قبل أيام معدودة من بدء العام الدراسى الجامعى الجديد، لحقت خدمات الجامعات المصرية للآلاف من الطلاب فى شتى المحافظات، بركب ارتفاع أسعار السلع والخدمات المنطلق بلا هوادة منذ أشهر فى جميع القطاعات، وكأن الأسرة المصرية على موعد مع «قهر الأسعار» باستمرار، حيث قفزت مصروفات إقامة الطلاب المغتربين داخل المدن الجامعية من 165 إلى 350 جُنيهًا للشهر الواحد، وهو المبلغ الذى وصفته وزارة التعليم العالى بحد أقصى للمصروفات تتولى كل جامعة تخفيضه حسبما يتراءى لها.
جاءت الزيادة مُحبطة للعديد من الطلاب الملتزمين بالارتحال سنويًا للمدن الجامعية من شتى المحافظات، حيث لم تبد فى نظر البعض سوى ثقل جديد يُنهك ميزانيات ذويهم ولا يتناسب وجودة ما تقدمه المدن الجامعية من خدمات معيشية أو أطعمة وتغذية، الأمر الذى دفع بعض الطلاب لترتيب أولوياتهم والبحث عن بدائل اقتصادية تغنى عن الإقامة داخل الحرم الجامعى ولو حملتهم مزيداً من الأعباء اليومية.
«المصرى اليوم» استطلعت أحوال عدد من الطلاب المغتربين فى محافظة القاهرة، والمُنتسبين لجامعات القاهرة وعين شمس والأزهر وحلوان ورصدت اعتراضاتهم على الزيادة وتحفظاتهم على ما توفره المدن الجامعية من خدمات، بجانب زيادة أسعار الشقق بجوار الجامعات بشكل مبالغ فيه.
بالقرب من قبة جامعة القاهرة حيث العراقة والأصالة، تحديدًا فى منطقة «بين السرايات» أمام باب كلية التجارة، تجد المدينة الجامعية للطلاب، وعند دخولك غرفة الطلبة تجد جدرانها شاهدة على العديد من القصص والأفراح والمعاناة أيضًا، ففى الغرفة التى لا تتعدى مساحتها الـ10 أمتار التى تسع طالبين فقط، تجد سرير الطلبة مكونا من طابقين لضيق مساحة الغرفة، أمامه مكتبان من حديد لا تتعدى مساحة المكتب الواحد متر× متر، وفى الغرفة دولاب واحد فقط للملابس يتقاسمه الطالبان المقيمان فى الغرفة، فمنذ قيام الملك فاروق بوضع حجر الأساس للمدينة الجامعية بجامعة القاهرة فى 12 فيراير 1949، أصبحت المدينة الجامعية ملاذًا للطلبة المغتربين الذين يسعون جاهدين لطلب العلم، وكانت المدينة شاهدة على ذكريات الطلاب، أما الآن ومع زيادة مصاريفها الشهرية إلى 350 جنيها، باتت شاهدة على ثقل كاهل الطلبة وذويهم، وبعيدا عن المدينة الجامعية، نجد السكن الخاص الذى قفز سعره هذا العام إلى 3 آلاف جنيه، ويتراوح حسب المساحة وعدد الطلاب المشاركين فى الغرفة، ليصبح الطلبة بين الأمرين «عذاب المدينة والسكن الخاص» مما جعلهم يبحثون عن عمل بجانب الدراسة لتلبية مطالبهم لحين التخرج .المزيد
متفردة عن أغلب الجامعات فى مُحيط القاهرة الكبرى، تقع مبانى مدن الطلاب والطالبات التابعة لجامعة حلوان داخل نطاق الحرم الجامعى مترامى الأطراف، تحديدًا على بعد أمتار عديدة من البوابات الرئيسية جهة اليمين، ما يتيح للمغتربين من طلاب الجامعة فرصة اختصار ساعات التنقل بين المواصلات العامة وصولًا لحرم الجامعة، إضافة إلى التكاليف الاقتصادية المتغيرة بسبب ارتفاع أسعار الوقود.. تقع مبانى مدينة الطلاب والطالبات على بعد أمتار من بوابات الجامعة الرئيسية، وبحسب موقع الجامعة يصل إجمالى عدد مبانيها إلى 17 مبنى يقدم خدماته لـ4300 طالب وطالبة سنويًا، رغم ذلك وقبل بدء الدراسة تبدو المدينة الطلابية ساكنة شديدة الهدوء، منعزلة عن محيط الجامعة حيث يجوب الطلاب المستجدون وأولياء أمورهم المنطقة لتقديم الأوراق اللازمة للالتحاق بالكليات المختلفة، من وجهة نظر أخرى، لن تعود المدينة كما كانت فى موسم التسكين للفصل الدراسى المقبل، حيث لن يدفع الطالب الواحد 165 جُنيها مقابل إقامته، بل 350 جُنيها على أقصى تقدير.المزيد
على مسيرة خطوات من حرم الجامعة الرئيسى، تقبع مدينة الطلبة الجامعية التابعة لجامعة عين شمس، والمخصصة ﻹسكان الطلاب البنين القادمين من أنحاء الجمهورية طلبا للعلم بالعاصمة، فيما يقر الموقع الرسمى للمدينة الجامعية التابعة لعين شمس، بأن سعتها تصل لتسكين 2710 طلاب معا. وعلى بعد بضع طرق ومسارات مرورية، بالتحديد فى شارع أحمد تيسير بمصر الجديدة، تقع مدينة الطالبات الرئيسية، مجاورة مباشرة لكلية البنات، بسعة إجمالية بحسب الموقع الرسمى للمدينة 1642 طالبة.
وفى حين يزخر الموقع الرسمى برسومه المدعومة بسيل اشتراطات ومعايير للقبول بالمدينة الجامعية ينبغى أن تتوافر لدى الطالب الجامعى أو الطالبة كى يحظى بسرير وأرفف بدولاب وبعض الخدمات داخل أسوار المدينة الجامعية، تغزو أسوار المدينة الجامعية عشرات الملصقات الدعائية المكتوب بعضها بعناية وبعضها الآخر على عجالة.المزيد
يتحسس كلماته يحاول أن ينتقى منها الأفضل ولكن يغلبه الخجل والحرج، بعض الأحاسيس الممتزجة بالشعور بالذنب تظهر على نبرة صوته، يرى أنه كطالب متفوق ومغترب كان يجب أن يتلقى الكثير من دعم الدولة كما يحدث فى «بلاد الفرنجة» على حد وصفه: «هناك الطلاب المتفوقون يحصلون على المنح التعليمية بجانب تكاليف كل المراحل التعليمية الحكومية خصوصا للطلاب المتفوقين، بل إنهم أيضا يأخذون مصروفا من الجامعة»..
«أحمد ضيف» طالب بجامعة الأزهر كلية علوم، يعمل على تجهيز وترتيب أموره للانتقال إلى القاهرة مع بداية الفصل الدراسى الجديد كما يفعل كل عام حيث ينتقل من مسقط رأسه بمحافظة الغربية إلى المدينة الجامعية الخاصة بجامعة الأزهر فى مدينة نصر. يقول طالب الفرقة الثالثة: «أنا لسه بدرس، طبيعى أكون باخد مصاريفى من البيت، واحنا عائلة ريفية على قد حالها، السنة اللى فاتت كنت بتدبر أمورى بصعوبة بالغة، مش عارف بعد الزيادات الجديدة اللى الوزارة أقرتها دى هكون قادر عليها ولا لا»المزيد
فى رده على قرار زيادة رسوم المدن الجامعية قال الدكتور يوسف راشد، رئيس المجلس الأعلى للجامعات، إن الزيادة لا تعادل التكلفة الحقيقية التى يحتاجها الطالب للسكن والتغذية فى المدينة، مشيرا إلى أن التكلفة الحقيقية للطالب الواحد 1125 جنيها شهرياً، وقال: «ما يتحمله الطالب لا يساوى فقط قيمة البيض أو كوب شاى فى اليوم».
وأضاف «راشد» لـ«المصرى اليوم»، أن زيادة التكلفة من 150 جنيها إلى 350 جنيها شهرياً لا تعتبر زيادة، لأنها ستساعد فى المدن الجامعية والمرافق وجودة التغذية.
وتابع «إذا قدم طالب مذكرة إلى نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب بأنه غير قادر على تحمل هذه التكاليف، سيعفى من المصاريف، وفقاً لتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بأنه لا يحرم طالبا من خدمة تعليمية بسبب عدم قدرته على دفع المصاريف». المزيد
حالة من الاستياء سادت بين طلاب الجامعات فى المحافظات قبل بدء العام الدراسى بسبب ارتفاع أسعار الإقامة بالمدن الجامعية، حيث أكدوا أن الرسوم اقتربت من السكن الخارجى وهو ما يحمل الطلاب وأولياء الأمور فوق طاقتهم.
فى الأقصر، اشتكى عدد كبير من الطلاب من ارتفاع أسعار الإقامة بالمدن إلى الضعف، مما أثار غضبهم لعدم قدرة الكثير منهم على تحمل الزيادة، مطالبين بمراعاة البعد الاجتماعى والاقتصادى لطلاب الصعيد، مؤكدين أن تطبيق الزيادة الجديدة التى تم الإعلان عنها لتصل التكاليف إلى 350 جنيها سوف تؤدى إلى عدم قدرة عدد كبير من الطلاب على التواجد فيها. وقال علاء باشا، طالب، إن ارتفاع أسعار المدن الجامعية اقترب من السكن الخاص الذى يتميز بوجود كماليات بالشقة من تكييف وأجهزة كهربائية متنوعة.المزيد