x

مارلين سلوم قبل نشر سوداوية نفوسهم مارلين سلوم الجمعة 13-10-2017 09:37


الإعلام إن شاء حكى، فصدق فأبكى وأفرح الملايين.

الإعلام إن شاء أن يلعب دوره الحقيقي، وأن يكون وفياً في أداء واجبه، ومخلصاً في إيصال أبلغ الرسائل لمجتمعه، قدم أفضل صورة عن الضمير الحي، واختصر الكثير من المعاني في مشهد أو صورة أو كلمة.

تمتلئ الصحف والشاشات كلاماً عن أحداث مهمة، لكن المشهد المصور تلتقطه العين فتخزنه ويعلق فيها. في المشهد يقرأ الإنسان كل الحكاية، يرى أعماقاً وأبعاداً، يفهم أحياناً ما يعجز أي مذيع أو متحدث عن إيصاله له.

وسط كل الفرحة التي شعر بها العالم العربي بعد فوز مصر وتأهلها لكأس العالم "المونديال" في روسيا 2018، كان هناك حكاية تختصر شعباً ووطناً. حكاية في صورة التقطها المصور الصحفي عزت السمري لشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، "يطير فرحاً" بكل معنى الكلمة، مستنداً إلى عكازيه بالأرض والبدن يحلق عالياً. الصورة صارت هي الحدث، تداولها الناس سريعاً، واختارها الإتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" صورة العام، مطلقاً عليها "صورة الأمل".

في الصورة ألم دفين وأمل ظاهر، والفرح هو المنتصر. عين المصور الصحفي قرأت هذا المشهد قبل أن يحدث، فانتظرت لتلتقط اللحظة وتسجلها للناس. مصاب بإعاقة نعم، لكنه غير عاجز عن الانتصار والتميز والفرح. إعاقته لا تجعله مقعداً، نادباً ككثير من المتشائمين الذين يحملون الأبواق لنعي أنفسهم وأوطانهم ليل نهار. وإعاقته لم تعمه عن التفاؤل فصار هو رمز الأمل بالنسبة للفيفا وللملايين من لاعبي وعشاق كرة القدم حول العالم.

الإعلام إن شاء قدم صورة جميلة حية، تخرس ألسنة المحرضين على قتل الفرح خوفاً من أن ينبت في الأرض فيزهر ويصير شجرة يتفيأ في ظلها أجيال وأجيال، والشجرة قد تصبح غابة، والظلال تكثر، والأمل يكبر، ولا يعود للمضللين مكان. هؤلاء الذين لا يريدون للمجتمع أن يخرج من عنق أزماته بسلاسة وينتصر ويقفز ويرقص، ولا أن يتحلى بإرادة قوية ليقف ويتجاوز المحن دون أن يأذنوا له بذلك، ولن يأذنوا.. فكل شعاع يؤلمهم، وكل نجاح يقتلهم.

للصورة دور مهم في مواكبة الأحداث، ودورها الأهم في التقاط ما لا تقوله الأحداث، وما يتعمد البعض طمسه كي لا يرى الإنسان جوانب أخرى غير تلك التي يصدرونها إليه. هي عين الإعلامي من أي موقع كان، والعدسة كما الشاشة، ناطقة دائماً، تحمل هوية الإنسان وهوية الوطن وهوية المجتمع.. إن شئت أيها الإعلامي جعلتها عين الحق والجمال والتفاؤل والأمل، تمنح أجنحة لمن تراهم ويرونها فيحلقون نحو الغد بتفاؤل كبير، وإن شئت جعلتها كالقبور، تحوّل الأحياء أمواتاً، يحلق الغربان فوقها لينهشوا اللحم، ويتواصل النعيق ليطغى على كل الأصوات العاقلة والمستكينة وتلك التي تسعى للمساهمة في نهضة أوطانها.

في المشهد ألف حكاية وحكاية، إن شاء الإعلام حكى الحقيقة، دون أن يسقط من حساباته ذهنية السعي نحو البناء لا الهدم، ومحاربة الإحباط والمحبِطين قبل أن يتمكنوا من نشر سوداوية نفوسهم في كل مكان.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية