تمر السكك الحديدية حاليًا بفترة مشابهة لما حدث عام 2006، من حيث قلة عدد الجرارات وسوء حالة عربات الدرجة الثانية العادية والمطورة، بالإضافة إلى زيادة معدلات الحوادث، التي وصلت إلى متوسط 5 حوادث يوميًا.
«المصرى اليوم» حاورت المهندس عصام سليم، خبير السكك الحديدية، أول مؤسس لشركة «إيرماس» عام 2007، المسؤولة عن عَمْرات الجرارات والعربات «التابعة لوزارة النقل»، للوقوف على كيفية حل الأزمة آنذاك.
وقال «سليم» إن وزارة النقل رصدت آنذاك 1.2 مليار جنيه على 3 سنوات للصيانة وإجراء عَمْرات جسيمة للجرارات وعربات السكك الحديدية، لافتًا إلى أن الوزارة حاليًا تدرس إنشاء أول شركة لنقل البضائع عبر السكك الحديدية للاستحواذ على أكبر نسبة ممكنة لنقل البضائع.. وإلى نص الحوار:
* كيف نجحت تجربة تأسيس شركة متخصصة لعَمْرات الجرارات في حل أزمة السكك الحديدية عام 2006؟
- المهندس محمد منصور، وزير النقل الأسبق، كان لديه رؤية خاصة تتضمن فصل الإدارة عن الملكية في القطاعات الحيوية في السكك الحديدية، وبدأ في إنشاء شركات مملوكة للهيئة بالكامل، حيث أنشأ 7 شركات، كانت أول شركة هي «إيرماس» لتقوم بعَمْرات الجرارات وعربات الدرجة الثانية والمطورة، والوضع كان وقتها صعبا جداً من حيث العربات والجرارات، وكانت المشاكل تحاصر الوزارة سياسياً، وكان المتاح من الجرارات 40% فقط، وكانت هي المشكلة الحقيقية، لأن الهيئة كانت تقوم بتشغيل 1200 رحلة يومياً بـ300 جرار فقط.
* كيف نجحت في حل الأزمة؟
- الوزارة وفرت التمويل، ورصدت 1.2 مليار جنيه على 3 سنوات للصيانة وإجراء عَمْرات جسيمة للجرارات وعربات السكك الحديدية، لأن فلسفتنا أن العَمْرات الجسيمة هي استثمار في الجرارات، فهى تُطيل العمر الافتراضى للجرار 10 سنوات، ورفضت تماماً أسلوب «الترقيع» والعَمْرات الخفيفة والصيانة الدورية، ووضعت شروطا تتضمن أن يخرج الجرار من الورشة مثل الجديد، لأننا لا نمتلك رفاهية الوقت ولا المال للإنفاق على الجرار مرة أخرى.
وقد أصدرت وزارة النقل آنذاك قرارا آخر مهما ساعدنى في بداية تكوين الشركة، وهو ضم 3 ورش تكون تابعة للشركة، وهى ورش جبل الزيتون بالإسكندرية والسبتية بالقاهرة وكوم أبوراضى ببنى سويف.
* ما معنى «العَمْرة الجسيمة»، وما الفرق بينها وبين بقية العَمْرات الأخرى؟
- في العَمْرة الجسيمة نقوم بصيانة وعَمْرات جميع وحدات الجرار، وكأنه يتم تصنيعه من جديد بقطع غيار جديدة، فعندما أنشأنا الشركة وجدنا أن العَمْرات السابقة كانت تستسهل العمل، وتأخذ من الجرارات الموجودة لعَمْرة قطع الغيار لاستكمال العمل، ورفضت هذه الطريقة، لأن أمان القطار بالكامل يبدأ من الجرار، ولذلك كنا نقوم بفحص كل قطعة منه ونختبره بعد العَمْرة ونتأكد من سلامة البواجى والشاسيه قبل التأكد من المواتير، لأن سلامة الجزء السفلى من الجرار لا تقبل المساومة.
* كم عدد الجرارات التي قامت الشركة بعمل عَمْرات لها خلال مدة التعاقد ونوعها؟
- في 3 سنوات قمنا بعمل عَمْرات جسيمة كاملة لـ180 جراراً، منها 90 جراراً «هنشل» ألمانى و30 «جنرال موتورز» و60 كندياً، ونجحنا في رفع طاقة الجر من 40% إلى 70%، وهذه الجرارات لا تزال تعمل حتى الآن بالعَمْرات التي قمنا بها آنذاك، وهذا غير إجراء عَمْرات لنحو 3000 عربة مكيفة ومميزة ومطورة.
* من وجهة نظرك، لماذا تكررت الأزمة بعد 2011، على الرغم من وجود شركة حققت نجاحاً في مجال عَمْرات الجرارات؟
- هناك مجموعة من الأسباب، أعتقد أنه في مقدمتها عدم وجود تمويل بالعملة الأجنبية لتوفير قطع الغيار لاستكمال عَمْرات الجرارات، والاعتماد على الجرارات الجديدة، البالغ عددها 120 جراراً من «جنرال إليكتريك» و«موتورز»، فضلاً عن عدم وجود سياسة ثابتة، وتغيير عدد كبير من وزراء النقل والسكك الحديدية في وقت قياسى، ولكن السبب الأهم هو انفصال الورش الثلاث عن الشركة، وهذا جعلها تفقد أذرعتها في العمل، لأن الورش كانت بها إمكانيات كبيرة، وكان لها دور فعال في العَمْرات.
* لماذا لم تكتشف الشركة مشكلة الجرارات الجديدة، وتحاول أن تحلها ما دامت في نطاق عملها؟
- الجرارات الجديدة من شركة إليكتريك، والبالغ عددها 80 جراراً، وصلت مصر بداية من عام 2009، وكانت في فترة الصيانة تحت رعاية الشركة الأمريكية، والمشاكل لم تكن ظهرت بعد، ولكن هناك قرارا من وزير النقل في 2010 بوقف عمل هذه الجرارات في نقل الركاب، والعمل في البضائع فقط.
* وكيف ترى هذا القرار؟
- لابد أن يُعاد النظر فيه مرة أخرى، لأن الجرارات الجديدة جيدة، ولم تتسبب في حادثة في السكك الحديدية، ويجب على الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، أن يناقش هذه المشكلة مع الشركة الأمريكية، التي تقوم حالياً بإجراء عَمْرات لها حالياً في ورش التبين.
* ما أهم المشاكل التي تعانيها هذه الجرارات؟
- هذه الجرارات قوية وجيدة، وأعتقد أن ظهور شروخ في عجل الجرارات أثار فزعا بين الرأى العام، ولكن هذه مشكلة بسيطة، حيث نستطيع أن نحدد مواصفات «عجل» لا يتشرخ، خاصة أن الجرار ثقيل، أكثر من 4 آلاف حصان، أما مشاكل الفلاتر وغيرها فهى عادية، لأن الجرار به تجهيزات متعددة، وكان يجب أن يُخصص له نظام صيانة محدد.
* تقوم حالياً بإعداد مشروع لإنشاء شركة لنقل البضائع للسكك الحديدية لأول مرة.. ما أهم ملامحها؟
- نقل البضائع بالسكك الحديدية واحد من أهم المشروعات التي يقوم بها الدكتور هشام عرفات، لأن المكسب الحقيقى ليس من تذاكر الركاب ولكن نقل البضائع، ولذلك نقوم بعمل دراسة تأسيس الشركة مع شركة ألمانية، لتكون هي المسؤولة عن نقل البضائع في مصر، فضلاً عن إنشاء خطوط جديدة لنقل البضائع.
* هل ستدخل الشركة في مشروع خط فوسفات أبوطرطور؟
- كل مشروعات الخطوط الجديدة سندخل فيها، وفقاً لنظام الاستثمار الذي تقرره الوزارة.
* متى ستخرج هذه الشركة إلى النور؟
- قريباً سيتم الكشف عن المشروع، لأن هدف الشركة الرئيسى هو الاستحواذ على أكبر نسبة ممكنة لنقل البضائع في مصر، خاصة أن الطرق تستحوذ على 97% من البضائع، ونحن وضعنا في اعتبارنا مجموعة من الأهداف، في مقدمتها جدول ثابت ومنتظم للنقل، مثل نقل الركاب، وأيضاً مشاركة أصحاب المصلحة في المشروع من أصحاب المصانع ومالكى سيارات النقل الثقيل.