكل هذه الآثار كان شخصاً واحداً هو زاهى حواس.
كأنهم كانوا يرسمون له طريق الشهرة العالمية التى وصل إليها. أرادوا أن يعطوه مبررا وسببا فنيا وعلميا يعيش من أجله ويتخصص فيه. وصل الأمر إلى درجة أنه إذا ذهب لإلقاء محاضرات فى أمريكا بمصاحبة جولة مجموعة توت عنخ آمون. يدفع كل من يحضر هذه المحاضرة 150 دولارا. مبلغ لو حسبناه بالجنيه فهو يزيد على 2500 جنيه. ثمن التذكرة لم تحصل عليه أم كلثوم فى عز شهرتها ومجدها.
زاهى حواس حالة. كأنه الوريث الشرعى الأشهر والوحيد لكل هذا الموروث الحضارى الذى تركه أجدادنا منذ آلاف السنين.
أصبح الرجل بمثابة جزء ليس من الواقع المصرى أو الحاضر المعاصر. بل يتعامل معه الأجانب باعتباره جزءا من الحضارة المصرية القديمة. باعتباره يمثلها وهو يتحدث عنها. هو بالفعل علامة مميزة لتلك الحضارة. ترك بصمته الخاصة على ذلك الميراث. توحد معه.
حواس. الابن البار للمصريين القدماء. المتحدث الرسمى باسم الفراعنة. حفر لنفسه سرداباً خاصا يوصله إليهم. أصبحت الحضارة المصرية القديمة فى أذهان الكثيرين مرتبطة بالدكتور زاهى. طريقته فى الشرح والكلام والكتابة عن ملوك الفراعنة. حتى قبعته الشهيرة. أصبحت دالة على جزء مرتبط بالحضارة المصرية القديمة.
وكأنهم كانوا يبنون كل تلك الحضارة من أجل شخص واحد. ليبهروه بها. فيتوحد معها. يهيم بها عشقا. يعيد تصديرها إلى العالم فى صيغتها الأولى البكر. كما دخلت قلبه فى المرة الأولى.
لم يعد البروفسير زاهى يعكس الحضارة المصرية من بشر وحجر. بل أصبح يجسد روح تلك الحضارة. بفضل ما تركه له آباؤه وأجداده الموغلون فى القدم. أصاب اختيار قدماء المصريين فى انتقاء من يمثلهم. من يأتمنونه على كل هذه الحضارة. كأنهم صنعوا كل هذا لينتهى إلى يد زاهى حواس.
علماء آثار كثيرون قبله. لهم اكتشافات باهرة. لكن هل منهم من سعى مثله بكل هذا الحماس لنشر ثقافتها. يجوب العالم كله ليظهر جمالها. هو لا يمشى فى شارع فى العالم إلا ويلتف حوله الناس من كل نوع.
إذا كانت الحضارة المصرية تركت لنا كنوزا. فقد تركت ضمن ما تركت هذا الشغف لدى رجل مثل زاهى حواس. حتى أصبح هو أيضاً كنزا يضاف إلى كنوزها.