أعرب المؤتمر الثالث للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية عن الاستنكار والرفض القاطع لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمةً للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وما يترتب عليه من سياسات وإجراءات تتعارض مع قرارات الشرعية الدولية.
واعتبر المؤتمر الذي عُقد بمقر الجامعة العربية، في بيان صدر عنه اليوم ووزعه البرلمان العربي، القرار لاغياً ومخالفاً للقانون الدولي، مما يستوجب العمل على إسقاطه، واعتبار الإدارة الأمريكية بعد هذا القرار الجائر فاقدة لأهليتها كراعٍ ووسيطٍ لعملية السلام، بعد أن واجه هذا القرار رفضاً وإجماعاً دولياً يفرض عليها مراجعة قرارها والعودة إلى المرجعيات الدولية ذات الصلة.
وأعرب رؤساء البرلمان العربي والمجالس والبرلمانات العربية عن تمسكهم بقرارات القمم العربية المتعاقبة بشأن مدينة القدس المحتلة، وقرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في اجتماعه الطارئ بالقاهرة بتاريخ 9 ديسمبر الماضي، وقرار البرلمان العربي في جلسته الطارئة بالقاهرة بتاريخ 11 ديسمبر الماضي، والبيان الختامي لقمة رؤساء المجالس البرلمانية العربية في الدورة الاستثنائية للاتحاد البرلماني العربي بمدينة الرباط بتاريخ 14 ديسمبر الماضي.
وأكدوا رفض سياسة الإدارة الأمريكية الهادفة لطرح مشاريع أو أفكار تتعلق بالقضية الفلسطينية خارجة على قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وسعيها لفرض حلٍ منقوصٍ لا يُلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، والتي ظهر جوهرها من خلال إعلانها عن القدس عاصمةً للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، وعدم إلغائها لقرار الكونجرس باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية منذ عام 1987، وإغلاق مكتب المفوضية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بتاريخ 17 نوفمبر 2017، وفرض العقوبات وممارسة الابتزاز السياسي بتخفيض إسهاماتها المالية لوكالة الأونروا إلى النصف، وتعرضها للشعب الفلسطيني وقيادته وعلى رأسها الرئيس محمود عباس.
وأكدوا أن مدينة القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وتشكل مسؤولية عربية وإسلامية ودولية، جماعية وفردية، رسمية وشعبية، تتطلب اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير العاجلة لإنقاذ المدينة المقدسة وإرثها التاريخي والأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية بمسجدها الأقصى المبارك وكنيسة القيامة، وحمايتها مما تتعرض له من أخطار وسياسات تهدف لتهويدها وتشويه وطمس هويتها العربية والإسلامية والمسيحية.
وأعربوا عن دعمهم لصمود الشعب الفلسطيني، خاصةً في مدينة القدس المحتلة، وطلبوا من الحكومات العربية والإسلامية تنفيذ قراراتها لدعم الصناديق الخاصة بالقدس من خلال دعم رسمي وشعبي للحفاظ على مؤسسات القدس التعليمية والصحية والاجتماعية والدينية والتجارية.
وطلب البيان من رئيس البرلمان العربي وضع خطة لتنفيذ القرارات ذات الصلة، كما طالبوا جامعة الدول العربية بتفعيل مكتب المقاطعة العربية للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، لمواجهة ما تفرضه الولايات المتحدة وإسرائيل من حصار مالي وعقوبات على الشعب الفلسطيني ومؤسساته.
وأكد المؤتمر دعم ومساندة القيادة والمؤسسات الفلسطينية وما اتخذته من سياسات وقرارات لمواجهة قرار الإدارة الأمريكية بشأن القدس للحفاظ على عروبتها كونها العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وتقديم الدعم اللازم لها في توجهاتها على كافة المستويات من خلال شبكة أمان مالية وسياسية عربية.
كما أكد دعم وتثمين دور المملكة الأردنية الهاشمية في تحركها السياسي من أجل القدس والقضية الفلسطينية والقيام بدورها ومسؤولياتها في الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والذي أكده الاتفاق الأردني الفلسطيني، وتأييدها في كافة المحافل الإقليمية والدولية باعتبارها إحدى أهم ضمانات الوجود العربي الرسمي في مدينة القدس.
وثمّن المؤتمر الموقف المبدئي للدول التي صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة برفض القرار الأمريكي اعتبار القدس عاصمةً للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، مدينا ومستنكرا الضغط على هذه الدول لتغيير موقفها.
ودعا الدول التي صوتت ضد القرار أو التي امتنعت عن التصويت إلى مراجعة موقفها والانضمام إلى الإجماع الدولي والالتزام بالقانون والمواثيق وقرارات الشرعية الدولية.
وطلب المؤتمر من مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في اجتماعه القادم تنفيذ قرار مؤتمر قمة عمّان عام 1980، الذي يُلزم الدول العربية بقطع جميع العلاقات مع أية دولة تعترف بالقدس عاصمةً للقوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) أو تنقل سفارتها إليها، والذي أُعيد تأكيده في عددٍ من القمم العربية، (بغداد عام 1990 والقاهرة عام 2000).
وأكد وجوب وقوف جامعة الدول العربية بحزم أمام بعض الدول التي خالفت قرارات الشرعية الدولية بعدم تصويتها لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بالقدس بتاريخ 21 ديسمبر الماضي.
وأكد في الذكرى الثلاثين لإعلان تأسيس دولة فلسطين بالجزائر (1988- 2018) على تمكين دولة فلسطين من عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، ومطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بعدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد طلب عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة.
ودعا المؤتمر كافة برلمانات ودول العالم للاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها مدينة القدس، والعمل مع تلك البرلمانات للضغط على حكوماتها لمقاطعة المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية في المجالات كافة.
وطالب برلمانات العالم بالعمل على نشر قاعدة البيانات من قبل الأمم المتحدة الخاصة بالشركات التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية.
ودعا إلى التأكيد على عدم قانونية الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ الخامس من يونيو/ حزيران عام 1967، ودعم المنظمات والفعاليات والأنشطة التي تهدف لمقاطعة القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل)، ودعوة دول العالم لفرض العقوبات على القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) لوقف انتهاكاتها وعدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني وممارسة نظام التمييز العنصري (الأبارتايد) عليه، ووقف انتهاكاتها لكافة القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة والمنظمات والهيئات الدولية الأخرى.
وقرر المؤتمر إعداد خطة تحرك برلمانية عربية بالتعاون بين البرلمان العربي والاتحاد البرلماني العربي واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لكشف خطورة القوانين العنصرية التي يُقرها الكنيست الإسرائيلي وكل القوانين الخاصة بمدينة القدس المحتلة التي أدت إلى إنهاء عملية السلام، وآخرها قانون يحظر على حكومة الاحتلال التفاوض على مدينة القدس، ومشروع قانون إعدام الأسرى، ومشروع قانون احتجاز جثامين الشهداء، وقرار اعتبار الصندوق القومي الفلسطيني منظمة إرهابية، وقرار حزب الليكود الحاكم بضم المستعمرات الاستيطانية، والعمل على استكمال ملاحقة وكشف وعزل الكنيست الإسرائيلي وقوانينه العنصرية في مختلف الاتحادات والجمعيات البرلمانية الإقليمية والدولية، خاصةً الاتحاد البرلماني الدولي، وصولاً لتجميد عضويته في هذا الاتحاد.
وطالب رؤساء البرلمان العربي والمجالس والبرلمانات العربية الأمم المتحدة بقيادة عملية السلام، وإعلاء مبدأ سيادة القانون الدولي، وحماية حق دولة فلسطين المُطلق في السيادة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والحفاظ على الوضعية القانونية لمدينة القدس المحتلة، استناداً إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وقواعد القانون الدولي، ومبادرة السلام العربية لعام 2002، والتأكيد على التمسك بها نصاً وروحاً، ورفض أية محاولات لتعديلها أو الخروج عن نصوصها، حيث لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية وسيطاً نزيهاً ومقبولاً في تحقيق السلام الدائم والشامل، وباتت بشكلٍ سافرٍ طرفاً في النزاع باتخاذها موقفاً منحازاً للاحتلال.
كما طالبوا الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالتدخل العاجل لإيقاف الجرائم اللاإنسانية التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) بحق الشعب الفلسطيني من تهجيرٍ وهدمٍ المنازل وعمليات الاغتيالات الميدانية والاعتقالات لأبناء الشعب الفلسطيني بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ وذوو الاحتياجات الخاصة، وتوفير الحماية الدولية لهم، واعتبار هذه الممارسات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وثمنوا دور الاتحاد البرلماني العربي في الدفاع عن القضايا العربية على كافة المستويات البرلمانية وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها وفي توحيد المواقف العربية البرلمانية، والتصدي لما يهدد مكونات الأمة ووجودها وهويتها.
كما ثمنوا خطة تحرك البرلمان العربي للتصدي لترشح القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي لعامي 2019- 2020، وإبراز كافة انتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني والقانون الدولي والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة.
ودعوا إلى التنسيق بين البرلمان العربي والاتحاد البرلماني العربي واتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد البرلماني الأفريقي والبرلمان الأفريقي لإدراج بند طارئ بشأن عدم المساس بالوضعية التاريخية والقانونية لمدينة القدس المحتلة على جدول أعمال الاتحاد البرلماني الدولي في دورته القادمة رقم 138 المقرر عقدها بجنيف خلال الفترة من 24- 28 مارس 2018.
وقرروا وضع مدينة القدس على جدول أعمال التصدي العربي لكافة الافتراءات ومحاولات التزوير التي تقوم بها القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) وجهات صهيونية أخرى لتشويه تاريخ المدينة وإرثها الحضاري العربي والإسلامي والمسيحي، على أن يتم ذلك التصدي بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية في دولة فلسطين وفي جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بما في ذلك إلزامية تدريس تاريخ القدس وأهميتها في مناهج الجامعات والمدارس العربية، وهو ما أكده مؤتمر الأزهر العالمي حول القدس.
واستنكروا استمرار عدوان القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) على قطاع غزة، وعلى باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس.
وطالبوا المجتمع الدولي بوقف هذا العدوان والتصدي للتهديدات بشن حرب جديدة على قطاع غزة، واتخاذ كافة الإجراءات لمساندة أهلنا فيه، ودعم كافة احتياجات صموده بما في ذلك حرية تنقل أفراده واحتياجاته الصحية والمعيشية وإعادة الإعمار، وحشد المجتمع الدولي لكسر حصار القوة القائمة بالاحتلال (إسرائيل) على قطاع غزة.
وأكد المؤتمر على الرفض القاطع للمساس بالدور المهم الذي تقوم به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والإصرار على المحافظة على استمرار رسالتها طبقاً لقرار تأسيسها رقم (302)، والربط الدائم بين إنهاء عملها وبين تنفيذ القرار رقم (194) والقاضي بعودة وتعويض اللاجئين، باعتبار حق العودة حقاً فردياً وجماعياً مقدساً غير قابل للتصرف، ورفض تحويل مهام عملها إلى الدول المضيفة للاجئين.
ودعا المجتمع الدولي للحفاظ على تفويض وكالة الأونروا وتطوير مواردها المالية اللازمة لموازنتها وأنشطتها على نحو مستدام يمكّنها من مواصلة تقديم خدماتها لضحايا النكبة عام 1948 باعتبار ذلك حقاً يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية الوفاء به وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194) بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة، ورفض أية شروط لاستمرار دورها.
وأكد البيان الصادر عن المؤتمر ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني والالتزام الأمين والصادق من كافة الأطراف ببنود اتفاق المصالحة المُوقع بالقاهرة، وتثمين دور جمهورية مصر العربية في المصالحة الوطنية الفلسطينية.
ووجه المؤتمر التحية لنضال وصمود الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ودعا لدعمهم في مواجهتهم اليومية مع السجان، كما دعا المؤسسات العربية والدولية لمتابعة قضاياهم في كافة المحافل إلى حين الإفراج عنهم، واستنكار اعتقال الأطفال وترويعهم بمن فيهم عهد التميمي التي أصبحت رمزاً للكبرياء الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وغيرها من آلاف الأطفال.