وسط عناوين جناح «الدار المصرية اللبنانية» فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، تجد الكاتب والروائى الراحل مكّاوى سعيد، فى جِلسته المُعتادة على مقهى «زهرة البستان»، لكنّه يطل هذه المرّة من غلاف كتاب، إلى جواره عنوان ربما هو الأجدر على التصدّى له، ليسرد لنا حكاياته عن «القاهرة وما فيها»، آخر ما كتب الراحل وأحدث إصداراته، وكأنّه يأبى الغياب فى هذا المحفل الصخب.
فى كتاب «القاهرة وما فيها» يسرد لنا «مكّاوى» - كعادته - حكايات وأمكنة وأزمنة وتواريخ وتواثيق وطرائف فنية وسياسية ونوادر قد لا يعرفها الكثيرون، وصورًا نادرة للتدليل على أهميتها وقيمتها، ونحو إضاءةٍ على موهوبين أثروا حياة القاهرة الفنية كوميض ثم غابوا ونأى الزمن بهم فلم يذكرهم أحد.
ويضم الكتاب بعضا من آخر مقالات الكاتب الراحل فى «المصرى اليوم»، ومنها «تبقى فى بقك وتقسم لغيرك»، «على مبارك وزكى جمعة»، «حينما صار العنب المجفف من المحرمات»، «ما لم يخطر ببال كلوت بك»، «محلات المواساة بين العايقة والمقطورة»، «ليالى الأنس فى الأزبكية»، «مغنية ضعيفة فى مواجهة زعيمة سياسية»، و«حكاية العضو رقم 444 بنقابة الممثلين الألمان».
«القاهرة وما فيها»، ليست الطلّة الأولى والوحيدة لمكاوى سعيد فى الدورة الحالية لمعرض الكتاب، إذ أُطلق اسمه على مخيّم ملتقى الإبداع فى المعرض، والذى يضم فعاليّات يوميّة تحت عدد من المحاور، محور «القوى الناعمة» والذى يضم ندوات ونقاشات حول الأدب والقوى الناعمة، محور «فى ديوان الشعر» والذى يناقش عددًا من الإصدارات الشعرية حديثة الصدور، محور «على مائدة السرد» ويناقش الإصدارات الروائية الأخيرة، ومحور «كاتب وتجربة» والذى يضم ندوات حول كتّاب وأدباء أثروا الحياة الثقافيّة، ويعد هذا التقليد الأول للعام الحالى، إذ تم إطلاق أسماء رموزٍ مصرية على مخيمات المعرض، مثل تسمية مخيم الفنون باسم الفنانة الراحل مؤخرًا شادية، والمسرح المكشوف باسم رائد الفنون الشعبية زكريا الحجاوى، وكذا اسم مكّاوى سعيد على ملتقى الإبداع، ليظل فى غيابه أكثر حضورًا، ملتقى للإبداع كما عهده أصدقاؤه من الكتاب، وأدبًا عصيًا على الغياب بين عناوين معرض الكتاب، وحكاياتٍ تُزكيها الروح ولا يُفنيها الجسد.