اختتم الملتقى السنوى الرابع لـ«منتدى تعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة» أعماله، الخميس، فى أبوظبى، وسط إجماع من المشاركين فى فعالياته، على وجود قصور لدى فئة واسعة من الشباب المسلم حول معنى الجهاد فى الإسلام، محملين الغرب نتائج تفشى ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، التى اعتبروها صنيعة غربية ليست موجهة ضد الإسلام بقدر ما هى موجهة لحماية الذات الأوروبية.
وأوصى المشاركون فى المنتدى بتأسيس مرصد دولى للإسلاموفوبيا وأنواع الكراهية، يكون منبراً للدراسة العلمية عن أسبابها ومظاهرها، لتقديم اقتراحات بسبل التصدى لها، وتنظيم ملتقيات على الصعيد الدولى، لمؤسسات التواصل والحوار بين الديانات والثقافات، لتقويم المنجزات وتبادل الخبرات وتوحيد الجهود، والعمل على تأسيس برامج علمية ومنح دراسية، لتشجيع التعارف وتبادل الخبرات بين أقسام الدراسات الشرعية فى جامعات العالم الإسلامى، والجامعات المعنية بتدريس الأديان فى الغرب.
كما أوصى المنتدى بتخصيص جائزة سنوية لأفضل الدراسات الإسلامية والإنسانية والاجتماعية فى موضوعات التعايش والتعارف.
وشدد المنتدى على ضرورة إشاعة قيم السلم والتعايش والمحبة بين الأديان وبين البشر فى مختلف منابر التأثير والتنشئة، خاصة تلك الموجهة إلى الطفولة والشباب، مع مزيد من العناية بالجوانب الرمزية والإبداعية، وشبكات التواصل الاجتماعى، لسهولة استعمالها واتساع نطاقها وفاعليتها.
وأكد المشاركون الحاجة الماسة لمراجعة المناهج الدراسية فى المجتمعات المسلمة، فى ضوء قيم الإسلام الأصيلة بما تضمنته من تسامح واحترام لبقية الأديان والثقافات، وحث على حسن معاملة معتنقيها، بما تختزنه التجربة التاريخية للمجتمعات المسلمة فى هذا المجال من ثراء وعطاء، وأكدوا أن هذه المراجعة ضرورية أيضاً على المستوى الدولى للتحقق من مدى استجابة المناهج الدراسية عموماً لمقتضيات العيش المشترك، وإشاعة قيم احترام الاختلاف والتعارف والتسامح والتضامن.
وشدد المشاركون فى المنتدى على أهمية ربط حرية الإعلام بالمسؤولية عن السلم الاجتماعى والدولى، موضوع النقاش، بسبب اختلاف السياقات الفكرية والثقافية، مطالبين بضرورة وضع ميثاق شرف إعلامى عالمى، ينضم إليه المؤمنون بهذا التوجه، وأن يسعوا إلى توسيع أنصاره، وتضييق مساحة الخلاف بينهم وبين معارضيه، لمصلحة التعايش والسلم بين البشر.
وانتهى المشاركون فى الملتقى الرابع للمنتدى إلى خطورة ظاهرة الخوف من الإسلام وآثارها، لأن خطاب الخوف من الإسلام يؤدى إلى أضرار عظيمة، وشروخ جسيمة داخل نسيج المجتمعات المركبة، ويضر بنموذج العقد الاجتماعى القائم على أسس المواطنة المتساوية، فضلاً عن كونه مجافياً لميزان العقل والأخلاق.
وأفاد المنتدى بأن علاج ظاهرة الإسلاموفوبيا يمكن مقاربته من خلال دوائر ثلاث وهى: إعادة ترتيب البيت الإسلامى، والحوار مع الآخر، والتحالف مع أهل الأديان ومحبى الإنسان، وأن المنظومة الفكرية فى نطاق المجتمعات المسلمة تحتاج بشدة إلى التجديد بإبراز المناهج الصحيحة، والمآخذ السليمة فى التعامل مع نصوص الكتاب والسنة، وأنه من أعمدة هذا التجديد النظر إلى المفاهيم الشرعية والأحكام الجزئية، فى ظل القيم الأربع الحاكمة فى الشريعة: الرحمة والحكمة والعدل والمصلحة، مشيراً إلى أن كل المجتمعات صارت خليطاً من الأجناس والأعراق والأديان واللغات، وهذا التنوع فى المنطق الدينى والإنسانى ينبغى أن يكون محفزاً على العمل الإيجابى والتعارف والتعايش.