x

حسام بدراوي: اتهام «شفيق» بالخيانة «عيب».. وأتوقع 3 سيناريوهات لـ«الرئاسة» (2- 2)

الأربعاء 06-12-2017 23:07 | كتب: شريف عارف |
المصري اليوم تحاور«الدكتور حسام بدراوى»، آخر أمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل المصري اليوم تحاور«الدكتور حسام بدراوى»، آخر أمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل تصوير : أدهم خورشيد

قال د. حسام بدراوى، آخر أمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى «المنحل»، إنه يتوقَّع 3 سيناريوهات لانتخابات الرئاسة فى العام المقبل. وقال إنه يخشى ألا يكون المرشح المنافس للرئيس فى «المستوى التنافسى»، وينتهى الأمر بعزوف الناخبين عن الذهاب إلى صناديق الانتخابات!

وحول ما أثير عن مسألة ترشح الفريق شفيق لانتخابات الرئاسة أكد «بدراوى» أن هناك الكثير من «التشويش» والحقائق الغائبة فى الموضوع، وأنه لا يريد أن ينساق إلى رأى دون حقائق يتضح فيما بعد عدم دقتها.

ويكشف د. بدراوى- فى الجزء الثانى من حواره الخاص لـ«المصرى اليوم»- عدداً من الأسرار التى تُنشر لأول مرة حول الأيام الأخيرة قبل تنحِّى الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والمقابلة التى أقنعه فيها بإعلان التنحى.. وإلى الجزء الثانى:

المصري اليوم تحاور«الدكتور حسام بدراوى»، آخر أمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل

■ فى الحديث الذى يدور بالشارع المصرى الآن حول الانتخابات الرئاسية المقبلة.. ما تصورك- كسياسى- لسيناريوهاتها؟

- لدىَّ 3 سيناريوهات أو تصورات للانتخابات الرئاسية المقبلة. الأول أن المرشح المنافس للرئيس لن يكون فى المستوى التنافسى، وينتهى الأمر بعزوف الناخبين عن الذهاب إلى صناديق الانتخابات، ويتم انتخاب الرئيس، ولكن هذا السيناريو سيفقد الدولة «مصداقيتها».

■ .. وما السيناريو الثانى..؟

- أن يتنافس أمام الرئيس مرشح أو أكثر أقوياء، لهم مصداقية عند الجماهير، ويتبارى الثلاثة أو الاثنان أمام الناس، ويتم انتخاب واحد منهم بعدما أقنع الجماهير بشخصه وبرنامجه.

■ .. وإلى أى مدى ترى فرصة تحقيق ذلك السيناريو؟

- هذا التنافس الحقيقى على السلطة سيفيدنا فى أمرين؛ الأول أن لحظة الانتخابات هى اللحظة التى يترك فيها الحاكم مكانه، وينزل إلى الناس ويتعرض للنقد ويستمع إلى رغبات الآخرين، وإن لم تكن هناك منافسة فهو غير مضطر إلى ذلك. فمهما كان موقفه، فالوضع التنافسى سيجبر الكل على الاستماع إلى الناس، ورؤية الآخرين.. وفى اعتقادى أن هذا هو السيناريو الأفضل.

■ وماذا عن الثالث؟

- أن يكون هناك مرشح قوى بالفعل، ولكن أجهزة الدولة تشن ضده حرباً من «الفضائح» و«السخرية» والتقليل من شأنه وقتله «معنوياً» بحجة أن ذلك يهدد أمن الدولة.. وهذا هو السيناريو «الأسوأ».. وأعتقد أن الرئيس السيسى ليست هذه رغبته من ناحية، و«رائحة الخوف» لدى من يفكر فى الترشح من ناحية أخرى.

■ كيف؟

- حقيقة، استمعت إلى أحاديث تحمل خوفاً من التعرُّض لإهانات وقتل معنوى وسخرية، ووقوف أجهزة الدولة ضدهم، التى هى من المفترض ألا تعمل مع الرئيس وقت الانتخابات لأنها مملوكة للشعب.

■ إذن أنت ترى أن «السيناريو الثانى» هو الأفضل.

- نعم.. فهو الذى سيسمح لى بأن أسأل الرئيس، وأناقشه فى لحظة هو يحتاج فيها إلى صوتى كما يحتاج إلى أصوات كل الناس.. ولكن إذا كان النجاح مضموناً.. فقد عدنا إلى ما كنا فيه سابقاً..!

■.. وهل ترى أن هذا السيناريو «الأفضل» فى رأيك يمكن أن يحدث مع وصول الفريق أحمد شفيق إلى مصر؟

- للحقيقة.. هناك الكثير من «التشويش» والحقائق الغائبة فى مسألة ترشح الفريق شفيق لانتخابات الرئاسة؛ لذلك أنا لا أريد أن أنساق إلى رأى دون حقائق، يتضح فيما بعد عدم دقتها، مثل إشاعة اختياره قناة «الجزيرة» للظهور فيها، وهو ما ثبت أنه غير حقيقى. ما يهمنى هنا هو انطلاق «موجة التكسير» فى الرجل، إلى حد طلب إسقاط الجنسيه عنه، وظهور تهم جديدة وتقديم بلاغات ضده من محامين للنائب العام.. كل ذلك هو إرهاب شديد لكل من يفكر فى خوض الانتخابات. أنا على يقين أن الرئاسة لن تكون مصدرها، ولكنها فى النهاية تسىء إلى الحريات فى مصر.

■ وكيف ترى إعلان ترشحه من الإمارات.. ثم ترحيله إلى مصر..؟

- مرة أخرى نحن لا نعلم كل التفاصيل لإبداء الرأى. وربما كان مضطراً لذلك.. لا أعلم.. وكنت أفضل أن يعلن ترشيحه من مصر، ولكن ما فعله لا يضعه فى خانة «المجرمين» و«الخائنين».. «عيب كده فعلاً»!

■ هل السيناريو الأفضل من الممكن أن يتضمن أسماء عسكريين سابقين؟

- الدستور يتيح لأى مواطن الترشح للمنصب العام، وإذا كان القانون العسكرى لا يسمح له بذلك وهو فى الخدمة فعليه الاستقالة.. والترشح فيما بعد.

■ فى انتخابات الرئاسة عام 2013 خرجت النساء بفرحة غامرة يرقصن أمام اللجان الانتخابية فرحاً بقدوم الرئيس السيسى إلى الحكم.. إلى أى مدى يمكن أن تتكرر هذه الصورة.. وهذا المشهد؟

- لا يمكن أن يتكرر ذلك؛ لأن مثل هذه اللحظة لا تتكرر فى تاريخ الأمة. هذا المشهد كان جزءٌ منه حباً فى شخص الرجل، وجزءٌ «انفعالياً» كمنقذ لهذا البلد، وفرحة بزوال حكم الإخوان.. هذا الموقف لن يتكرر.. قد نرى صوراً فيها نوع من «المزايدة» كماهو معروف فى الانتخابات، إنما عموماً لن يتكرر.. وأرجو- أيضاً- ألا يتكرر الظرف، حتى لا نصل إلى هذه اللحظة.

■ .. وكيف تنظر إلى حملات الدعم وجمع التوقيعات..؟

- ربما أشعر بأن هناك ضغطاً من أجهزة الدولة، وأرى أن الرئيس ليس فى حاجة إلى ذلك، وأرجو- كمواطن- من الكل أن يرفع يده، ويتيح للشعب فرصة الاختيار.

■ للإصلاح عموماً، وخاصة الاقتصادى، ضريبة كبيرة عندما تتأثر به الشريحة الدنيا من المجتمع.. كيف ترصد حالة المعاناة من الغلاء التى تكتوى منها شرائح عدة.. وإلى أى مدى يؤثر ذلك على شعبية الرئيس السيسى؟

- أعتقد أنه كان «شجاعاً» بحق فى اتخاذ قرارات إصلاحية جريئة، وهى فى نفس الوقت تنقص من شعبيته، وهو يعلم ذلك تماماً، ولكن الحل أننا لابد أن نعمل على زيادة الاستثمار وخلق فرص عمل وزيادة الثروة. وفى اعتقادى أنه اتخذ القرارات السليمة، ولكن للأسف أداء الحكومة غير مواكب لهذه القرارات، فهى لم تعمل على خلق فرص عمل حقيقية وزيادة فى حجم الاستثمارات. كل شىء وله ضريبة؛ فكما كنا حكماء فى اتخاذ قرارات «صعبة» علينا أن نتخذ قرارات أكثر صعوبة فى فتح المجال أمام الاستثمار، وخاصة الأجنبى.

■ على مدى سنوات طويلة صنعت أمريكا نماذج سياسية مختلفة عُرفت بمصطلحات «شعبية»، منها «اليسارى الأمريكى» و«الإسلامى الأمريكى».. إلى أى مدى يتحقق ذلك على أرض الواقع؟

- لا أعرف إن كان ذلك واقعياً أم لا.. ولكن دعنا نتحدث بصراحة: أمريكا تتدخل لصياغة وجدان المجتمعات العالمية كلها بما فيها مصر. وتدخلها مبنىٌّ على استراتيجية محددة، فى رأيى أنها مبنية على التقسيم وبث الفرقة لصالح إسرائيل وموارد الطاقة والثروة. فكل هذه المصطلحات هدفها تأجيج الفُرقة بين الشعوب؛ فأنا لا أعطيها الصيغة الأمريكية ولكن «التآمرية».

■ وإلى أى مدى هذه النماذج موجودة فى مصر الآن؟

- ليس لدى معلومات ولكن انطباعات. ونحن شباب فى بداية السبعينيات، وقتما كانت مصر متقاربة مع الاتحاد السوفيتى كان الحلم المسيطر على المصريين هو «الحلم الأمريكى».. وعندما أصبحت أمريكا «المساعد الرئيسى» لمصر- حسبما يتردد- أصبح الشعور «ضد أمريكا».

■ بماذا تفسر ذلك؟

- لأن الأمريكان ليس لديهم «صديق دائم»؛ فمصلحة واشنطن رقم (1)، ثم حليفها الاستراتيجى المتمثل فى إسرائيل. وهذه المصلحة تتغير وفقاً لاستراتيجية موضوعة مسبقاً. ظللت لسنوات واحداً من المؤمنين بالنموذج الأمريكى فى الحرية والديمقراطية، ولكن بعد 2011 تحوَّل إيمانى هذا، وتأكدت أننى أحد الذين خُدعوا فى «الديمقراطية الأمريكية»؛ لأنها غير صادقة وليست فى مصلحة الشعوب..!

■ .. وكيف تنظر إلى العلاقات المصرية – الأمريكية فى ظل وجود رجل البيت الأبيض الجديد «ترامب».. بعد «سنوات الجفاء» فى عهد أوباما؟

- هى علاقة فى «غاية الأهمية»؛ لأن الولايات المتحدة هى الأقوى اقتصادياً وعسكرياً، ومصر مطالبة بـ«حكمة» فى إدارة هذه العلاقة بتوازن بين الشرق والغرب كما يحدث الآن. وفى اعتقادى أن وصول «ترامب» للبيت الأبيض «استثناء» لن يتكرر مرة أخرى فى الحالة الأمريكية؛ لأن البيت الأبيض- كما هو واضح- فى معركة مع كل المؤسسات، وهذا لا يعنى أن الأولويات تغيَّرت، ولكن ربما الأساليب هى التى طرأ عليها تغيير. وكسياسى فإننى أخشى من شىء، هو أن تكون علاقتى مع أكبر دولة فى العالم مرتبطة بـ«سيكولوجية شخص» من الممكن أن نستفيد منه استفادة مؤقتة، ولكننا لا نستطيع أن نبنى عليها علاقات طويلة المدى.

■ .. وهل تعتقد أن الدولة المصرية «متنبهة» إلى ذلك؟

- أعتقد ذلك.

■ ننتقل إلى تكوينك السياسى.. وُلدتَ قبل عام واحد من «ثورة يوليو»، وتخرجت فى كلية الطب بعد عام واحد من «حرب أكتوبر»، واستقرت سفينتك السياسية أخيراً لسنوات على مَرْسى «الحزب الوطنى» بكورنيش النيل.. كيف كانت رحلة الطبيب الشاب السياسية؟، ولماذا اختار «حزب الحكومة» بدلاً من «خنادق المعارضة»؟

- فكرت فى الانضمام لـ«خنادق المعارضة» عقب عودتى من الولايات المتحدة عام 1981. فقد كان همى هو كيف تنهض مصر اقتصادياً. وفى عام 1990 التقيت فكرياً ومجموعة من الأصدقاء فى جمعية اسمها «النداء الجديد» التى كان يترأسها الدكتور سعيد النجار. وهذه الجمعية صاغت الكثير من الأفكار لدىَّ. وكان الأعضاء من مختلف الأطياف، منهم منير فخرى عبدالنور، ومحمود أباظة، وأسامة الغزالى حرب وغيرهم.. وكنا نضع تصورات لما يجب أن تكون عليه مصر. كانت هذه الجمعية بحق «نقطة انطلاق» لنا جميعاً؛ منا من خرج إلى «التجمع» وإلى «الوفد» وإلى «الوطنى»، والبعض ظل على استقلاله. وظل كُلٌّ منا على اتصال بالآخر نلتقى ونتشاور. وعلى المستوى الشخصى فتركيبتى الخاصة ليست «ثورجى»، وبعد مرور 7 سنوات على ثورة يناير مازلت أرى أن التغيير من الداخل هو الأفضل والأصح.. والأكثر «أماناً».. فأنا أميل إلى «الإطار الشرعى» عموماً.. واختيارى بالمناسبة للحزب الوطنى لم يكن منى، ولكنه كان من الحزب نفسه؛ فعندما نجحت نجاحاً باهراً فى انتخابات 2000 سعى الحزب الوطنى لى وليس العكس، ورأيتها فرصة لأن أخدم بلدى من هذا الموقع.. وهذا ما يفسر لى «الود» الذى ظل قائماً مع كل أطياف المعارضة؛ فأنا من المؤمنين بالتغيير من الداخل وإمكانية تداول السلطة.. واللوحة الفنية دائماً لا تقوم على لون واحد.

■ وصف الأديب والكاتب الكبير د. محمد المخزنجى الحزب الوطنى بأنه «رأس حربة التدمير فى مصر».. ومع ذلك كنت دائماً ما تظهر فى دور «الإصلاحى الديمقراطى».. كيف حققت هذه المعادلة ما بين «التدمير والإصلاح».. أو كيف يخرج الإصلاح من «منظومة التدمير»؟

- كل الأحزاب الكبرى فى العالم حدث لها إصلاح من الداخل: حزب العمال أصبح اسمه «العمال الجديد»، الأحزاب الحاكمة فى فرنسا اندمجت. الذى يعلمه القليل أن الحزب الوطنى كان يضم كل الأطياف فى مصر: الليبرالى واليسارى.. وحتى «الإخوانجى».

■ «الإخوانجى»؟!.

- نعم.. كان لهم وجود؛ فالتغيير والإصلاح داخل «الوطنى» كان بالطبع سيؤدى إلى تغيير وإصلاح خارجه، ونظراً لأننا مجموعة من المؤمنين بالتغيير فقد أطلقوا علينا «الحرس الجديد».

■ وكان طبيعياً أن تصطدموا بـ«الحرس القديم» التاريخى وريث العقود السابقة.

- مؤكد.. ولا يخفى على أحد أن أفراد «الحرس القديم» كانوا يكرهوننى، ويرون أننى خطر عليهم وعلى الكيان، ولكن وقت الأزمة لم يجدوا غيرى ليتولى المسؤولية.

■ وكيف للإصلاحى أن يتعايش- إذا سمحت لى- مع «شلة التوريث»؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور حسام بدراوى»، آخر أمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل

- للحق أقول: لقد ظللت عضواً بالحزب لأكثر من 11عاماً لم أحضر خلالها أو أشارك فى اجتماع واحد يحمل فى مضمونه فكرة «التوريث»، وهذه شهادة للتاريخ، فأغلب ما يقال حول جمال مبارك وتعاملاته مع الناس غير حقيقى. لقد رأيته متواضعاً ويتعامل بأدب شديد مع الآخرين.

■.. وبعد كل هذه السنوات.. ما تحليلك لفكرة «التوريث»؟

- هى فكرة تلقفها «المنافقون» فزادوها نوراً.. وتصيَّدها «المعارضون» ليصنعوا منها أزمة!

■ كيف؟

- فى التاريخ كله لم تقم ثورة على «احتمال».. الثورات تتحرك بناء على واقع.

■ ولكن كانت هناك مؤشرات.

- لا أراها واقعية.. وكان رأيى واضحاً فى الحديث حول هذه الفكرة؛ فقد قلت: لو أن ابن الرئيس لديه رغبة فى الترشح فإننى لا أرى ذلك مناسباً.. حتى لو كانت الانتخابات حرة فإنها ستكون عملية توريث.

■ كل رجال «نظام مبارك» كانت لديهم «أكلاشيهات» واحدة فى لغة الخطاب.. منها «ضرورة الحوار»، «المعارضة جزء من النظام».. وهو ما أدى إلى ثورة شعبية فى النهاية اجتهد كثيرون فى سرد أسبابها.. لكنك بالطبع لك أسبابك الخاصة.. ما هى؟

- بكل المقاييس ما حدث فى 25 يناير هو «ثورة».. ولكن فى الأيام الثلاثة الأولى.. فقط.

■ فى «72» ساعة.. فقط.

- نعم.. وما بعد ذلك هو «فوضى» أدارها الإخوان المسلمون.. الدوافع الحقيقية وراء الأيام الأولى كانت «الكرامة».

■.. ولكن سنوات حكم مبارك كانت بمثابة «الحضانة» التى نمت فيها جماعة الإخوان، وفتحت آفاقاً جديدة للتفاوض مع النظام نفسه بل منافسته.. ووصلت بأكثر من 80 من كوادرها إلى مجلس الشعب فى عام 2005.. كيف ترصد هذا المشهد كأحد القادة البارزين فى الحزب.. والمجلس؟

- مثلى مثل الكثيرين؛ فقد فوجئت بعد 2011 بهذه الثروات الضخمة لقادة الإخوان.. ثروات جبارة لم أكن أعلم عنها شيئاً، ولا أعلم مصادرها هل جاءت بطرق شرعية أو غير شرعية.. إنما كانت مفاجأة لى شخصياً.. بالطبع كان هناك «تفاعل» بين الدولة والإخوان بشكل أو بآخر، الحزب لم يكن طرفاً فيه!

■ كيف.. ألم يكن هناك تنسيق فى «الدوائر الانتخابية»؟

- كحزب لم يحدث أى اتفاق بيننا وبين الإخوان وهذه حقيقة بالفعل، ولكن التنسيق كان بين «الداخلية» و«الإخوان»..! أنا على المستوى الشخصى كنت ضد أى تفاوض مع الإخوان. وأذكر أننى عندما كنت رئيساً للجنة التعليم بمجلس الشعب، جمعنى لقاء مع «حمايا» اللواء حسن أبوباشا وزير الداخلية الأسبق، بحضور الدكتور رفعت السعيد – رحمهما الله- وذكرت لهما أن لجنة التعليم وحدها يوجد بها «17» عضواً إخوانياً ولا أدرى كيفية التعامل معهم..وحذرنى «أبوباشا» من التوسط للإخوان لدى الدولة، وقالها: «اوعى تتوسط لهم عند الدولة فى يوم من الأيام» فعقب عليه «السعيد» قائلاً: «هم يقولون ما لا يفعلون.. ويكذبون فى أغلب الأحيان».. وكأنهما كانا يقرآن المستقبل، فبعد مرور أسبوعين تقريباً حضر لى محمد مرسى ومجموعة من قادة الإخوان وطلبوا منى التوسط لعقد لقاء مع جمال مبارك، وأنهم يريدون دعمه «رئيساً لمصر» فى مقابل منح الجماعة بعض الحريات السياسية.. فاعتذرت لهم.. وقلت لهم صراحة: «إننى غير مؤمن وغير مقتنع بالفكرة».

■ بصراحة.. ألم تطرح هذا العرض على جمال مبارك فى أى لقاء تالٍ معه..؟

- لم يحدث على الإطلاق.. نهائياً.. فعلاقتى بجمال ودية.. ولكنها «مهنية حزبية».

■ بعد إزاحتها عن الحكم بأمر من الشعب فى 30 يونيو.. كيف ترى المستقبل السياسى لجماعة الإخوان المسلمين؟

- الشعب المصرى قال كلمته الواضحة أن الجماعة ليس لها دور سياسى فى المستقبل.

■ هذا عن الجماعة.. ماذا عن الأشخاص؟

- برغم خلافى الأيديولوجى معهم، إلا أنهم مواطنون لهم نفس الحقوق. من ارتكب جريمة فهو مستبعد.. والعمل التنظيمى السياسى مرفوض.

■ ماذا عن السلفيين؟

- نفس الشىء.. والدستور يمنع وجودهم كأحزاب على أساس دينى.

■ وماذا إذا دخلوا حزباً وسيطروا عليه.. وأنت سياسى وشاهد على تجربة حزب العمل من قبل؟

- وارد أن يحدث.. ولكن ذلك يعتمد بالدرجة الأولى على ثقافة الناس.

■ بعد مرور 7 سنوات.. كيف تنظر إلى لغة التصعيد فى سقف المطالب؟

- فى يوم 5 فبراير وبعد ساعات من تعيينى أميناً عاماً للحزب الوطنى، دعيت إلى اجتماع للقيادات الحزبية بالسيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، وما إن دخلت القاعة حتى فوجئت بمحمد مرسى جالساً على يساره بينما أنا فى المقعد الذى على اليمين، فهمست فى أذن سليمان متسائلاً: «هو مش مرسى فى السجن».. فرد بسرعة: «أرجوك فى أمور نتفاعل معهم فيها.. وكن واثقاً فى شخصى».. وفى هذا اليوم كان الجميع يفكر بحدة أقل من اليومين التاليين، وهو ما يعنى أن الترتيب المنطقى هو إحداث وإطلاق «شرارة ثورية» من الشباب، ثم يتدخل الإخوان بعدها بسيناريو معد مسبقاً.. ساعد فى ذلك تأخر الرئيس فى الرد مما ساعد فى رفع سقف المطالب. وأعتقد أن الخطأ الرئيسى هو تعامل الدولة «أمنياً» وليس «سياسياً»، وكل ما حاولت أن أقوم به – وأعتقد أننى نجحت- هو إقناعه بالتنحى.

■ كيف حدث ذلك؟

المصري اليوم تحاور«الدكتور حسام بدراوى»، آخر أمين عام للحزب الوطنى الديمقراطى المنحل

- اجتمعت مع عدد من أطياف الشباب الموجودين بميدان التحرير يوم 6 فبراير، وتوصلنا إلى اتفاق مفاده أنه إذا أعلن الرئيس عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فإنهم على استعداد أن يقفوا وراءه وهو يعلن عن ذلك.

■ هل من بين من اجتمعت بهم رموز من الإخوان.. أم شباب الجماعة؟

- لا لم يكن بينهم إخوان ظاهرون لى..على الأقل فى هذا الوقت.

■ إذن الاتفاق كان هدفه الانتقال الشرعى؟

- نعم.. وتنقل مصر إلى مساحة أكبر من الحرية.

■ صف لى مشهد الحديث مع مبارك حول فكرة التنحى؟

- دار بينى وبين المرحوم عمر سليمان حديث طويل حول فكرة أن يتنازل الرئيس عن الحكم، ويعلن صراحة أنه لن يخوض الانتخابات المقبلة، وأن يكون الانتقال دستورياً.، ففوجئت به يطلب منى أن أخبر الرئيس بذلك بنفسى. وسألته عن السبب فقال: هو رئيسى.. وأنا معين منذ ساعات نائباً له.. ومن الصعب بالنسبة لى – كرجل عسكرى - أن أطلب منه أن يتنحى، فاقترحت عليه أن نطلب عقد اجتماع موسع يحضره الرئيس ونائبه ووزير الدفاع وأعرض خلاله الفكرة.. فرد: لا.. صعب كده نبقى بنحرجه!.. فقلت له: ما العمل؟.. فرد سليمان: هو ـ أى مبارك - الآن فى مكتبه.. ما تقوم تقعد معاه دلوقت.. ولما تعرض عليه الأمر هو هيستدعينا.. وبالفعل خلال دقائق كنت أتحرك من مكتب عمر سليمان إلى مكتب الرئيس، الذى يقع فى نفس الدور بالاتحادية.. بعدما أجرى «سليمان» مكالمة بالرئيس أخبره فيها بوجودى ورغبتى فى التحدث إليه.

■ وكيف كان مبارك.. هل كان متماسكاً أم انعكست عليه معالم ما يدور فى التحرير؟

- كان متماسكاً لأبعد الحدود.. كل ما كان يدور برأسى هو المدخل للحديث مع رجل يجلس على هذا الكرسى منذ 30 عاماً.. الموقف كان صعباً.

■ وكيف كان المدخل للحديث؟

- قلت له إننى جلست مع أطياف من المعارضة وأن الشباب المتواجد فى التحرير شباب مصرى ناضج، وهم على استعداد للجلوس معك. المهم أن نتحرك قبل «يوم الجمعة» لأنهم لو تحركوا إلى القصر الجمهورى ستكون هناك مشكلة كبيرة.. فظل لفترة يشرح لى كيف استلم البلد.. وكيف كان حاله.. فقلت له إن الشباب الثائر الآن لم يشهد أو يعرف تلك الفترة. وعندما عرضت عليه فكرة التنحى.. قال: «القانونيون مش حيوافقوا على الكلام ده» فقلت له نشوف يا فندم.. فطلب استدعاء سرى صيام ود. فتحى سرور لصياغة البيان.. ولحظات خرجت إلى عمر سليمان.. فقال لى: طالما استدعانا يبقى وافق.. وما هى إلا دقائق وكنت مطروداً من القصر..!

■ لماذا؟

- حضر لى بعض الأفراد.. وقال لى أحدهم «وجودك هنا غير مرغوب فيه»!.. فعلمت أن فكرة «الانتقال الدستورى» قد أغضبت البعض..!

■ وهل النص «المتلفز» الذى أعلنه عمر سليمان.. هو ما اتفقت عليه مع مبارك؟

- بالطبع لا.. كان النص على الدعوة لاستفتاء على تعديل بعض مواد الدستور.. ويتولى السلطة مؤقتا نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان حتى إجراء الانتخابات الرئاسية..!

■ هل نعتبر خروج مبارك آمناً إلى حد كبير.. إذا ما قورن بنهايات «مأساوية»..كالقذافى.. وعلى عبد الله صالح قبل أيام؟

- خروج الرئيس الأسبق مبارك من الحكم كان آمنا نسبيا، مقارنة بالدول الأخرى التى ذكرتها فى سؤالك. ولكن الرجل تعرض للمهانة المعنوية والتاريخية والاتهامات التى ثبت عدم صحتها. مصر وشعبها تحمل چينات الحضارة التى تجعلها تختلف عن بقية الدول من حولها، وتصمد أمام الانهيار والفوضى التى كانت مرسومة لها، وتتخلص من الحكم الدينى للإخوان المسلمين المدعوم من أمريكا وإنجلترا على وجه التحديد. ومع كل هذه الاعتبارات، أستطيع أن أقول إنه كان خروجاً آمنا ولكن خروج مصر كدولة من فوضى ما يسمى «الربيع العربى» لم يكن آمنا وعرضها لشبه انهيار اقتصادى وأمنى، وحمل البلاد فاتورة ديون خارجية تتعدى التريليون جنيه لمواجهة أخطار الإرهاب والفوضى. إن خروج مصر من أحداث يناير هو الذى حمل شعبها انهيار صناعة السياحة، وهروب المستثمرين، وتدنى قيمة العملة إلى أكثر من مائة فى المائة، وتهميش دور القطاع الخاص الذى تم اتهامه بكل المساوئ، رغم أن عدد من يعمل به أكثر من ١٤ مليون مواطن. يجب أن ننظر للصورة كاملة، فلو تم ما كنت أسعى إليه، من خروج للرئيس مبارك وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد تعديل مواد الدستور الخاصة بالانتخابات، وتحديد مدة الرئاسة فى إطار الدستور والشرعية.. ما كنا تعرضنا لما حدث.

■ هل دونت أحداث ثورة يناير بقلمك؟

- كنت أدون «انطباعاتى» يوماً بيوم.. متضمنة شعورى نحو الشباب المتواجد فى التحرير، ومن بينهم ابنتى «داليا» وابنى «حسن».

■ هل هى انطباعات.. أم مذكرات سياسى؟

- هى مذكرات.. وأشهدت عليها بعض المقربين.

■.. وهل سترى النور؟

- فى يوم.. من الأيام..!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية