قال عضو المكتب السياسى لحركة «حماس» المتواجد فى مصر، روحى مشتهى، إن الجهد المصرى له باع طويل وتاريخى فى حل القضايا الفلسطينية، وإن القاهرة لم تضغط على أى طرف لإنجاز المصالحة. وأضاف، فى حوار خاص لـ«المصرى اليوم»، أن «حماس» ستسهل تمكين حكومة الوفاق لعملها، حتى يعودوا إلى مصر فى اللقاء المقبل لتقييم الوضع، مشيراً إلى أن الأمن الداخلى سيبقى لمدة عام حتى يتم الانتهاء من دراسة الموظفين حسب مؤهلاتهم وإمكانياتهم لهيكلة الحكومة، والأمن من جديد، وإلى نص الحوار.
■ فى البداية، ما رؤيتك للدور المصرى الآن فى المصالحة الفلسطينية بعد النتائج الإيجابية والمفاجئة فى ذلك الملف وما ضمانات مصر؟
- فى الحقيقة دور مصر تاريخى، يشكل ثقل من الجانب المعنوى لكل الأطراف الفلسطينية التى تحترم هذه الجهود على مدار التاريخ، وهذا ليس جديداً، ومن جانب آخر قد يكون حاجة الفلسطينيين لضمان مصر للمصالحة ليتم تجاوز 11 سنة من الانقسام، هو السبب لتهيئة الأسباب ليكون هناك لون إيجابى للقيادة المصرية فى هذا الأمر.
■ بم ضغطت مصر على «حماس» وعلى «فتح» لإنجاز المصالحة بهذه الصورة غير المتوقعة؟
- فى الحقيقة الإخوة المصريون لم يمارسوا الضغط بمفهوم الضغط، إنما الظرف كان مواتياً، ونحن فى «حماس» اتخذنا قراراً بأن المشروع الوطنى فى خطر جسيم جداً، ويهون فى سبيله التنازل عن أى قضايا ممكن نعتبرها شكلية، من أجل المشروع الوطنى، فى ظل حالة تغول الاحتلال فى كل مناحى الحياة، مثل القدس والاستيطان، وأيضًا أصبح المشروع الوطنى الفلسطينى مغيباً، والدور العربى مهمشاً، فكان من الضرورى أن نوجه بوصلتنا فى اتجاه المشروع الوطنى.
■ جلستم فى اجتماعين مرهقين لمدة 27 ساعة على مدار يومين فقط، ما وضع سلاح المقاومة؟
- الموضوع فى غاية البساطة لمن أراد أن يفهم، طالما الاحتلال موجود فى أرضنا من الواضح أن السلاح الشرعى هو سلاح المقاومة، ولا يجب أن تتم مناقشته من قبل أحد، لا المؤسسات الدولية ولا من كان، فسلاح المقاومة مقدس ومحترم، ويستخدم ضد العدو من الدرجة الأولى، أما سلاح السلطة، إن صح التعبير، فهو لحفظ الأمن والأموال وأرواح الناس كأى مجتمع، ولا تعارض بين السلاحين.
■ إذا ماذا عن تصريحات الرئيس الفلسطينى، محمود عباس «أبومازن»، أنه «فى الحرب والسلم سيكون القرار له وللحكومة فقط»؟
- فى الحقيقة لابد أن نميز ظرف الدول الأخرى وظرف فلسطين من جانب آخر، عندما تكون هناك دولة مستقلة من الطبيعى أن يكون لها سلطة واحدة وسلاح واحد وإدارة واحدة، أما الآن بعد اتفاق أوسلو، الذى جاء بشكل من أشكال الحكم، لا يرتقى بأن يكون دولة، إنما هذا فترة من التاريخ، ولابد أن نتعايش مع هذا الواقع على أمل أن نتفق على مشروع وطنى، يوصف حقيقة معنى السلطة، ومعنى المقاومة، وتوضع الآلات والمعادلات للتنسيق بين الأمرين، وكلنا ندرك أن حق الشعب الفلسطينى أن يستخدم السلاح ضد العدو، هذا جانب، والجانب الآخر، إذا تحدثنا عن قرار الحرب والسلم، من الواضح أنه لا يملك أى فلسطينى هذا القرار بمن فيهم الرئيس، مثلا عندما يعتدى الإسرائيليون على الفلسطينيين فى كل فترات تاريخهم، كانت تبدأ بقرار الحرب، وفى الحروب الأخيرة، كل هذه كانت قرارات إسرائيلية، وقتها لم تأخذ «حماس» قرار الحرب منفردة بل تباحثت مع الفصائل وكل الفلسطينيين، لكيفية الدفاع عن الشعب الفلسطينى، فهل من المعقول أن تنتظر المقاومة قرار الدفاع عن ذاتها.
■ وما مصير القضايا العالقة على هامش المصالحة، مثل نزع السلاح والأسرى؟
- الأرضية التى انتقلنا منها، فى الجولة الأخيرة مع المصريين، هى متوافقة مع اتفاقات القاهرة 2011، وحديثنا لم يتطرق لاتفاقات جديدة، وإنما إيجاد آليات لتطبيق اتفاقات القاهرة، وهناك قضايا كثيرة مطروحة، وإذا راجعنا بنود اتفاق 2011، سنجد مفهوم السلطة ومفهوم المقاومة ومفهوم التعامل مع العدو، وكلها واضحة ولم يطرح على طاولة المباحثات أى شىء عن هذه الأمور، لأن من حق الشعب الفلسطينى أن يقاوم عدوه.
■ ما معنى مصطلح ضبط سلاح المقاومة؟
- لم ولن يطرح فى المباحثات.
■ هل ستتنازلون كما تردد عن ترشحكم لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية لعدم إحراج السلطة فى مفاوضات السلام مع إسرائيل فى ظل عدم اعترافكم بتل أبيب؟
- بداية.. نحن لم نقل إننا سنترك الحكومة، ولم نناقش هذا الأمر، وما نتوافق عليه أن بعد هذه الفترة هو تمكين حكومة الوفاق وعلاج كافة الإشكاليات التى أحدثها الانقسام، ومن الواضح أننا سنعطى فرصة إضافية لحكومة الوفاق من أجل بلورة رؤية اجتماعية جامعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الفلسطينيين، وفق مشروع وبرنامج سياسى يتوافق عليه جميع الفصائل، حتى يكون لكل فصيل وزنه فى هذا القرار.
■ ما أكثر ملف أرهقكم فى المباحثات؟
- من الدرجة الأولى، ملف الموظفين، لأنه حتى تتمكن حكومة الوفاق الوطنى من بسط سيطرتها على القطاع، يجب دمج الموظفين.. فهل يعقل أن يكون هناك وزير يعمل بدون تحقيق أمان وظيفى لأى موظف، والنقاش هذا أخذ فترة طويلة، وخلصنا فيها إلى نتيجة مرضية مبدئيا، لأنهم فى الأول هم موظفو دولة، وهذا كان غير مقبول فى الماضى فى فتح، والنقطة الثانية أن يبقوا على رأس أعمالهم ويأخذوا رواتبهم من موازنة السلطة، ابتدءا من أول نوفمبر المقبل، وهذا كان غير مقبول من «فتح» الفترة السابقة، والنقطة الثالثة، إعادة ترتيب الهيكل الوظيفى، لذلك تم تشكيل لجنة إدارية وفنية لتقييم ودراسة أوضاع الموظفين فى شطرى الوطن فى الضفة وغزة، حتى تكون الهيكلة واضحة، لتأخذ كل من الضفة وغزة حقهما.
■ وماذا عمن انقطعوا عن عملهم من «فتح» منذ بداية الانقسام؟
- اللجنة الإدارية ستبحث كل هذه التفاصيل من ناحية المبدأ، ونحن لم نطلب وقتها أن يتركوا عملهم، وهذا كان قرار أبومازن، وليس من المنطق أن نقول لموظفى حماس الذين يعملون منذ 10 سنوات «اذهبوا واجلسوا فى بيوتكم، وأن نقول لموظفى السلطة الذين كانوا جالسين فى منازلهم منذ 10 سنوات، أن يتفضلوا ويتسلموا مهامهم، هذا غير مقبول وغير منطقى على الإطلاق.
■ نسمع أن «حماس» كحركة تركت المعبر لصالح حرس الرئيس.. هل سيندمج موظفو حماس مع الرئيس فى إدارة المعبر أم ستنتظرون نتائج اللجنة الفنية لدراسة إمكانيات ومؤهلات الموظفين ووضعهم فى مكانهم الطبيعى؟
- المعبر لن يوضع على طاولة هذه المرحلة، الحديث مع المصريين، فهم يملكون زمام الأمور، ومن يتحكمون فيه.
■ أقصد بينكم كفلسطينيين فى الإدارة؟
- تمكين حكومة الوفاق مع تحقيق هدفها.. ستتمكن من السيطرة على كل الهيئات بتسهيلات مننا.
■ والحدود.. هل ستظل السيطرة عليها من قبلكم بقيادة اللواء توفيق أبونعيم لتكملة اتفاقات مع القاهرة أم سيتم تسليمها لأمن السلطة؟
- السلطة التنفيذية سلمت مهام عملها، وانتهى عملها، والأمن الداخلى والشرطة هما جهاز مدنى من الدرجة الأولى، وهى التى تضبط الحدود حتى الآن، والحكومة لها وصاية على وزارة الداخلية ويجب أن يتم التوافق معا، والأمن سيبقى كما هو لمدة عام، ومن ثم ننتظر تقارير اللجنة الفنية لإعادة النظر فى هيكلة الحكومة.
■ هل اتفقتم مع «فتح» على عدم ملاحقة أى من عناصر الحركتين فى الضفة وغزة؟
- هناك دعوة قريبة من الإخوة المصريين لعقد لقاءات أخرى، وكل هذه القضايا ستناقش برعاية مصرية حتى يتحمل كل شخص فينا المسؤولية.
■ ماذا عن موضوع الأسرى.. هناك تقرير خرج من مكتب صحيفة «لوموند» الفرنسية من مكتبها بتل أبيب عن أن هناك تحركات مصرية تجرى الآن بتوكيل منكم لتتحدث هى فى موضوع الأسرى مع الجانب الإسرائيلى.. فماذا يحدث؟
- الأسرى من الواضح قضية لها خصوصية كبيرة، ومصر لها دور وباع طويل، وأبلوا بلاء حسنا فى صفقة «وفاء الأحرار» عام 2011، مقابل جلعاد شاليط، من الواضح أن العدو الصهيونى حاول أن يرسل رسلا كثيرون بهذا الأمر الفترة الماضية، ومن الواضح أنه لا يريد دفع أى ثمن مقابل أى معلومة، وبالتالى الأمور فيها مراوغة بطريقة كبيرة وتراوح مكانها وليس هناك جديد بهذا الأمر، ورأينا مسؤول ملف الأسرى فى حكومة إسرائيل قدم استقالته ونتنياهو الآن يبحث عن بديل لفشلهم فى تحقيق أى تقدم فى الصفقة.
■ ماذا يوجد فى اللقاءات المقبلة؟
- سيتم استكمال موضوع تمكين حكومة الوفاق، لحل القضايا ذات البعد السياسى الاستراتيجى، والتى ستعالج تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وإجراء الانتخابات، سواء مجلس وطنى أو تشريعى أو رئاسة، وسيكون هناك نقاش حول منظمة التحرير ودخول «حماس» و«الجهاد» بهدف تشكيل مظلة تشمل الكل الفلسطينيين، ونرى إذا كان سيبنى المشروع الوطنى على المقاومة أو المفاوضات، من أجل تحقيق كل الوسائل المتاحة لتحقيق الأهداف.
■ تريدون الانضمام لمنظمة التحرير.. هل عدم اعترافكم بإسرائيل سيشكل إشكالية بينكم وبين «فتح» بها؟
- بالنسبة لنا لن تشكل، ولكن ستشكل أمام العدو الصهيونى، حتى ولو وافقنا على حدود مؤقتة على 67، لكن هذا لا يعنى أننا سنتنازل عن شبر من أرض فلسطين، وهل تقوى السلطة أن تتعايش مع هذا الفهم؟، هذا سؤال يوجه لهم.
■ منذ فترة وصفتم الصواريخ التى تطلق من القطاع من خارج حماس بأنها عبثية.. كيف ذلك وأنتم كنتم تستنكرون تصريحات «أبومازن» التى ذكرت نفس المصطلح؟
- نحن نشكل من 45 إلى 50% من المجتمع الفلسطينى، ولا يعقل أن يصف «أبومازن» صواريخ «حماس» التى شاركت فى خمس حروب بالعبثية، ولكن عندما نجتمع كلنا لتحقيق مشروع وطنى، ويأتى 1% لا نعرف من يموله ليقوم بإطلاق صاروخ فلنا الحق فى وصف الصواريخ بأنها عبثية.
■ كيف ترى مطالبة والدة أحد الجنود الإسرائيليين فى غزة أبومازن بالتدخل فى الأمر مع فشل نتنياهو؟
- أمر جيد.. ليس من اختصاص أبومازن، فهذه قضية أمنية بحتة لأن الأسرى مسؤولون من المقاومة وهى المسؤولة عن إعادتهم، كما أن نتنياهو مسؤول عن إعادة جنوده.
■ لماذا جاء سمير المشهراوى القيادى المفصول من حركة «فتح» والتابع لمحمد دحلان، مؤخرا للقاهرة، للجلوس معكم؟
- جاء ليعرف جملة التفاصيل التى حدثت بيننا وبين «فتح» فى المصالحة، وقدموا لنا المباركات، وشكروا الإخوة المصريين لجهودهم، وللتأكيد على سعادتهم بهذا الإنجاز وإصرار الجميع على أن نستمر لهذه المصالحة حتى نصل لإزالة كل العقبات من أجل الوطن.
■ هل لجنة التكافل المجتمعية تستمر فى عملها بينكم وبين دحلان بعد المصالحة؟
- لجنة التكافل المجتمعية تدعمها كثير من المؤسسات الخيرية والدولية، وتقدم خدمات للشعب الفلسطينى.
■ هل دحلان يريد العودة للقطاع من خلال هذه اللجنة؟
- قطاع غزة مفتوح لأى شخص فلسطينى يكون وطنه، ولا نمنع أحدا من الدخول، خاصة إذا كان الهدف الأساسى إسناد ودعم الشعب.
■ هل قدم «دحلان» مبادرة لكم لتتوسطوا لدى أبومازن من أجل مصالحة شاملة؟
- لا.. لم يطرح مبادرة، لكننا نريد أن نتحد فى صف واحد ضد العدو، والخلاف السياسى مشروع، ونريد عامة تجهيز كل القوى وتسخير كل الإمكانيات لمواجهة إسرائيل للم الشمل الفلسطينى.