كان الشيخ مصطفى عبدالرازق واحدا من رموز الوسطية والاستنارة وأحد رواد الحوار المتكافئ مع الآخر، وكان يحرص على زيارة المعارض التشكيلية وكان صديقا لرائد النحت المصرى محمود مختار، وشارك في حملة الاكتتاب التي نودى بها لإقامة تمثال نهضة مصر.
أيضا كان الشيخ مصطفى من الداعمين لأم كلثوم حينما هبطت إلى القاهرة، وفوق كل هذا فإن الشيخ عبدالرازق يعد رائدا من رواد الفلسفة الإسلامية وأول أستاذ جامعى يقوم بتدريسها من وجهة نظر إسلامية خالصة بعدما سادت النظرة الاستشراقية للفلسفة الإسلامية من خلال ربطها بالتراث اليونانى.
وينحدر الشيخ مصطفى من أسرة عريقة، اشتهر كثير من أبنائها بخدمة القضية الوطنية وهو مولود في ١٨٨٨ بقرية «أبوجرج» التابعة لمركز بنى مزار بمحافظة المنيا بصعيد مصر، ونشأ في كنف أبيه حسن عبدالرازق الذي كان عضوا بالمجالس شبه النيابية التي عرفتها مصر منذ عصر الخديو إسماعيل.
قضى مصطفى طفولته في قريته تعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وانتقل وهو في العاشرة إلى القاهرة، والتحق بالأزهر ودرس الفقه الشافعي، وعلوم البلاغة والمنطق والأدب وغيرها دعا الشيخ مصطفى إلى التوفيق بين العقل والنقل، وإلى تحرير العقل من التقليد لأن العقل هو أساس الإيمان الصحيح.
درس عبدالرازق أصول الفقه على الشيخ أبى الفضل الجيزاوى، والمنطق على الشيخ حسنين مخلوف وأحمدأبوخطوة وبعدحصوله على العالمية في ١٩٠٨ أخذ يشارك في الجمعيات العلمية والأدبية كالجمعية الأزهرية التي صار رئيسا لها.
وكانت معنية بشأن إصلاح التعليم في الأزهروفى١٩١١سافر إلى باريس للدراسة العليا، والتحق بالسوربون ودرس الفرنسية والفلسفة والاجتماع والأدب وتاريخه ثم تحول إلى جامعة ليون وهناك نال درجة الدكتوراه عن «الإمام الشافعى أكبر مشرعى الإسلام»، وبعد قيام الحرب العالمية الأولى عاد في ١٩١٤ وفى ١٩١٥ عين موظفا في المجلس الأعلى للأزهر، ثم سكرتير المجلس، ثم انتقل إلى القضاء الشرعى سنة ١٩٢٠ وعمل مفتشا بالمحاكم الشرعية وحين صارت الجامعة الأهلية في مصر جامعة حكومية انتقل إليها في ١٩٢٧م أستاذا مساعدا للفلسفة بكلية الآداب، ثم اختير وزيرا للأوقاف عدة مرات فكان أول شيخ أزهرى يتولى الوزارة في مصر، ومُنح لقب الباشوية ولم يخلع عمامته طوال حياته.
وفى ٢٧ من ديسمبر ١٩٤٥ عين شيخا للأزهر إلى أن توفى «زي النهارده» في ١٥ فبراير ١٩٤٧م.