تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان الراحل إسماعيل يس (15 سبتمبر 1912- 24 مايو 1972). تأتى الذكرى هذا العام وسط حالة من الجدل أحدثتها تصريحات الفنان محمد رمضان لـ«المصرى اليوم» عن أفلام الراحل التي قدمها في الجيش، وهو ماأثار حفيظة جمهور «سمعة» قبل أسرته. وقامت الدنيا لتطالب الدولة برد الاعتبار لإسماعيل يس وتكريمه بالشكل الذي يليق بتاريخه الفنى والوطنى.
وأعلنت أسرة الراحل تقبلها اعتذار «رمضان» عن تصريحاته، وطالبت أرملة نجله المخرج الراحل يس الفنانين بالابتعاد عن انتقاد الفنانين الكبار لأن الجمهور لن يتقبل ذلك خصوصا مع القامات الكبيرة مثل إسماعيل يس الذي رسم البسمة على وجوه الملايين فأصبح ضحكة مصر التي تخرج من القلب.. «المصرى اليوم» تحيى ذكرى ميلاد الراحل بسلسلة حوارات مع السيدة سامية شاهين أرملة نجله وحفيدتيه سارة وابنها ياسين وسلمى.
■ كيف كانت بدايات الراحل إسماعيل يس؟
- إسماعيل يس كان الفنان الكوميدى الأوحد في مصر، في زمنه ولا يزال حتى الآن رقم واحد، ورغم رحيله منذ 45 عامًا إلا أن أفلامه مايزال يشاهدها جمهوره حتى الآن، هو أسطورة الكوميديا في العالم العربى، ومنذ قدومه من السويس إلى القاهرة، لتحقيق حلمه في الغناء وأن يصبح مثل الموسيقار محمد عبدالوهاب، وإحيا الأفراح، إلى أن شاهده المونولجست سيد سليمان، الذي توقع نجوميته في فن المونولوج، واتجه بعدها للفنانة بديعة مصابنى، وشارك بالتمثيل بأدوار ثانوية، حتى ذاع صيته بجهوده الذاتية، وتهافت عليه المنتجون لتبدأ رحلة جديدة في حياته، مرتبطة بثورة 23 يوليو ليستكمل طريقه بسلسلة من أعماله التي تحمل اسمه.
■ ما هي كواليس سلسلة أفلامه الخاصة بالجيش؟
- منذ أن بدأ يلمع اسمه، طالبته الرئاسة والمخابرات وقتها، بعمل سلسلة الأفلام التي حملت اسمه، مثل البوليس الحربى، والجيش، والطيران، وكان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، يؤسس لبناء جيش قوى بعد الثورة، وحث الشعب على حب الجيش والتطوع في التجنيد، فهذه الأفلام لم تكن كأى عمل آخر يتم تنفيذه بدون آليات، ولكن كانت عليها رقابة من المخابرات المصرية وكانت تحمل رسائل خاصة للشعب.
■ ولماذا تم تقديم شحصية الجندى بصورة كوميدية؟
- سلسلة أفلام الجيش أو البوليس تم طلب تنفيذها بالصورة التي تم تقديمها حتى يدرك الشعب وقتها قيمة جيشه ويستوعب أداء الواجب الوطنى، فكيف تخاطبه إلا بطريقة تحببه في التجنيد فكانت الكوميديا هي الطريقة الأمثل للوصول إلى هذا الهدف، والدليل على ذلك نتائج تلك الأفلام التي قدمها إسماعيل حيث يدخل في بداية العمل مجندا خائفًا صاحب شخصية ضعيفة ويخرج منه وهو صاحب شخصية جادة وقوية وسوية وإيجابية، وهذا ما يتصف به جيشنا، يدخله الشباب ليخرجوا منها رجالاً يقودون الوطن، فكانت هذه الأفلام تصور تحت أعين الرئاسة والمخابرات لأن الهدف منها كان وطنيًا.
■ كيف كان رد فعل جمال عبدالناصر بعد هذه السلسلة من الأفلام؟
- قام بتكريم الراحل إسماعيل يس، والذى تبرع بدوره للجيش خلال حرب 1956 بـمبلغ ألفى جنيه، وكان هذا المبلغ وقتها يساوى الكثير مقارنًة بالوضع الآن، وقدم إليه رئيس الوزراء رسالة شكر.
■ هل كانت هناك نقطة تحول أخرى في حياته بعد سلسلة أفلام الجيش؟
- قدم أفلاما أخرى، ولكن هناك ما ذكره لى نجله الراحل يس، أنه كانت هناك نقطة تحول في حياته عندما قدم فيلم «صاحبة العصمة»، وأدى دوره بقوة وأخذ منحى إيجابيا.
■ هل وجد الفنان الراحل التكريم اللائق باسمه؟
- لم يتم تكريمه بالشكل اللائق وبما قدمه من سلسلة أفلام تعتبر أعمالا قومية، في حين أن الدولة تقوم بتكريم أسماء كثيرة ليست في قيمة إسماعيل يس، ورغم أنه تبرع بألفى جنيه ومات وهو لايملك شيئا، ولذلك أطالب مجلس النواب بتفعيل قانون حق الأداء العلنى لأسر الفنانين حتى تستعيد أسرهم جزءا من حقوقهم.
■ ما المراحل المؤثرة بحياة الراحل إسماعيل يس؟
- هناك فترات ومراحل عديدة، تأثر بها الفنان الراحل، منها بداية طريقه، وبعدما لمع نجمه وأصبح في قمته ثم جاءت فترة الستينيات وبدأ بعض الفنانين في محاربته بهدف إظهار آخرين، واعتبروه عائقًا أمام ظهورهم الفنى فكانت تأتيه سيناريوهات عديدة من المنتجين ولكن فجأة يختفى المنتج ولا يستكمل العمل وهو ما تسبب في إيذائه نفسيًا وأحس أن البساط ينسحب من تحت قدميه، إلى أن وصل في حرب 67 وسافر إلى لبنان فكانت مرحلة جديدة في حياته.
■ كيف كانت رحلته إلى لبنان؟
- عندما وصل إلى لبنان بدأ في مرحلة جديدة هدفها المسرح، وهو ما كان «يس» عاشقًا له، وأضاع نقوده عليه، فقام بتأسيس فرقة مسرحية بالمشاركة مع الكاتب أبوالسعود الإبيارى، وكان وقتها يقوم بإعطاء مرتبات للفنانين حتى ولو لم تكن هناك أعمال مسرحية، فكان يعمل في السينما حتى ينفق على المسرح وكان هذا السبب الرئيسى في ضياع أمواله.
■ ماحقيقة ما أشيع عن أن جمال عبدالناصر وراء ضياع أموال «يس»؟
- كلام عار تمامًا من الصحة، ولاعلاقة للراحل جمال عبدالناصر بالاستيلاء على أموال إسماعيل يس، ولكن الضرائب هي من تسببت في هذا بسبب تقديراتها العشوائية والتى تسببت في إصابته بشلل مؤقت، عندما علم من البنك أن رصيده وكان يبلغ وقتذاك 300 ألف جنيه، وصل إلى جنيهين، وعلى الرغم من علاقة «يس» بـ«عبدالناصر» إلا أنه لم يلجأ إليه إلا مرة واحدة عندما تحفظ محافظ القاهرة على سيارته «عنوةً» فقرر عبدالناصر إعادتها إليه، ومن المواقف الطريفة التي ذكرها لى يس أنه كان مدعوًا لحفل داخل بيت «عبدالناصر» لعلاقته القوية بأبناء عبدالناصر، فقام إسماعيل يس بتوصيله إلى منطقة قريبة من منزل عبدالناصر وعندما سأل يس والده عن سبب عدم توصيله أمام المنزل قال له «إنت يابنى عايز يتقبض عليا يمكن قلت نكتة على الرئيس الصبح ولا حاجة».
■ كيف كانت علاقتة بزملائه الفنانين؟
- إسماعيل يس كان محبوبًا من الجميع، وكانت الفنانة خيرية أحمد دائمًا ما تذكر قصصًا عن علاقته بزملائه فكانت تحكى موقفا طريفا وهو أن أبوالسعود الإبيارى كان مقتصدًا ماديًا مع أعضاء الفرقة، وكان هناك بعض الفنانين يتضايقون من ذلك ويشتكون لإسماعيل يس، فما كان منه إلا أن قام بدفع المبلغ من جيبه الخاص، بالإضافة إلى وقوفه مع الفنانين في ظروفهم الخاصة ومساعدته لهم.
■ كيف كان يقدر الراحل إسماعيل يس الفنانون الأقدم منه؟
- ليست هناك أية مقارنة بين هذا العصر الذي نعيشه وما كان يحدث قديمًا بين الفنانين واحترامهم لكبارهم وقدوتهم الفنية، لأن عصر إسماعيل يس كان يضم عمالقة يحترمون بعضهم البعض، والدليل على ذلك المشهد الذي ظهر فيه عبدالحليم حافظ، وأحمد مظهر، مع الراحل مجاملة له، في فيلم «إسماعيل يس في البوليس الحربى» لتجد دوريهما فقط هو سماع مونولوج «فى يوم من الأيام» والذى كان يتغنى به الراحل، فلنا أن نتخيل كم الاحترام الذي كان يربط بين رموز زمن الفن الجميل، إذا ما قارنا ذلك بما يحدث حاليًا، لذلك أطالب شباب الفنانين بالابتعاد عن انتقاد الرموز الفنية والعمالقة، وعندما يحدث ذلك تأتى ردود أفعال غاضبة من الجماهير، فيجب عليهم احترام القدوة، لأنهم أفنوا عمرهم في سبيل الفن بدون مقابل مادى «فياريت محدش ييجى جنب العمالقة دول لأنهم رموز واللى يغلط فيهم النهارده الجمهور هو اللى بيرد عليهم».
■ وما رأيك في انتقاد البعض لإسماعيل يس بعدم مساعدته لزملائه في محنهم؟
- في أحد البرامج جاء نجل الفنان رياض القصبجى، بالفعل واتهم إسماعيل يس، بذلك وقال إنه لم يساعد أو يسأل عن والده، لذلك أقول إننى لم أعاصر «يس»، ولكن الرد قالته بعض الفنانات وأكدن أن يس كان يساعد الفنانات الجديدات فكيف لا يساعد من شاركوا معه في أفلامه، وأتساءل: لماذا لم يقل نجل القصبجى هذا الكلام أمام الراحل يس إسماعيل يس فهو كان على قيد الحياة ولماذا حاليًا يظهر في البرامج ليسرد تلك التصريحات.
■ من كانوا أصدقاء الفنان الراحل إسماعيل يس المقربون؟
- كان الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، متواجدًا دائمًا في بيته، بالإضافة إلى الفنانة تحية كاريوكا، وفطين عبدالوهاب، والذى تأثر بوفاته ومات بعده بعشرة أيام، مع العلم أن أصدقاءه المقربين معظمهم كانوا من خارج الوسط الفنى.
■ وماذا عن مسرح إسماعيل يس وتغييره؟
- مسرح إسماعيل يس تم بيعه لشخص يدعى عبدالمنعم جابر، وبعد وعده بعدم رفع اسمه منه، فوجئنا بعد فترة أصبح مجمعا باسم صاحبه، وتم نسيان تراث إسماعيل يس، وأطالب بإطلاق اسم الراحل على مسرح ميامى نظرًا لأعماله الكثيرة التي قدمها به، والوحيد الذي كرم الراحل هو محافظ السويس عندما أنشأ مسرحا باسمه وأطلق اسمه على أحد الشوارع وهذا كان التكريم الوحيد.
■ ماذا عن المونولوجات التي أعاد الراحل يس توزيعها من أعمال والده؟
- كانت هناك 10 مونولوجات أعيد توزيعها من جديد، وبعدما طرح الشريط في السوق قام بسحبه لعدم جدية الشركة.
■ وما رأيك في التناول الإعلامى للفنان الراحل إسماعيل يس؟
- حزنت جدًا من الإعلام فمنذ ثلاث سنوات لم يتذكر الإعلام أو الصحف أو القنوات الراحل، وما إن ظهرت تصريحات خاصة بإسماعيل يس مؤخرًا حتى وجدنا أن كل القنوات تطالبنى بالظهور والتحدث ولكنى رفضت ذلك، فلماذا لا يتذكر الإعلام الفنان الراحل الذي قدم رصيدا كبيرا من الأعمال فأفلامه تُدرس، وأيضا نجله كان مخرجًا فلماذا لم يتذكره أحد، أليس فنانا أيضا. ولم تتذكره سوى الفنانة شيرين عندما أحيت ذكراه في أحد البرامج التي ظهرت بها.
■ ما علاقة إسماعيل يس بنجله؟
- علاقته به فوق الوصف فبمجرد ما جاء ابنه إلى الحياة تغير مجرى حياة الراحل إسماعيل يس، وكان دائمًا ما يطمئن عليه كل ساعة هاتفيًا، وكان عندما يتشاجر مع نجله يتحول الموقف إلى ضحك على الفور، لأنه كان طيب القلب، ومن المواقف الطريفة أن إسماعيل يس لم يعش طفولته، وأقام مدينة ملاه لنجله في الدور الأرضى بمنزله وكانت مليئة بالألعاب، ففى كل مرة يختفى إسماعيل يس يبحثون عنه يجدونه يلعب داخلها، وكأنه يستعيد طفولته من جديد التي حُرم منها، وكان يغنى لنجله أغنية حبًا فيه ويرددها له تقول «لا جدودى زى جدودكم ولا ابنى يس زى ولادكم».
■ هل استفاد نجل إسماعيل يس من شهرة والده؟
- في النهاية هو نجله، فطبيعى أن ينيره اسم والده، ولكن المخرج يس إسماعيل يس، من بدايته قام بتأليف فيلم وبالتمثيل فيه، وسرعان ما اكتشف نفسه وعمل بالإذاعة وانتهى إلى أن يكون مخرجًا بعيدًا عن التمثيل، ولكن اسمهيما مرتبطان ببعضهما، وعلى الرغم أن نجله خلق فرصة لنفسه ولكن اسم والده أنار له اسمه.
«يس» نجل حفيدته: أقلده في حفلات المدرسة وأتمنى أكون «ممثل زيه»
«يس شريف عبدالمنعم» نجل حفيدته سارة، يمتلك موهبة جده، لدرجة أنه يقوم بتقليده في حفلات المدرسة واشتهر بالشبه الكبير الذي يربطه بالراحل إسماعيل يس، يقول: أحببت التمثيل من أفلام جدى، وأقوم بتقليده في حفلات المدرسة، وأقوم بعمل حركاته التي كان يقوم بها في أعماله.
وأضاف: أحب فيلم «إسماعيل يس في البوليس الحربى»، وأضحك على الإفيهات التي يقدمها، والمدرسون يحبوننى ويطلبون منى تقليده، ولو مشتغلتش في التمثيل أحب أن أكون لاعب كرة، لأنهم بياخدوا «فلوس» كتير.
حفيدته سارة:
أفلامه تناسب كافة العصور.. وخطاب اليمن دليل على وطنيته
قالت سارة حفيدة الراحل لـ«المصرى اليوم»: إن أفلام جدها تناسب كل عصر وإنها كانت حريصة على أن يرى أولادها أعماله وأن أفلامه لا تحتوى على ما تخجل منه الأسر المصرية، وإن جمهوره من كافة الفئات العمرية.
وأوضحت أن العائلة ميولها فنية، وأن الفن يجرى كالدماء بهم، فمنهم من يعمل وراء الكاميرا، كشقيقتها سلمى والتى عملت «بروديوسر»، ووالدتها مخرج منفذ، ومن الأحفاد فابنها يس تربى على عشق جده، فيقوم بتقليده في الحفلات المدرسية.
وشددت على أن بعض الفنانين يتواصلون معهم مثل عزت العلايلى وخالد زكى ومن الجيل السابق الراحلتان تحية كاريوكا وسعاد مكاوى.
وأضافت أن ما يحزنها أن جدها الراحل طالب بتكريمه بصوته قبل وفاته لأنه لم يأخذ حقه فنيًا.
وعن نص خطاب اليمن الذي ألقاه الراحل للشعب أشارت سارة إلى أنه تم إرساله إليهم وكان يتحدث إلى الشعب اليمنى قائلا: «شيلوا القات من فمكم وخليكوا حريصون على وطنكم واوعوا لبلدكم»، وهذا كان دليلا على وطنيته، لأنه كان تلقائيا ومحبا لهم، لهذا سنعيش فخورين بأننا أحفاد إسماعيل يس.
سلمى يس: جدى أكبر فنان كوميدى في تاريخ مصر.. والاعتذارعن الإساءة له مقبول
أوضحت حفيدته سلمى أنها وشقيقتها ووالدتها، تقبلن الاعتذار عن التصريحات التي أساءت لجدها، وأنهن المنوط بهم الوحيدون بتقبل الاعتذار من عدمه وليس لأحد آخر صلة بهذا، مشيدة بجمهوره الذي يعيش على ذكرى الراحل وأنه الذي قام برد اعتباره.
وقالت إن جدها أثر في جميع الأجيال وسيرته تعيش بسبب دعوة والدته له، وأنه كافح في حياتة وبدأ من الصفر وحفر اسمه ووصل لقلوب كافة الأجيال والفئات العمرية، فهو رمز ويعد أكبر فنان كوميدى جاء في تاريخ مصر، فيجب تكريمه بالشكل الذي يليق به.
وأشارت إلى أن أفلامه التي قدمها عن الجيش المصرى كان يظهر بها في بادئ الأمر كجندى «يهزر» ويضحك ويقدم إفيهات بعفوية، وعلى طبيعته وفى النهاية يوضح الفيلم أن الجيش كون شخصيته وأعطى رسالة هادفة.