تُعد الالتهابات التي تسببها البكتيريا أحد أكبر أسباب الوفاة حول العالم، ويأتى العلاج في الغالب عن طريق استخدام المُضادات الحيوية الملائمة لنوع البكتيريا، غير أن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية آخذة في الارتفاع، وهو الأمر الذي ينجم عنه ظهور سلالات جديدة من البكتيريا لا تستجيب للعلاج بالمضادات الحيوية.
ويُحاول العلماء طيلة العقد الماضي تطوير علاجات بديلة للمضادات الحيوية لاستهداف البكتيريا المُقاومة للمضاد الحيوي، وهو الأمر الذي دفع علماء من جامعة «هارفارد» لاستخدام تقنيات بيولوجية جديدة لفحص سلامة الافتراضات السابقة المتعلقة بكيفية الحد من النشاط البكتيري باستخدام المضادات الحيوية.
وقال العلماء، في ورقة علمية نشرت في مجلة «Cell Host & Microbe» -حصلت المصري اليوم على نسخة منها- إن الافتراضات الحالية والتى تتعلق بكيفية مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية ربما تكون غير صحيحة.
تقتل المضادات الحيوية البكتيريا عن طريق تشكيل ضغط بيئي عليها، إذ تعيق في الغالب آلية بناء جدار الخلية للبكتيريا، ويعتقد العلماء أن مقاومة البكتيريا للمضاد الحيوي تنشأ بسبب حدوث طفرات في البكتيريا تُمكن أجيالها المقبلة من مقاومة أثر المُضاد الحيوي، إلا أن الدراسة الجديدة ترى أن مقاومة المضادات الحيوية تنشأ نتيجة وجود «بكتيريا غير نشطة» يجري تفعيلها بعد أن يتمكن المضاد الحيوي من القضاء على البكتيريا النشطة المستهدفة.
وقال العلماء إنهم استخدموا أداة ميكروبيولوجية لفحص طريقة تصرف البكتيريا مع الجسم، مؤكدين أنهم وجدوا أن المقاومة للمضاد الحيوي تنشأ إذا ما كانت البكتيريا «خاملة» -أو نائمة- أثناء فترة العلاج.
أجرى الفريق البحثي تجاربه عن طريق حقن فئران التجارب ببكتيريا من النوع المقاوم للمضادات الحيوية، وبعد أسبوعين، استخدموا مُضادًا حيويًا واسع المجال لقتل تلك البكتيريا، وقتل المُضاد عددًا كبيرًا من البكتيريا، غير أن العدوى ظلت موجودة في الفئران.
وفحص العلماء عينات من دماء الفئران ومسحات من لعابها، ولم يجدوا أي دليل على أن البكتيريا قد تطورت لتحمل آثار المضاد الحيوي، وبعد أن جرى تنشيط البكتيريا داخل طبق بترى – وهي نفس البكتيريا المقاومة للمضاد الحيوي المستخرجة من دماء الفئران – اختبر العلماء استجابتها للمضاد الحيوي، ليجدوا أن المضاد الحيوي قتل جميع البكتيريا الموجودة في طبق الاختبار، وهو الأمر الذي يدل على أن المضاد الحيوي المستخدم لا يزال فعالاً.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تهدد مقاومة مضادات الميكروبات فعالية الوقاية من مجموعة من حالات العدوى التي تتزايد باستمرار وتسببها الجراثيم والطفيليات والفيروسات والفطريات ونجاعة علاجها، وتشكل عرضًا متزايدًا يستوجب اتخاذ الإجراءات بشأنه على مستوى جميع القطاعات الحكومية والمجتمع.
ويصاب 480 ألف شخص بالسل المقاوم للأدوية المتعددة كل سنة وتأخذ مقاومة الأدوية في تعقيد مكافحة فيروس العوز المناعي البشري والملاريا في العالم.