كشفت التحقيقات التى أجرتها أجهزة الأمن فى القاهرة فى المجزرة البشرية التى شهدتها منطقة «القللى»، أمس الأول عن عودة «مملكة البلطجية» وفرض سيطرتهم على الشارع. قالت التحريات وشهود العيان إن خطرين وأصحاب سوابق من «حكر القللى» نصبوا أكمنة فى الشارع العمومى والمنطقة الممتدة أسفل نفق شبرا وفرضوا إتاوات على سائقى الميكروباص، مقابل المرور من الشارع إلى الشرابية.
وأضافت الحقيقات أن 10 من «الخطرين» المقيمين فى «الحكر» والشرابية جهزوا كميات كبيرة من الطوب والحجارة وزجاجات «المولوتوف» والأسلحة النارية وقطعوا الطريق على السيارات ومنعوا مرورها إلا إذا دفع السائقون «الفردة» المطلوبة، وعندما لم يجد السائقون حلا، تجمع 8 منهم يحملون نفس الأسلحة ودارت معركة حربية بين الطرفين، حولت الأرض إلى بركة من الدماء والقتلى والمصابين، ولم يستطع أحد التوجه لإجلاء القتلى أو إنقاذ المصابين أو وقف حمام الدم الذى انفجر فى المكان لفترة طويلة، حتى تمت الاستعانة بالقوات المسلحة التي تمكنت من السيطرة على الموقف وألقت القبض على عدد من طرفى المعركة وأحيلوا إلى النيابات العسكرية للتحقيق معهم وأحالتهم إلى محاكمة عسكرية عاجلة.
وقالت التحقيقات إن غالبية الضحايا والمصابين من الأبرياء الذين لم يكن لهم علاقة بالواقعة، وأن طرفى المعركة هما «طرف أول»: خالد.ع وسيد.ع، شهرته «سايكو» ومحمد.ف ومحمد.ج، شهرته «كفتة» وعادل.ك ومحمد.ع ومحمد.أ وسيد.أ ووائل.م وعبدالله.م، شهرته «الرخم»، وجميعهم من الفريق الذى يريد تحصيل أموال دون حق من السائقين بدعوى أنها «كارتة». بينما ضم الطرف الثانى كلاً من: عمرو.م ومحمد.أ، شهرته «أبوكليب» ومحمود.م وعمرو.م، شهرته «مولة» ومحمد هاما ومحمد الطفشان وإبراهيم الطفشان وحسين.ع،شهرته «سوكا». وأضافت التحقيقات أن الطرفين تبادلوا الضرب بالمولوتوف والحجارة والأعيرة النارية مما أسفر عن مقتل كل من: جورج سعد جبرة «29 سنة» نتيجة طلق نارى أدى إلى تهتك فى عظام الجمجمة ومصطفى رمضان عبداللطيف «18 سنة»، متأثراً بطلق نارى أعلى الصدر، ورامز حنا توفيق «25 سنة»، متأثرا بطلق نارى، وسامح ممدوح إبراهيم، كما أصيب كل من: محمد كمال محمد ومايكل سمير وحسين أبوالعلا وووائل محمد حسين وسيد أحمد إبراهيم وسرور عبدالغنى ومحمد عاشور وعزب إبراهيم ومحمد إبراهيم وحسنى عبدالحميد حسن.
وتمكنت قوات مباحث القاهرة بقيادة اللواء أسامة الصغير والعميد عادل التونسى، رئيس قطاع البحث فى شمال القاهرة والقوات المسلحة، من السيطرة على الموقف والقبض على عدد من المتهمين والأسلحة المستخدمة فى الجريمة، وتم نقل المصابين والقتلى إلى المستشفيات المختلفة وبدأت النيابة سماع أقوال المصابين، الذين تحسنت معظم حالاتهم وخرجوا من المستشفى.
انتقلت «المصرى اليوم» إلى مستشفى الإصلاح فى شبرا واستمعت لعدد من أسر الضحايا، وقال مينا صبرى صديق الضحية «رامز»: كنا نسير سويا قرب مكان الواقعة وسمعنا أصوات طلقات نارية وصرخات عالية، اقتربنا من المكان لنستطلع الأمر وأخبرنا أحد الأشخاص أن مشاجرة بالأسلحة البيضاء والنارية دارت بين بعض البلطجية والسائقين داخل الموقف، بسبب إجبار البلطجية للسائقين على دفع إتاوات نظير السماح لهم بتحميل الركاب داخل الموقف.أن صديق «رامز» أصيب بطلق نارى فى «ساقه»، فلم نتردد لحظة واحدة فى الانتقال لموقع الحدث رغم أصوات الطلقات النارية، وعندما وصلنا شاهدنا صديق «رامز» ملقى على الأرض و«ساقه» تنزف وقام رامز بحمل صديقه على كتفه وأخذ يجرى به من موقع الحادث، وفجأة تجدد إطلاق النيران من كل اتجاه ويقول: هرولت مسرعا كى أنجو بحياتى، كنت أعتقد أن «رامز» يجرى معى وعندما التفت خلفى كى اطمئن عليه شاهدته ملقى على الأرض وقد أصيب بطلق نارى فى الصدر جعله يفارق الحياة بعد لحظات.
وأنهى كلامه قائلاً: لم أصدق نفسى وبدأت أجرى والرصاص من كل جانب حتى خرجت من المكان وأبلغت أسرة رامز وأسرة صديقه الذى نجح رامز فى إنقاذ حياته من موت محقق ولفظ هو أنفاسه.
ويقول رأفت سامى عم الضحية «رامز»: ابن أخى يعمل فى شركة كمبيوتر وكان عائداً من العمل وعندما علم أن صديقه «بيشوى» أصيب هرول للاطمئنان عليه وشاهد صديقه ملقى على الأرض فحمله محاولا الفرار به من مكان الواقعة، وضحى بحياته فى سبيل إنقاذ صديقه من الموت. وواصل قائلاً: «رامز» الابن أخ وحيد أصغر منه تحمل المسؤولية مبكرا وبدأ يعمل فى مجال الإلكترونيات ونجح فى مجاله وأصبح يتمتع بسمعة جيدة بين الجميع، لكنه فارق الحياة بسبب شوية بلطجية حاولوا فرض الإتاوات على السائقين.
أما منال - خالة أحد الضحايا- فتقول: إن الذى يحدث الآن بسبب غياب الشرطة عن الشارع، لم نكن نسمع عن هذه الأحداث من قبل أو نادرا ما كنا نسمع عنها ولم تكن بهذه البشاعة، نحن نخشى على أنفسنا من نزول الشارع ومصالحنا تعطلت وبيوتنا خربت لأن معظم أعمالنا بالليل، الخوف من البلطجة جعلنا نعيش حالة من الكساد، وأكدت أن ما حدث داخل موقف السيارات ينذر الجميع بعودة زمن «الفتونة والإتاوات»، واختفاء الضابط والعسكرى جعل البلطجية والمسجلين يظهرون بقوة ويفرضون الإتاوات ويقتلون ويسرقون دون خوف من أحد، وناشدت المسؤولين والقيادات الأمنية سرعة النزول إلى الشارع قبل أن يفوت الأوان وينجح اللصوص والمسجلون خطر فى تخريب ونهب ثروات البلد الذى نفخر بأننا ننتمى إليه.