قال الخبير السياسي الإيراني سعد الله زارعي، إن الثورة الإيرانية كانت على مدار العقود الأربعة الماضية، أكبر الهواجس الفكرية لأمريكا، بريطانيا والكيان الصهيوني والغرب عامة.
وأضاف الخبير في بيان له، لولا التقدم السريع والأصيل للعلوم النووية الإيرانية، لما طرح الملف على طاولة دولية للحوار ولما تم الاتفاق، ولولا قدرة إيران في حل معضلة الارهاب التكفيري ذات المنشأ الخارجي والتي تغذت ونمت في ظل الرعاية الأجنبية، لما كان الأعداء ليسعوا إلى فرض العقوبات على القدرة الدفاعية الإيرانية والنظام الصاروخي الإيراني القوي.
وأكد بأن إعادة انتخاب الرئيس روحاني عكست الاستقرار في إيران والدعم الكبير من قبل عشرات الملايين للنظام السياسي ،مشيرا إلى أن العداء الأمريكي والصهيوني للثورة الإيرانية وسياساتها في المنطقة أمر واضح للجميع ولا حاجة لاثباته حيث أعلن دونالد ترامب أنه آن أوان التغيير في إيران، وأعلن بطريقة خارجة عن المبادئ الديمقراطية أنه يدعم معارضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية بجميع الامكانيات. أما المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة نيكي هيلي، أعلنت أنها تطالب الشعب الإيراني والساخطين من الأوضاع الاقتصادية أن يلتحقوا بمثيري أعمال الشغب.
وتابع: قبل عدة شهور قال وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون في 14 يونيو 2017 أكد في كلمة أمام الكونجرس الأمريكي على ضرورة بذل المزيد من الجهود للحد من توسع النفوذ الإيران في المنطقة والسعي لاحباط الحرب الإيرانية على الإرهابيين في العراق وسوريا، وتكلم بصراحة عن «دعم عناصر داخل إيران تسعى لتغيير النظام السياسي.
واتهم الخبير السياسي السعودية بالمشاركة في هذا الحدث؛مشيرا إلى أن هناك مجموعتان في إيران لعبا دورا رئيسيا في الاضطرابات وهما منظمة «مجاهدي خلق ومجموعة دعاة الملكية الذي يحاولون العودة بإيران إلى الوراء، لافتا إلى أن ان هويات الوجوه الرئيسية في الاضطرابات الأخيرة بإيران تكشف أن 40 % من المشاركين ينتمون إلى المجموعة الأولى و20% آخرون ينتمون إلى المجموعة الثانية؛ كما أن دراسات أخرى أوضحت أن 76% من رسائل وسائل التواصل الاجتماعي في تويتر وغيره جاءت من خارج الحدود الإيرانية وبصورة خاصة من السعودية وإقليم كردستان العراق وأغلبها أرسلت من قبل المجموعتين.
وتابع: إن حركة الثورة الإسلامية مبنية على أساس احباط عنصر المفاجئة، بتوقع الاضطرابات بعد قيام الثورة، وهو ما دفع قائد الثورة آية الله الخميني بتشكيل حرس الثورة الإسلامية في الأيام الأولى التي تلت انتصار الثورة، لتوقعه تعرض البلاد لهجمة من قبل العراق.
وأشار إلى أن إيران مثلها مثل سائر البلدان تعاني من مشاكل، قيود وظروف خاصة، ومن الناحية الاقتصادية فإن جميع البلدان وبصورة خاصة بلدان غرب آسيا تخوض غمار مواجهة مع العديد من المشاكل، وفي هذا الصدد فإن المشاكل التي تواجهها إيران أخف وطأة بالمقارنة مع مشاكل البلدان المحيطة بها، فلا تزال أسعار المواد الغذائية، الأدوات المنزلية وتكاليف النقل، العلاج والدراسة أقل مما هي عليه في بلدان الجوار؛ كما أن معدل دخل الإيرانيين أعلى من معدل دخل المواطنين في البلدان المحيطة بإيران، كما أن أوضاع المعيشية للشعب الإيراني شهدت تحسنا كبيرا بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل انتصار الثورة الإسلامية.
وأكد أن الشعب في إيران غير راضٍ عن مسار حركة حكومة روحاني على الرغم من ان سياسة حكومته في كبح جماح التضخم حققت نجاحا لافتا، إلا أنها أدت بالتزامن مع ذلك إلى ركود اقتصادي، وفي هذا الصدد، قامت الحكومة برفع تكاليف أغلب الخدمات الحكومية بنسبة تتراوح بين 50-100% بهدف تحريك عجلة الاقتصاد والخروج من الركود الاقتصادي، إلا أن هذه الحركة لم تكن منطقية، بل تعد صدمة شديدة للسوق، موضحا أن سياسة رفع تكاليف الخدمات الحكومية تدفع «اقتصاد الغد» نحو الأفضل، ولكنها تضع «اقتصاد اليوم» أمام تهديد حقيقي.
وأكد إن تجربة أعمال الشغب لخمسة أيام من 28 ديسمبر 2017 إلى 1 يناير 2018 أثبتت خطأ الفرضية الأمريكية، حيث أن تركيبة الضغوط الاجتماعية، بالإضافة إلى بعض النتائج الاجتماعية الناجمة عن الديمقراطية لم تتمكن من شق صف النظام الإيراني.