x

الدكتور إبراهيم نجم «أمين هيئات الإفتاء» فى العالم: المتطرفون لديهم خلل فى فهم القرآن والحديث (حوار)

الأحد 15-10-2017 22:36 | كتب: أحمد البحيري |
الدكتور إبراهيم نجم في حوار للمصري اليوم الدكتور إبراهيم نجم في حوار للمصري اليوم تصوير : نمير جلال

قال الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء على مستوى العالم، إن الفتاوى المتطرفة تعد الأكثر خطرًا على المجتمعات، وإن المتطرفين لا يستطيعون أن يقدموا خطابًا رشيدًا منضبطًا بالقواعد العلمية، ولديهم «خلل فى فهم القرآن الكريم». وأضاف «نجم»، فى حواره مع «المصرى اليوم»، أن انعقاد المؤتمر العالمى للإفتاء الذى تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم فى الفترة من 17 إلى 19 أكتوبر الجارى يهدف للتأكيد على ضرورة منع غير المتخصصين من التصدى للفتوى. وشدد، على أنه «يجب على من يتصدر للإفتاء أن ينتبه إلى عدد من القواعد المنهجية التى لابد من مراعاتها من أجل الاستنباط السليم»، وإلى نص الحوار:

■ ما مدى تأثير الفتاوى غير المنضبطة والغريبة على مجتمعاتنا؟

- لا شك أن الفتاوى الشاذة والمتطرفة والخارجة عن المألوف تربك المشهد وتسبب الكثير من الاضطرابات داخل المجتمعات لما لها من تأثير كبير على حياة الناس، فهى لا تقف عند القول فقط ولها آثار كبيرة فى المجتمع، حسنة وغير حسنة، والأخيرة أكثر، لذا نحن بحاجة شديدة إلى ضرورة تنظيم الفتوى وقصرها على المختصين، حتى لا تستمر هذه العشوائية التى تسعى إلى تغيير المستقر وإنكار المُجمع عليه، وتلك المنهجية كانت متأصلة فى تلقى الصحابة عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم.

وكذلك الفتاوى المتطرفة والتى تعد الأكثر خطرًا على المجتمعات فهؤلاء المتطرفون لا يستطيعون أن يقدموا خطابًا رشيدًا منضبطًا بالقواعد العلمية، وكفروا وقتلوا تحت مسمى التكفير، وهو أمر طبيعى فبعد التكفير التفجير وقطع الرقاب والقتل، وهؤلاء لديهم خلل فى فهم القرآن والحديث.

فهؤلاء الإرهابيون لم يأخذوا من القرآن إلا آية السيف وتركوا الرحمة والعدل وغيرهما، ولقد أخطأوا خطأ فاضحا فى التعامل مع السنة النبوية، ولم يفرقوا بين الاستعمال الحقيقى والمجازى، ولم يفهموا قواعد اللغة واقتطعوا الأحاديث من سياقها، فكلمة الجهاد شوهت من قبل المتطرفين، وجعلوا الجهاد غاية ونحن نفهمه على أنه وسيلة كما أنهم جعلوا قرار الجهاد والحرب بأيديهم وهو قرار لولى الأمر.

■ نظرًا لأهمية الفتوى وتأثيرها الكبير على المجتمعات.. ما القواعد التى يجب أن يستند إليها صاحب الفتوى حتى تكون منضبطة؟

- يجب على من يتصدر للإفتاء أن ينتبه إلى عدد من القواعد المنهجية التى يجب مراعاتها من أجل الاستنباط السليم، وأولها التثبت من القول بمعنى «هذا القول قيل أم لا»، وخص ذلك بسنة النبى صلى الله عليه وآله وسلم لأن المقطوع بثبوته منها قليل، أما القرآن فالأمر مقطوع بثبوته، لا يحتاج إلى بحث ولا يحتاج إلى دليل، فلا محل للاحتمال فى القرآن لأنه ثابت كله بلا ريب.

أما القاعدة الثانية، فهى فهم وتأويل النص الدينى، بمعنى «ماذا قال»، واعتبرها صلب محاولات التفكيك لهذا التفكير وإظهار الخلل الحاصل عند هذه المجموعات الإرهابية، لأن فهم النص يحتاج إلى الرجوع إلى قواعد اللغة العربية وإلى دلالات الألفاظ وإلى معرفة استعمالات هذه الألفاظ فى حقائقها الموضوعة لها لغة وشرعا وعرفا.

القاعدة الثالثة التى يجب مراعاتها عند استنباط الأحكام، فهى ما يتعلق بقواعد التثبت وهى المقصود الشرعى بمعنى «لماذا قال» كالمقصد الشرعى من وجوب الصلاة والزكاة وغيرهما، ومن تحريم الخمر والقتل وغيرهما، ويكون البحث هنا عن مصالح الخلق فى العاجل والآجل، وهذا يختص به جانب المقاصد الشرعية أو نظرية التعليل.

والقاعدة الرابعة، هى كيفية تنزيل هذه الأحكام على الواقع المتغير، أو ما يعرف بفقه التنزيل، فهؤلاء الإرهابيون فهموا بعض آيات الذكر الحكيم فهما خطأ ونزعوها من سياقها ولم يعولوا فى الحقيقة على الظروف التى قيلت فيها ولا حتى ما جاء بعدها ولا ما قبلها ولا مسلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه أمور ضرورية فى فهم النص الشرعى.

■ فى رأيكم، ما العوامل التى أدت إلى التساهل فى إصدار الفتاوى ما أدى بنا لهذه الأزمة التى نعيشها؟

- هناك أسباب عدة أدت إلى هذه الحالة الفوضوية فى مجال الإفتاء أولها الجهل وعدم دراسة الأحكام الشرعية من منبعها الصافى وفقًا للمنهج الوسطى على يد المشايخ والعلماء الذين توارثوا العلم من أهله والذين يوثق بهم فى الدين كما قال محمد بن سيرين «إن هذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم».

والسبب الثانى عدم الإدراك الجيد لخطر مسؤولية الفتوى وما يترتب عليه فإن الإفتاء فى الحقيقة إخبار عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله أو رسوله أحلّ كذا أو حرّم كذا. ومن الأسباب المهمة كذلك حبّ الشهرة والشعبية فصاحب الفتاوى المتساهلة يريد شعبيته لتكثر جماهيره ويثنى عليه بأنه معتدل وذو المنهج الوسطى وغير ذلك. وأيضًا التعجل وعدم التأنى والنظر الجيد والتأمل فى المسألة موضوع الفتوى فيقع فى أخطاء علمية فادحة قد تؤدى إلى مشكلات خطيرة واضطرابات فى المجتمع.

■ لماذا نرى فوضى فى الفتاوى رغم وجود مؤسسات دينية عريقة؟

- فى السنوات الأخيرة وما مرت به بلداننا العربية بوجه عام ومصر خاصة أصبح هناك فضاء مفتوح انطلق فيه الكثير من غير المتخصصين كل يدلى بدلوه بغير علم ولا فهم ولا إدراك للواقع أو معرفة بمآلات تلك الفتاوى غير الصحيحة.

أضف إلى ذلك وجود جماعات متطرفة تتبنى فكرًا شاذًّا يسهم فى الإساءة للدين والأوطان، ونحن نحاول التصدى لمثل هذه الأفكار وهذه الفوضى فى الفتاوى، وهذه المهمة هى الهم الأكبر عندنا فى هذه المرحلة وهو القيام بوظيفة الدار من بيان الأحكام الشرعية بطريقة منضبطة تحد من الفتاوى التى تحدث بلبلة فى المجتمع وتقضى على ما يسمى فوضى الفتاوى.

■ وماذا عن دور الإعلام فى هذا الأمر من وجهة نظرك؟

- بالطبع وسائل الإعلام عليها عامل كبير فى هذا الأمر، فنحن بحاجة إلى تعاون أجهزة الإعلام بعدم استضافة غير المختصين فى برامجها حتى لا يبثون سمومهم بين الناس، وأن تتيح مساحة بوسائلها المسموعة والمقروءة والمرئية لصوت الوسطية والاعتدال لتقديم الدين الإسلامى بصورته الصحيحة.

■ تتعدد أهداف المؤتمرات وتتقارب أحيانًا.. حدثنا أكثر عن مؤتمر الإفتاء العالمى المزمع عقده وأبرز أهدافه هذا العام؟

- ينطلق بإذن الله مؤتمر الإفتاء العالمى بالقاهرة يوم 17 أكتوبر الحالى تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبمشاركة أكثر من 60 دولة، تحت عنوان «دور الفتوى فى استقرار المجتمعات». ومن أبرز أهداف المؤتمر أنه سيسعى إلى وضع معايير واضحة لمنهج وأسلوب مواجهة الفتاوى والأفكار المتشددة، ورصد خريطة الأفكار التى يروج لها المتطرفون، ووضع خطة متكاملة للحد من ظاهرة الفوضى الإفتائية فى وسائل الإعلام، بالإضافة إلى وضع دليل إرشادى للمفتين عبر وسائل الإعلام يشتمل على الضوابط والأصول، بالإضافة إلى وضع المعايير الصحيحة لتمييز الفتاوى الشاذة من التجديد الصحيح والاجتهاد الرشيد، وعمل مدونة كبرى لخبرات المؤسسات والدول المشاركة وتجاربهم فى التصدى للظاهرة، ووضع الخطوط الأولى لمقترحات تقنين التصدر للإفتاء فى الدول المشاركة، والخروج بمبادرات قانونية وإجرائية وقائية للتعامل مع المشكلة.

■ وماذا عن محاور المؤتمر وورش العمل التى سيتم عقدها؟

- المؤتمر يركز من خلال ثلاثة محاور وورش عمل على تعزيز دور الفتوى لتحقيق الاستقرار، ومواجهة التخريب والإفساد، وتحقيق البناء والعمران.

المحور الأول يتضمن علاقة الإفتاء بالسلم المجتمعى وحفظ هوية الدول والأمم والتصدى للإلحاد والآثار السلبية للفتاوى الشاذة، والمحور الثانى يكشف فتاوى الجماعات المتطرفة وفوضى الإرهاب، ودور المقاصد الشرعية لمواجهة الفوضى، فيما يركز المحور الثالث على أهمية الفتوى للبناء والعمران والتنمية الاقتصادية ولدعم القضايا الإنسانية المشتركة.

■ علمنا أنه سيتم خلال المؤتمر تدشين منصة علمية فى الفضاء الإلكترونى، حدثنا عنها؟

- بالفعل، سيدشن فى مؤتمر هذا العام منصة إلكترونية متعددة المهام والتخصصات واللغات، ستسهم فى العمل على تعزيز تواجدها بين المسلمين حول العالم وتقديم الدعم المعرفى والسلوكى لهم فى صورة فائقة الجودة وقادرة على تقديم محتوى يحمل قيم الإسلام ومعارفه وأحكامه بشكل جذاب، وعلى أسس علمية صحيحة.

والمنصة الإلكترونية تتضمن مجموعة من المحاضرات الصوتية والمرئية والبرامج والدورات التدريبية والتعليمية والثقافية والسلوكية، كما تقدم مجموعة منتقاة من الخطب والدروس الوعظية والمحاضرات العلمية والأفلام والمنتجات الفنية التى تقدم الإسلام الوسطى باللغات المختلفة.

■ وهل هناك مبادرات أو مشروعات أخرى سيتم إطلاقها خلال المؤتمر؟

- نعم.. سيتم إطلاق برنامج للإعداد العلمى للمتصدرين للفتوى عبر الفضاء الإلكترونى للتصدى لظاهرة الإفتاء من غير المتخصصين.

■ حدثنا أكثر عن هذا البرنامج المهم؟

- البرنامج يهدف إلى الإعداد العلمى للمتصدرين للفتوى ومعالجة بعض أوجه القصور العلمى والمنهجى ورفع كفاءتهم وتنمية قدراتهم ونقل خبرات المتخصصين ومعارفهم من خلال التدريب العملى.

كما يدعم البرنامج التواصل بين المتصدرين للفتوى فى أنحاء العالم وتأهيل الدارس للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة مع مراعاة الفروق الفردية بين الدارسين.

وسيوفر هذا البرنامج المعرفة العلمية والتطبيق العملى من خلال تقديم مقررات تعليمية إلكترونية متخصصة فى العلوم الفقهية والعلوم التى تقوم بالربط بين المعرفة الشرعية والواقع، وذلك من خلال الاعتماد على النظريات التربوية التى تعمل على تنمية المهارات وتعزيز وترسيخ الملكات اللازمة لعملية الإفتاء.

■ ولماذا لجأتم إلى هذا الأسلوب الجديد فى التعليم؟

- لأنه من أساليب التعليم التى تعتمد على تقديم المحتوى التعليمى وإيصال المهارات والمفاهيم للمتعلم بواسطة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ووسائلهما المتعددة، بشكل يتيح للدارس التفاعل النشط مع المحتوى والمعلم بصورة متزامنة أو غير متزامنة فى الوقت والمكان والسرعة التى تناسب ظروف المتعلم وقدرته.

وبالتأكيد سنقوم بالاستعانة بالخبراء حتى يتم الأمر على أفضل ما يكون، حيث سيتم توقيع بروتوكول تعاون بين الأمانة العامة لدور الإفتاء فى العالم ومركز التعليم عن بعد بدار الإفتاء المصرية لما له من خبرة كبيرة فى هذا المجال لتنفيذ البرنامج بعد إقراره من المؤتمر ليبدأ العمل بالمركز ومدة الدراسة عام واحد لمواد أصول الفقه ومقاصد الشريعة وقضايا فقهية معاصرة والتدريب على الفتوى ويمنح شهادة معتمدة.

■ وماذا عن المجلة التى ستصدرها الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، ولماذا اخترتم أن تكون المجلة إلكترونية وليست مطبوعة؟

- ضمن المشاريع التى سيتم إطلاقها خلال المؤتمر مجلة إلكترونية باللغة الإنجليزية تحمل اسم The Muslim Bond، لتنقل رصانة الفكر الوسطى المعتدل، ممزوجة بتقنيات العصر وعلومه، منفتحة على مساحات هائلة من حاجات الجماهير الواثقة فى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم.

ووقع الاختيار على «الإنترنت» كوسيط لحمل فكرة هذه المجلة لأسباب عديدة: أولها أن «الإنترنت» أصبح من أسرع الوسائل لنقل المعلومات بتطبيقاته المختلفة، واتساع رقعة المستخدمين له من كل الشرائح والأعمار خاصة بين الشباب.. ما يضمن تواصلاً مع مختلف فئات المجتمع، أيضًا طبيعة المستخدم لهذا الوسيط، والذى يمثل تحدياً لمؤسسات الإفتاء حول العالم التى اعتادت الرصانة العلمية، حيث لا يمكن لمستخدم الإنترنت المكوث كثيراً أمام موضوع بعينه، إلا إذا وجد فيه ضالته، مما يعنى أن نجاح هذه المؤسسات فى مثل هذا التحدى يعد نجاحا باهرا نظرا لطبيعتها المختلفة.

■ نرى سفريات كثيرة لك خارج البلاد للتعريف بالإسلام، وكان آخرها الولايات المتحدة، نود أن نعرف هل تحقق هذه الزيارات أهدافها؟

- نحن بفضل الله تعالى نعمل على نشر الوسطية والدفاع عن الإسلام ومحاربة الفوضى فى الخطاب الدينى فى الداخل والخارج على قدم المساواة، ونحن قد لاحظنا هجومًا شديدًا فى كثير من دول العالم ومنها أمريكا على الإسلام ومحاولة تصويره على أنه دين يحض على العنف وسفك الدماء، فأردنا أن نقوم بدورنا للذود عن الدين، كما أنه يوجد هناك أيضًا أقليات إسلامية فى العالم لها قضاياها الدينية التى تريد إجابة عنها، وهذا من واقع دورنا أيضًا، والدار تقوم بهذا دفاعا عن ديننا الحنيف.

■ بعد عودتك من الزيارة الأخيرة للولايات المتحدة أصدرت بيانًا تطالب فيه بضرورة تصحيح صورة الإسلام فما الذى دعاك لإصدار ذلك البيان؟ وما أكثر الدول التى نحن بحاجة للتركيز عليها لتصحيح صورة الإسلام بها؟

- أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا هى من أهم المناطق التى يجب التركيز عليها، ورغم أنه يوجد حوالى 50 مليون مسلم فى أوروبا إلا أن العداء فى أوروبا لا يزال مستمرًّا وهذا الأمر له أسبابه، فمنذ أن فتح المسلمون القارة الأوروبية على يد القادة أمثال محمد الفاتح وطارق بن زياد وغيرهما إلى أن وصل المد الإسلامى إلى أقصى مدى فى أوروبا، ونحن نلحظ هذا العداء التاريخى، وقد نبرر هذا العداء بأنه نتيجة للصورة الذهنية المترسبة لدى الأوروبيين وهذا ما اتضح فى العداء الشديد الذى وصل إلى حالات القمع والإبادة كما حدث فى البوسنة والهرسك، وعانى أبناء الدول الأوروبية الأصليون الذين دخلوا الإسلام لكنهم حافظوا على دينهم رغم ما لاقوه من أذى ومحاولات محو هويتهم الإسلامية مثل الألبان والبوسنيين، والكوسوفيين المقدونيين، والمسلمين فى بلغاريا، أضف إليهم المسلمين الجدد من أمثال المفكر الفرنسى رجاء جارودى، والمفكر الإسلامى الألمانى مراد هوفمان، وغيرهما ممن اعتنقوا الإسلام.

هناك نقطة أخيرة وهى من أهم التحديات الفكرية التى تواجه المسلمين بالخارج وهى وجود فجوة فكرية فى التاريخ الإسلامى هناك ومصدر هذه الفجوة أن العلماء والفقهاء ظلُّوا على امتداد التاريخ الإسلامى يفكرون فى الجاليات غير الإسلامية التى تعيش فى ديار المسلمين، ووضعوا لهؤلاء كتبًا وفقهًا يغنى هذا الجانب، ولكن هؤلاء العلماء لم يفكروا فى وضع الجاليات الإسلامية التى تعيش فى الغرب، فالحاجة متنامية بصورة كبيرة لوجود فقه للأقليات الإسلامية فى الغرب، يدرس أحوال المهاجرين، ويحصر أمرها لتجد سبيلها إلى أحكام فقهية تيسِّر وتسهِّل حياتهم فى الخارج.

■ وكيف نواجه حملات تشويه الإعلام الغربى للإسلام؟

- بعد «أحداث 11 سبتمبر» والإعلام الغربى يتعمد تقديم صورة للإسلام والمسلمين تجمع بين الضعف والتخلف والإرهاب والتطرف، محاولة منه لتكريس صورة سلبية للإسلام والمسلمين تتهمهم بالقسوة وأنهم مصدر العنف والإرهاب، لكن على الجانب الآخر دعنا نعترف بقصور الخطاب الإعلامى الإسلامى الموجه للغرب، مما يتطلب ضرورة انفتاح العالم الإسلامى على العالم الغربى وعلى حقائق العصر مع الحفاظ على ثوابت الأمة وتقاليدها وأن يُشكل المسلمون فى الغرب قوة ضاغطة ترفع صوتها مدافعة عن دينها وصورتها وهويتها، كما أن الضرورة أصبحت ملحة لإنشاء قنوات فضائية إسلامية موجهة للغرب تخاطبه بلغته وتعطى صورة شاملة عن الثقافة الإسلامية وتسهم فى تصحيح صورة الإسلام والعرب والمسلمين، ومن ثم فلابد من إنتاج برامج تخاطب الغرب باللغات الأجنبية بغية تصحيح صورتنا لديهم، هذه البرامج والحملات الإعلامية تركز على تفعيل دور الإعلام الإسلامى فى تحسين صورة الإسلام والمسلمين من خلال التعرف على صورة الإسلام والمسلمين فى وسائل الإعلام الغربية والأجنبية، كما ينبغى طرح رؤية مستقبلية فى مواجهة تشويه صورة الإسلام والمسلمين، والتعرف على تأثيرات العولمة فى تشكيل هذه الصورة الذهنية، وتفعيل دور الاتصال المباشر فى مواجهة الصورة السلبية فى الغرب، ومن خلال كل هذه الجهود نستطيع أن نواجه حملات التشويه ضد الإسلام فى الغرب، ولابد من ضرورة إنشاء جهاز إعلامى إسلامى للبحوث، يتولى رصد وتحليل واقع ما يقدم عن الإسلام والمسلمين فى وسائل الإعلام الغربية وإعداد الدراسات العلمية والحقائق التى يعتمد عليها فى الرد على ما يقدم من صور مشوهة أو إساءة تتعلق بالمسلمين وثقافتهم ودينهم.

■ وهل التغيرات السياسية أثرت بشكل أو بآخر على صورة الإسلام لدى الغرب؟

- بالفعل فالأحداث السياسية يكون لها مردود على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والدينية إيجابًا وسلبًا، ففى بعض الأحيان يكون الخطاب السياسى العربى والإسلامى الموجه للغرب يحمل التعصب والانتقاد الشديد والهجوم القوى مما يكون له ردة فعل عنيفة من قبل الآخر والذى ينسحب بدوره على الحياة الاجتماعية ويصب فى مصلحة التعصب الدينى، وتعثر عملية الاندماج المجتمعى التى يترتب عليها الكثير من المشكلات، ولعل الأحداث الأخيرة التى شهدتها الساحة العربية فيما يعرف بالربيع العربى وتصدر حملات التشويه والعمالة للغرب الحديث فى كافة وسائل الإعلامى كان له الدور الأبرز فى إذكاء هذه الروح العدائية ضد العرب والمسلمين ومن ثم الإسلام.

■ رأينا فى الأيام الماضية اتجاه دار الإفتاء للتوسع فى الرد على الشبهات التى تحيط بالإسلام كالفتاوى الشاذة.. هل هذا التوسع نابع من زيادة حدة التطرف الدينى فى البلاد الآن أم أنه عمل الدار بشكل أساسى؟

- مهمة الدار الأساسية هى بيان الحكم الشرعى للمسلمين فى كل ما يشغلهم فى أمور دنياهم ودينهم، وهذا هو صميم عملنا بدار الإفتاء المصرية، وكوضع طبيعى انتشرت فى الآونة الأخيرة موجة من الشبهات والفتاوى الشاذة والآراء الصادمة التى تطعن فى ثوابت الدين والصحابة، وبالتالى هبت الدار من واقع صميم عملها للرد على كل تلك الشبهات والافتراءات، وكان هذا النشاط واضحا بشكل ملحوظ نتيجة الزخم الكبير حول هذه القضايا ونتيجة لانتشار الآراء المتشددة من قبل البعض، فالدار من خلال مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة تحصل على الكثير من هذه الفتاوى والآراء نتيجة الرصد اليومى وعلى مدار الساعة من قبل الباحثين والمتخصصين فى هذا المرصد، ومن ثم تقوم بالرد والتفاعل مع الأحداث ونشرها فى الإعلام لإعطاء الصورة الصحيحة، ومنع حدوث البلبلة والوقيعة بين الناس فى ظل ما تشهد البلاد من ظروف فى وقتنا الحالى، وهذا العمل سواء فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل إن شاء الله هو نابع من صميم عمل دار الإفتاء ودورها فى نشر الوعى الدينى الوسطى بين المسلمين.

■ مرصد التكفير التابع للدار كيف يعمل وما هى خطتكم لتصحيح المفاهيم المغلوطة عند كثير من الشباب وخاصة فى مناطق الأطراف الحدودية فى الدولة؟

- المرصد هو أداة رصدية وبحثية لخدمة المؤسسة الدينية باعتبارها المرجعية الإسلامية الأولى فى مجال الفتوى، وهدفه التصدى لظاهرة فتاوى التكفير والآراء المتشددة فى مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية، وتقديم معالجات فكرية ودينية لتلك الظاهرة وآثارها، ومحاولة الوقوف على الأنماط التكفيرية والمتشددة فى المجتمع لتكون محل مزيد من البحث والدراسة لتقديم تصور لعلاج الظاهرة والمرتبطين بها، ومنها أيضًا تحسين صورة الإسلام وتنقيح الخطاب الدينى من ظواهر التشدد التى طرأت عليه بفعل أيديولوجيات وافدة أو مجتزأة والتى تدعو إلى العنف والتطرف، وهناك محاولات من الدار بالتنسيق مع الأزهر ووزارة الأوقاف عن طريق علمائهم لنشر المفاهيم الصحيحة فى ربوع الوطن، والقضاء على ظاهرة التشدد والتطرف وتجفيف منابعها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية