يوم بعد يوم، تزداد الأوضاع فى السودان تدهوراً وسط اشتعال الخلافات الداخلية والخارجية أيضاً، حيث كشف تحالف المعارضة السودانية المعروف بـ«قوى الإجماع الوطنى» عن توافق الأحزاب السياسية على تغيير الحكومة السودانية والالتحاق بموجة «الربيع العربى»، واعتبر التحالف قوى «الجبهة الثورية السودانية» - الذى تم الإعلان عن تشكيلها مؤخراً- لا تختلف عن هدفه فى إحداث التغيير، وأن الاختلاف فى الوسائل، بينما اتهمت الخرطوم رسمياً حكومة جنوب السودان بالاستمرار فى دعم الجماعات المتمردة من أجل إسقاط نظام الرئيس السودانى عمر البشير.
وقال المحامى كمال عمر - الأمين السياسى للمؤتمر الشعبى، عضو هيئة «قوى الإجماع الوطنى» الذى يضم أحزاب المعارضة الرئيسية لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، الاربعاء - إن هدف تغيير نظام «المؤتمر الوطنى» بزعامة البشير توصلت إليه قوى الإجماع الوطنى منذ 26 ديسمبر الماضى «قبل إجراء الاستفتاء على انفصال جنوب السودان، أى قبل اندلاع ما يعرف بالربيع العربى». وتابع: «لكن تحالف المعارضة تعرض فى الفترة الأخيرة لبعض المواقف الداخلية بسبب دخول الحزبين الكبيرين (الأمة بزعامة الصادق المهدى، والاتحادى الديمقراطى بزعامة محمد عثمان الميرغنى) فى حوار مع المؤتمر الوطنى»، لكنه استدرك قائلاً: «الآن، استوت الفكرة على تغيير النظام، ويتم الإعداد وسط القوى السياسية والشعبية ومنظمات الطلاب والشباب للالتحاق بالربيع العربى». ويواجه السودان أزمات اقتصادية منذ استأثر جنوب السودان بمعظم إنتاج النفط، وهو شريان الاقتصاد، حينما انفصل كدولة مستقلة فى يوليو الماضى. وقد شهد السودان مؤخرا سلسلة من الاحتجاجات الصغيرة فى العاصمة «الخرطوم» وشرق البلاد، احتجاجا على الزيادات الحادة فى الأسعار، لكن قوات الأمن تصدت لها وفرقتها.
وبينما أدان رئيس عمليات حفظ السلام فى الأمم المتحدة إيرف لادسوس تشكيل تحالف «الجبهة الثورية»، قائلا إنه «سيأتى بنتائج عكسية ويفجر مزيدا من العنف»، ومؤكداً أن «الأمم المتحدة مستمرة فى التشديد على أنه يجب على كل أطراف الصراعات المختلفة بين حكومة السودان ومناطقها الحدودية العودة إلى مائدة التفاوض وحسم خلافاتها من خلال الحوار السياسى».. اتهمت «الخرطوم» «جوبا» بالمساعدة فى إقامة هذا التحالف، ووصف ذلك بأنه عمل من أعمال «الخيانة والعدوان». وسلم مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة دفع الله الحاج، الثلاثاء، رسالة لرئيس مجلس الأمن تشير إلى دعم حكومة الجنوب المستمر لحركات التمرد بالسودان. من ناحية أخرى، أنكر «دفع الله الحاج» أى مسؤولية للقوات المسلحة السودانية بشأن مزاعم القصف الجوى الذى تتعرض له مخيمات اللاجئين فى جنوب السودان، بينما أكد وكيل وزارة الخارجية السودانية رحمة الله محمد عثمان استعداد وفد الحكومة لجولة المفاوضات المقبلة مع حكومة الجنوب المقررة السبت المقبل بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وأنها فى انتظار رد الطرف الآخر الذى سيحمله الوسيط الأفريقى ثابو أمبيكى.
يذكر أن القتال مستمر منذ شهور فى ولايتى «النيل الأزرق» و«جنوب كردفان» الحدوديتين الواقعتين شمال السودان، وهما الولايتان اللتان ترتبطان بعلاقات تاريخية بالجنوب، واللتان تضمان أعدادا ضخمة من مؤيدى الحركة الشعبية - شمال. ونفى المسؤولون الجنوبيون مرارا دعم رفاقهم السابقين فى السلاح فى الشمال. وحذر مراقبون من خطورة أن تجر النزاعات كلا من الخرطوم وجوبا إلى حرب تنسف المفاوضات بين الجانبين حول القضايا الرئيسية العالقة، منها ترسيم الحدود والنفط. وفى خطوة قد تزيد الأوضاع سخونة فى الداخل السودانى، كشفت مصادر فى حزب «المؤتمر الوطنى»، الحاكم فى السودان، لصحيفة «الصحافة» السودانية، الاربعاء، عن احتفاظ الحزب بجميع الوزارات السيادية فى التشكيل الحكومى الجديد المرتقب إعلانه، مشيرة إلى أن التشكيل خضع لـ«موازنات غاية فى الدقة». وذكرت الصحيفة أن المكتب القيادى للمؤتمر الوطنى سينظر اليوم فى تشكيل الحكومة التى ستعلن اليوم إذا ما أقرها الحزب.