مع اقتراب اليونان من شبح الإفلاس على خلفية تفاقم أزمة الديون، توصل الحزبان السياسيان الرئيسيان فى البلاد إلى اتفاق سياسى على تشكيل حكومة «وحدة وطنية» لمحاولة إخراج البلاد من الأزمة المتصاعدة، مع تعهد جورج باباندريو بالاستقالة من رئاسة الوزراء، كما اتفق الحزبان على الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة فى 19فبراير المقبل.
وستكلف الحكومة الجديدة بتطبيق الخطة الأوروبية لمعالجة أزمة الديون - التى أقرت فى نهاية أكتوبر فى بروكسل- قبل إجراء انتخابات مبكرة، وفق ما جاء فى بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اليونانية صدر إثر لقاء بين زعيم حزب «الديمقراطية الجديدة» اليمينى المعارض، أنتونيس ساماراس، ورئيس الوزراء زعيم حزب «باسوك» الاشتراكى، جورج باباندريو، وفى هذا الإطار، أعلنت وزارة المالية أن الحزبين اتفقا على الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة فى 19 فبراير.
وفيما تخوض اليونان سباقاً مع الزمن لتجنب إعلان الإفلاس قبل منتصف ديسمبر والخروج من منطقة اليورو، علق الاتفاق أزمة سياسية حادة أدت إلى سحب مشروع الاستفتاء الذى دعا إليه رئيس الوزراء بهدف المصادقة على الخطة الأوروبية. واقتصادياً، ارتفعت أسهم البنوك اليونانية أكثر من 7% فى مستهل تعاملات الاثنين.
وأراد باباندريو تجنب حدوث «فراغ فى السلطة» وربط استقالته باتفاق على الحكومة، لكن زعيم المعارضة «ساماراس» كان يطالب بعكس ذلك، حيث كرر رفضه إجراءات التقشف «بوضعها الحالى» وطالب باستقالة باباندريو وتنظيم انتخابات مبكرة على الفور.
وعامل الوقت ليس فى صالح اليونان التى تعتزم البدء بالتفاوض خلال اجتماع مجلس مجموعة اليورو على الحصول على دعم بقيمة 80 مليار يورو بحلول فبراير فى إطار اتفاق تخفيف الديون الذى توصلت إليه منطقة اليورو فى أكتوبر، لكن عليها أيضاً بحسب إلياس موسيالوس، المتحدث باسم الحكومة اليونانية، أن تصادق على هذه الخطة فى البرلمان قبل نهاية 2011- وهو شرط لتلقى اليونان مساعدات مالية جديدة من المجتمع المدنى - ما سيؤدى إلى تضحيات جديدة من جانب اليونانيين.
وكان ساماراس زعيم المعارضة اليمينية المعروف بتصلبه خلال مسيرته السياسية التى بدأها قبل 60 عاماً، قد ندد منذ عامين بالسياسة التى تمليها الجهات الدائنة على البلاد، معتبراً أن فرض التقشف بأى ثمن يهدد بضرب الاقتصاد، لكن فى مواجهة احتمال الإفلاس الكامل للبلاد بحلول ديسمبر المقبل، تعهد للمرة الأولى بدعم التصويت على خطة بروكسل. وبينما لم يتردد المسؤولون الأوروبيون مؤخراً عن التحدث علناً عن احتمال خروج أثينا من «منطقة اليورو»، يرى بعض المسؤولين السياسيين والخبراء الاقتصاديين إنه لم يعد من المجدى تشديد الضغوط على اليونان، منتقدين اقتصار خطط النهوض بهذا البلد على إجراءات التقشف، واعتبروا أن المواطنين اليونانيين دفعوا ثمناً باهظاً للأزمة بتحملهم تخفيضات شديدة فى الأجور والمعاشات وارتفاعاً كبيراً فى الأسعار وتسريح عشرات آلاف الموظفين وزيادات فى الضرائب. وحذر «النواب الخضر» فى البرلمان الأوروبى من أن «اليونان لن يتوصل إلى المزيد من الاستقرار بفعل برنامج لا يرتكز سوى إلى تصحيح المالية»، داعين إلى «برنامج إعادة إعمار» لهذا البلد.
ولفت سايمون تيلفورد، من مركز الإصلاحات الاوروبية فى لندن، إلى أن التقشف المفروض على اليونانيين «مسرف للغاية» معتبراً أن «منطقة اليورو تتحمل قسماً كبيراً من المسؤولية فى الوضع اليونانى الحالى»، ويشاطره الرأى هنرى ستيردينياك من المرصد الفرنسى للأوضاع الاقتصادية إذ يعتبر أن إجراءات خفض النفقات العامة وزيادة الضرائب تتسبب بـ«تدنى النشاط وعدم تمكن الدول من الالتزام بأهدافها على صعيد المالية العامة، ما يضع الحكومات فى وضع هش ولا يساهم فى طمأنة الأسواق»، ويدعو الخبراء إلى «إعطاء اليونانيين المزيد من الوقت لتسوية مشكلاتهم، وضمان دينهم ووضع خطة للنهوض بالصناعة تركز على دول جنوب أوروبا».