هل من الممكن أن نختصر حالة مهرجان (الجونة) إلى مجرد أموال ترصد من الشقيقين ساويرس (نجيب وسميح) ولهذا تُفتح أمامهما كل الأبواب المغلقة؟ إنها الصورة الذهنية التى رسختها السينما، عن رجل الأعمال، الذى ينفق ببذخ لتحقيق أهدافه، بينما الحقيقة تؤكد أنه لا شىء يرصد بدون خطة ومردود، تسبقها دراسة جدوى.
تنقل (الميديا) صورا لأغلب النجوم حتى مشاهير المطربين وليس فقط نجوم السينما، الذين حرصوا على المجيء إلى (الجونة)، ومن غادر الموقع قبل الختام سيعود ليشارك فى ليلة الوداع، وهو ما منح قدرا من الوهج لا يمكن إنكاره للجونة فى نسخته الأولى.
صار نجومنا المصريون يلاحقهم تساؤل هل يدعمون أيضا مهرجان (القاهرة) الذى يفتتح دورته رقم 39 بعد أقل من شهرين، أم أن هذه نقرة وتلك نقرة؟.
لا فرق عندى بالمناسبة بين مهرجان خاص ومهرجان تقيمه الدولة، كل منهما يحمل اسم مصر للعالم، ونجاحه هو بمثابة دعم لنا على كل المستويات، (القاهرة) برغم كل شىء هو العنوان الرسمى، كان وسيظل، و(الجونة) من حقه أن يحتل مساحة على الخريطة، إلا أنه لا يمكن أن يُصبح بديلا له، انطلق (القاهرة) قبل نحو 41 عاما فتيا وقويا برئاسة كمال الملاخ (رئيس جمعية كُتاب ونقاد السينما) الكاتب والصحفى والأثرى والناقد الكبير من أجل تحقيق هدف عزيزالمنال وهو أن تقتنص مصر مساحة سينمائية مستحقة، على خريطة مهرجانات العالم، قبل أن تسطو عليها إسرائيل.
شابت التجربة بعض الأخطاء، وتولى سعدالدين وهبة القيادة بأستاذية واحترافية وصار للدولة تواجدها المباشر فى المهرجان منذ عام 85، كان وهبة، مستقلا اقتصاديا بمهرجانه عن الدولة، بينما أدبيا وسياسيا كان يدرك جيدا أين هى المحاذير؟ واستمرت المسيرة حتى رحيله 97، ليمسك حسين فهمى بعدها بدفة القيادة، حفر حسين بصمة خاصة، ليست هناك مقارنة بين وهبة وفهمى، كل منهما لديه منهج خاص، عندما اختلف حسين مع وزير الثقافة تقدم باستقالته.
وتتابعت الأسماء حتى تولى القيادة الناقد الكبير سمير فريد فى الدورة التى أقامها 2014، سمير يملك الكثير بخبرته العريضة إلا أنه اصطدم بالروتين وتقدم باستقالته، وجد نفسه لا يعزف ألحانه بقدر ما يدافع عن قيثارته، وعلى مدى ثلاث دورات متتالية تحاول ماجدة واصف رئيسة المهرجان ويوسف شريف رزق الله المدير الفنى الدفاع عن القيثارة، إلا أن هناك معوقات إدارية، لتحطيم القيثارة.
يحلو للبعض المقارنة بين (القاهرة) و(الجونة). الغاضبون من الجونة، يقولون إنها فقط فلوس نجيب وسميح ولو وضعناها فى أى يد أخرى ستحقق نفس النتائج إذا لم يكن أفضل، وهم بهذا يغفلون الدور الذى يؤديه بكفاءة انتشال التميمى المدير الفنى مع فريق العمل، بينما المتربصون بمهرجان القاهرة يقفون على الجانب الآخر مرددين على (القاهرة) أن يتعلم من (الجونة).
دعم المهرجانين أراه فرض عين علينا جميعا، فى نفس الوقت لا نغض الطرف عن الخطأ، مصر تستحق أن يحمل اسمها للعالم مهرجان يقيمه القطاع الخاص بكل ما يحمله من مرونة فى الحركة، وآخر تقيمه الدولة بكل ما تملك من إمكانيات، وعلى نجومنا أن يثبتوا أنهم كما سافروا إلى (الجونة) داعمين سيذهبون أيضا إلى (القاهرة)، بينهم و(القاهرة) مجرد (فركة كعب)، فهل يقطعونها؟.