أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الخميس، مقابلة مع شركة الأبحاث والاستشارات العالمية «أكسفورد بيزنس جروب».
واستعرض السيسي خلال المقابلة دور مصر في الشرق الأوسط على مدار 3 عقود، وأولوياتها فيما يتعلق بتحسين بيئة العمل في البلاد، وكيفية زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
كيف تطور دور مصر الدبلوماسي في الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاث الماضية؟
السيسي: لطالما كانت مصر لاعباً رئيسياً في المنطقة نظراً لموقعها الاستراتيجي، وارتفاع عدد سكانها وتأثيرها التاريخي والثقافي، وأدت الجهود الهائلة التي بذلتها الحكومة منذ 2014 إلى استعادة النفوذ الإقليمي والدولي لمصر، ومكنتها من تعزيز دورها الهام وتحمل مسؤولياتها في المنطقة.
ونحن مقتنعون بأنه لا توجد حلول عسكرية للصراعات الجارية في المنطقة، ولذلك، فإننا ندافع باستمرار عن حلول سياسية تحافظ على الوحدة والسيادة والسلامة الإقليمية، فضلاً عن المؤسسات والموارد الوطنية، في البلدان التي تمر بأزمات، بهدف إنهاء هذه الصراعات، خاصة في ليبيا وسوريا، حل القضية الفلسطينية هو أيضا أولوية أساسية لمصر خلال الفترة الماضية، بذلنا جهودًا مكثفة لتوحيد المعسكر الفلسطيني، وهو الهدف الذي تحقق بعد سنوات من الانقسام. فيما يتعلق بجهود مكافحة الإرهاب، وضعت إستراتيجية في خطابي في القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض في مايو 2017، وأكدت من جديد أننا بحاجة إلى نهج شامل لا يحد من محاربة المجتمع الدولي للإرهاب للتدابير العسكرية والأمنية، ولكنه يشمل أيضًا أبعادًا سياسية وإيديولوجية وإنمائية».
ما هي الأولويات عندما يتعلق الأمر بتحسين بيئة الأعمال في البلاد؟
السيسي: إن تحسين بيئة الأعمال في مصر هو في حد ذاته أولوية لخلق المزيد من فرص العمل والفرص وزيادة النمو الاقتصادي في نهاية المطاف، كان قانون الاستثمار الموحد من التدابير الهامة التي تم اتخاذها لتبسيط الإجراءات البيروقراطية وخلق بيئة أكثر ملائمة للأعمال للمستثمرين المحليين والأجانب، يحدد القانون الجديد القطاعات الرئيسية التي ستتمتع بحوافز أكبر، وسيؤدي تنفيذها إلى الحد من البيروقراطية بشكل كبير من خلال إدخال نظام التسجيل الإلكتروني للشركات، بالإضافة إلى اعتماد تسجيل النافذة الواحدة، ستستفيد الاستثمارات في المشاريع الاستراتيجية من الحوافز التي تشمل التخفيضات الضريبية والأراضي الحرة، قانون آخر تم تبنيه يمنح تراخيص صناعية للشركات في غضون سبعة أيام، بدلاً من 600 يوم مطلوبة سابقاً.
ومع ذلك نحن ندرك أن تحقيق تحسن ملموس في بيئة الأعمال يتطلب أكثر من مجرد اعتماد قوانين جديدة. بدلا من ذلك، فإنه يتطلب تعزيز ثقافة عامة مواتية للأعمال والاستثمار، وقادنا ذلك إلى إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار الذي يوفر إطارًا واسعًا لسياسة الاستثمار ويخطط لتنفيذه، ويتمثل دور المجلس في مراجعة سياسات الاستثمار في الدولة، وتحديد الأنشطة والمشاريع ذات الأولوية للقطاعات المتخصصة، ووضع إطار للإصلاحات الإدارية والتشريعية، وتحديد العقبات التي يواجهها المستثمرون والقضاء عليها.
كيف يمكن للبلد أن يحقق زيادة مستدامة في الاستثمار الأجنبي المباشر المتجه إلى الداخل؟
السيسي: تقوم وزارة الاستثمار بخطوات لتطوير الخريطة الاستثمارية للدولة وتحقيق التحسينات في تصنيف مصر في تقارير الأعمال والتنافسية العالمية.
علاوة على ذلك، يجري بذل الجهود لتعزيز الآليات الترويجية للاستثمار محلياً ودولياً، هذا بالإضافة إلى متابعة آليات تسوية نزاعات الاستثمار، وتعزيز بيئة الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة، علاوة على ذلك، يتم حالياً تنفيذ عدد كبير من المشروعات الضخمة، خاصة في البنية التحتية، بما في ذلك تطوير منطقة قناة السويس، بالإضافة إلى بناء مدن جديدة وعاصمة جديدة، وتوفر هذه المشاريع فرص استثمارية متنوعة ومتنوعة يمكن للمستثمرين من جميع أنحاء العالم الاستفادة منها، وتوفر مصر واحدة من أعلى معدلات العائد على الاستثمارات، بالإضافة إلى سوقها المحلية وموقعها الاستراتيجي الهام، مما يتيح للمصدرين الوصول بشكل تفضيلي إلى الأسواق العربية والأفريقية على حد سواء.
لقد عززنا بقوة الفرص الاستثمارية المختلفة التي يوفرها السوق المصري حاليا لشركائنا وأكدوا أن مصر الآن مفتوحة للعمل، ويسرنا أن نعلن عن زيادة في الاستثمارات الأجنبية الواردة خلال الفترة الماضية، مما يدل على أننا نسير في الاتجاه الصحيح.
ما هي الأولويات التالية لتحسين الصحة الاقتصادية والمالية في مصر؟
السيسي: لقد عالجت الحكومة المصرية بجرأة الاختلالات الهيكلية والكلية المستعصية وطويلة الأمد، وشرعت في سلسلة من التدابير الرامية إلى استعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو وخلق الوظائف من خلال اعتماد برنامج للإصلاح الاقتصادي.
ويعتمد برنامج الإصلاح على عدد من الركائز التي تشمل إعادة هيكلة الإعانات لضمان وصولها إلى المستفيدين المناسبين وتعديل السياسات النقدية لمصر. تم تعويم الجنيه المصري، وتعرض العملة لقواعد العرض والطلب، وتهدف هذه الإصلاحات إلى زيادة القدرة التنافسية لصادرات مصر واجتذاب الاستثمار الأجنبي من خلال خفض تكاليف الإنتاج، وحقق برنامج الإصلاح الاقتصادي لدينا حتى الآن نتائج مشجعة، والتي تشمل استقرار سوق العملات، وزيادة الاحتياطيات الأجنبية والنمو الاقتصادي الأقوى، ونتيجة لذلك، تم رفع التوقعات الاقتصادية في مصر من مستقر إلى إيجابي من قبل وكالات التصنيف الائتماني الدولية، في غضون ذلك تواصل الحكومة متابعة تنفيذ برنامج الإصلاح لضمان أن تحقق جميع أهدافها، ما يؤدي بالتالي إلى نمو اقتصادي أعلى وأكثر استدامة.
كيف تتحرك الحكومة للحد من تأثير التضخم وزيادة الاندماج الاقتصادي؟
السيسي: الحكومة المصرية تدرك تمام الإدراك التداعيات القاسية، التي جلبتها بعض الإصلاحات الاقتصادية على المواطن العادي، وفي المقابل نحن نقدر تقديرا عاليا القدرة على التحمل والفهم والوعي التي أظهرها الشعب المصري ونحن نواصل خططنا للتنمية. كان تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية مهماً للتخفيف من تأثير هذه التدابير، بما في ذلك التضخم.
يتمثل جوهر استراتيجية الحكومة المصرية في تطوير خدمات الرعاية الصحية والتعليم والإسكان والبنية التحتية التي يتلقاها المواطنون المصريون من أجل تحسين نوعية معيشتهم. هذا بالتوازي مع تنفيذ المشاريع الوطنية الكبرى وتشجيع الاستثمار لخلق فرص العمل. كما تدعم الحكومة الشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال لتشجيع الناس، وخاصة الشباب، لبدء أعمالهم الخاصة.
ما الذي يمكن أن يساعد على زيادة عمالة الشباب؟
السيسي: يعد تحسين جودة التعليم أولوية من أجل زيادة معدل تشغيل الشباب. ويمكن القيام بذلك عن طريق سد الفجوة بين متطلبات سوق العمل وتعليم الخريجين ومهاراتهم، ووضعت الحكومة خطة إصلاح شاملة للتعليم الأساسي، مسترشدة ببعض النماذج التعليمية الرائدة في العالم، مع التركيز على تعزيز جودة التعليم التقني والمهني، جنبا إلى جنب مع جهود الحكومة لتحسين نظام التعليم الرسمي، يلعب القطاع الخاص أيضا دورا قيما، وهو يفعل ذلك من خلال تنفيذ المبادرات المدعومة من الدولة التي تسعى إلى تدريب الشباب وتنمية مهاراتهم من أجل تعزيز قدرتهم التنافسية في سوق العمل، ما يزيد من فرصهم في الحصول على عمل مستقر طويل الأجل.