x

بابلو نيرودا.. المثقف الملتزم «صريع الفاشية»

الإثنين 23-10-2017 06:53 | كتب: حسين البدري |
بابلو نيرودا - أرشيفية بابلو نيرودا - أرشيفية تصوير : آخرون

«أستطيع أن أموت لأجل المقابر التي تمر ليلا كأنهار الرماد».. ربما لم يكن الشاعر التشيلي الأكبر، بابلو نيرودا، يدرك وهو يكتب تلك الكلمات في مرثيته الشهيرة للشاعر الإسباني المغتال إبان الحرب الأهلية بين الجمهوريين والقوميين، فيدريكو جارسيا لوركا، أن «سُم الفاشية» سيدركه يومًا، وسوف يصير مثل صاحب «العرس الدامي» ذكرى حزينة تستوجب من صغار وكبار الشعراء ومتذوقي الشعر وضع وردة حمراء على ضريح «شاعر عظيم».

عاد اسم الشاعر الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1971، بابلو نيرودا، ليتردد في الأوساط الأدبية مطلع الأسبوع الجاري، لا بسبب نبوغه الفذ في نظم الشعر، بل لأن مياه جديدة جرت في النهر لتكشف عن وقائع «اغتيال» للشاعر اليساري، الذي امتزجت قصائده بالناس، من تشيلى في أمريكا الجنوبية حيث ولد، إلى باريس وإيطاليا حيث عاش، إلى إسبانيا حيث عمل قنصلا لبلاده، ربما لذلك ظل قراء الأدب يتغنون حتى الآن بميراثه الشعري مثلما قال «إن مت فجأة.. فلن أكف عن الغناء!».

وكشفت تحليلات حديثة لرفات «نيرودا»، أنه لم يمت بسبب السرطان كما هو معروف، لكنها في نفس الوقت لم تكشف عن السبب الحقيقي لوفاته، ما يدعم إصرار مانويل أرايا، سائق نيرودا الخاص، على أن الشاعر اغتيل إثر حقنه بالسم من جانب عملاء الجنرال أوجوستو بينوشيه، بعد 3 أيام من عرض المكسيك اللجوء السياسي عليه.

ووفقا لرواية «أرايا»، حسب تصريحات سابقة إلى «بي بي سي»، فقد اتصل به نيرودا في اليوم الذي توفي فيه، ليخبره بأنه حقن بشيء ما في بطنه بينما كان نائما، وطلب منه أن يذهب إليه في المستشفى سريعا، وحسب رواية السائق، توفي نيرودا في ذلك المساء، ويشدد: «لن أغير روايتي حتى مماتي. لقد مات نيرودا مقتولا، لم يريدوا أن يغادر البلاد فقتلوه»، وحدث ذلك بعد أسبوعين فقط من انقلاب أوجوستو بينوشيه، على أول رئيس يساري يصل للسلطة بالانتخاب، سلفادور إليندي.

وارتبط «نيرودا»، بصداقة قوية مع الرئيس المنتخب سلفادور إليندي، المغتال في 11 سبتمبر من العام 1973، على أبواب القصر الرئاسي، عقب رفضه ترك السلطة للجنرال بينوشيه.

ويعد «نيرودا»، بجانب عمله السياسي وكونه أحد أهم «المثقفين الملتزمين»، أحد أفضل الشعراء في القرن العشرين، حسب الروائي الكولومبي الأشهر، جابرييل جارسيا ماركيز، ولم يكن مثلما وصف حبيبته في إحدى القصائد «وردة أخيرة في الأرض القاحلة»، بل كان شجرة سامقة في أرض تنبت كل يوم شاعر جديد، وقد نال شهرته العالمية عقب نشر ديوانه «عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة»، واستحق جائزة نوبل للآداب عام 1971، قبل عامين من وفاته في 23 سبتمبر 1973.

وتفيد شهادات قديمة، بأن الشاعر الكبير توفى إثر إصابته بمرض سرطان البروستاتا، محبطًا بسبب صعود الفاشية وانهيار حلمه الاشتراكي، وآخر ما كتب سيرته الذاتية المعنونة بـ«أعترف أنني قد عشت»، وبها عبارته البليغة: «لقد عادوا ليخونوا تشيلي مرة أخرى».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية