قضت محكمة النقض، في جلستها المنعقدة، الخميس، برئاسة المستشار عمر بريك، نائب رئيس المحكمة، بنقض «إلغاء» الحكم الصادر من محكمة الجنايات بمعاقبة الناشط أحمد دومه بالسجن المؤبد في القضية المعروفة بـ«أحداث مجلس الوزراء»، وأمرت بإعادة محاكمته من جديد أمام إحدى دوائر محكمة جنايات الجيزة غير التي سبق وأصدرت حكمها بالإدانة.
وأوصت نيابة النقض -في تقريرها الاستشاري المرفوع إلى المحكمة- برفض الطعن وتأييد حكم الجنايات الصادر بالإدانة بحق أحمد دومه.
وكانت المحكمة قد استمعت إلى مرافعة خالد على المحامي عن «دومه»، والذي طالب بنقض الحكم وإعادة المحاكمة من جديد، تأسيسًا على أن الحكم المطعون فيه خالف صحيح أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه، ورفض محكمة الجنايات حينها الاستجابة إلى طلبات جوهرية تقدمت بها هيئة الدفاع والإخلال بحق الدفاع، وإدانة المحكمة للمتهم باتهام معدل لم يرد بقرار الاتهام الأصلي الصادر من هيئة التحقيق القضائية.
واستعرض الدفاع مجموعة من الدفوع الإجرائية المتعلقة بالطعن، مشيرا إلى أن محكمة الجنايات التي أدانت أحمد دومه رفضت الاستجابة إلى طلب ضم تحقيقات النيابة العسكرية المتعلقة بوقائع القضية، موضحا أن أوراق القضية التي قدمتها هيئة التحقيق القضائية ورد بها مطالعة تحقيقات النيابة العسكرية والإشارة إليها.
وأشار إلى أن المحكمة رفضت- أيضا- ضم تقرير لجنة تقصي الحقائق في شأن وقائع الاتهام إلى ملف القضية وعدم تمكين هيئة الدفاع من الاطلاع على هذا التقرير، لافتا إلى أن اللجنة التي أصدرت التقرير تشكلت بقرار رئاسي وضمت في عضويتها قضاة ومسئولين أمنين على أعلى المستويات، وهو ما كان يستوجب مطالعة معلوماتهم ونتيجة التحقيق الذي باشروه في تلك الأحداث.
وأضاف أنه تم نقل جلسات انعقاد القضية إلى مقر معهد أمناء الشرطة، على الرغم من كون أحمد دومه وبقية المتهمين في القضية ليسوا إرهابيين أو مسئولين سابقين يحاكمون في قضايا فساد، ووضعه في قفص اتهام زجاجي حال دون تواصله مع هيئة دفاعه والاستماع لما يدور في وقائع الجلسات، وتشديد إجراءات الأمن في ما يتعلق بحضور الجلسات معتبرا أن هذا الأمر يمثل أحد التنازلات عن ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة.. على حد وصفه.
وقال إن من بين أدلة الثبوت 48 اسطوانة مدمجة حوتها أحراز القضية، وأن المحكمة شاهدت بحضور هيئة الدفاع محتويات 20 اسطوانة فقط، ولم تقم باستعراض محتويات بقية الاسطوانات أو تمكين هيئة الدفاع من الحصول على نسخة منها.
وأشار إلى أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون، موضحا أن الاتهامات المسندة إلى أحمد دومه بقرار الاتهام تمثلت في التجمهر المضر بالأمن والسلم العام، وتعطيل حركة المواصلات العامة ومنع موظفين عمومين من أداء عملهم والاشتراك في الحريق العمد لمبنى حكومي، غير أن المحكمة عدلت القيد والوصف بالنسبة للاتهام الأخير وأدانته كفاعل أصلي في تهمة الحريق العمد وإضرام النيران بدلا من الاشتراك فيها، ودون أن تخطر دفاعه مسبقا بهذا التعديل حتى يستعد على ضوئه لإبداء المرافعة على النحو المعدل، خاصة وأن أركان الجريمة للشريك تختلف كلية عن الفاعل الأصلي.
وذكر أن الحكم لم يتضمن- في أسبابه- توضيح أركان جريمة التجمهر، باعتبار أنها الجريمة الرئيسية التي قامت عليها بقية الجرائم موضوع الاتهام، وهي الجريمة التي تتضمن المسئولية التضامنية عن ارتكاب بقية الاتهامات.. مشيرا إلى أن الحكم استند أيضا في إدانة «دومه» إلى شهادة أدلى بها أحد شهود الإثبات في حق متهمين آخرين ليس أحمد دومه من بينهم.
وكانت محكمة جنايات الجيزة- برئاسة المستشار محمد ناجي شحاته- قد سبق وعاقبت أحمد دومه بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما، وذلك لإدانته ومتهمين آخرين معه في القضية بارتكاب أحداث العنف وإضرام النيران والشغب أمام مباني مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى والمجمع العلمي المصري، فيما عرف إعلاميا بـ «أحداث مجلس الوزراء».
وتضمن الحكم- حينها- معاقبة أحمد دومه (حضوريا) و229 متهما بالسجن المؤبد..في حين عاقبت المحكمة 39 متهما آخرين بالسجن لمدة 10 سنوات لكل منهم، وإلزام المتهمين جميعا متضامنين بأداء مبلغ 17 مليون جنيه على سبيل الغرامة.
وأعيدت لاحقا إجراءات محاكمة المتهمين الهاربين في القضية المقضي بإدانتهم، لتقضي المحكمة في شهر يوليو الماضي، بمعاقبة 43 متهما بالسجن المؤبد وإلزامهم بسداد قيمة التلفيات التي تسببوا فيها متضامنين فيما بينهم بما قيمته 17 مليونا و684 ألف جنيه، ومعاقبة 9 متهمين (أحداث) بالسجن لمدة 10 سنوات، ومعاقبة متهمة واحدة بالسجن لمدة 5 سنوات، وبراءة 92 متهما آخرين.
وكان مستشارو التحقيق المنتدبون من وزير العدل قد أحالوا 293 متهما في أحداث مصادمات مجلس الوزراء للمحاكمة العاجلة.. حيث تضمن قرار الاتهام إحالة 269 متهما إلى محكمة جنايات القاهرة، و24 حدثا إلى محكمة الطفل، وذلك لاتهامهم بالضلوع في تلك الأحداث التي أسفرت عن وقوع أعداد من القتلى والجرحى.
ونسب قضاة التحقيق- وهم كل من المستشارين وجيه الشاعر ووجدي عبدالمنعم وحسام عز الدين- إلى المتهمين، ارتكابهم لجرائم مقاومة السلطات والحريق العمدي لمبان ومنشآت حكومية وإتلافها واقتحامها والتخريب وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، وتعطيل المرافق العامة وحيازة أسلحة بيضاء وقنابل مولوتوف وكرات لهب، فضلا عن حيازة البعض منهم لمخدرات بقصد التعاطي وممارسة مهنة الطب دون ترخيص والشروع في اقتحام مبنى وزارة الداخلية لإحراقه، وإتلاف وإحراق بعض سيارات وزارة الصحة وسيارات تابعة لهيئة الطرق والكباري وبعض السيارات الخاصة بالمواطنين والتي تصادف تواجدها في شارع الفلكي.
وتضمن قرار الاتهام أن المباني الحكومية التي تم التعدي عليها واقتحامها وإحراق بعضها وإتلاف كل أو بعض منشآتها هي المجمع العلمي المصري، ومجلس الوزراء، ومجلسي الشعب والشورى ومبنى هيئة الطرق والكباري، الذي يضم عددا من المباني الحكومية ومني بينها حي بولاق وحي غرب القاهرة وهيئة الموانىء المصرية وهيئة مشروعات النقل وهيئة التخطيط وفرع لوزارة النقل.