x

أمينة خيري من شعب مصر إلى إدارة المرور أمينة خيري الأحد 30-07-2017 21:12


حربان تتنافسان على حصد أرواحنا. الأولى شرسة لا دين لها والثانية أكثر شراسة لا قانون يحكمها. فبين إرهاب يضرب مرة هنا ومرة هناك ضمن موجة تجتاح العالم وتركز معنا أكثر مما ينبغى، وإرهاب يضرب كل شارع وميدان فى مصر ضمن فوضى عارمة أصبحنا أسيادها ومحترفيها وعاشقيها.

«عاشق ولهان» هى كل ما يُعَرف سيارة مارقة تمخر عباب شارع النزهة فى مصر الجديدة. مثلها مثل «باشا مصر» الذى دوخ أهل طنطا السبع دوخات قبل أن تستيقظ الجهات المختصة من غفوتها وغفلتها لتتحرى عن السيارة التى اختار صاحبها الشاب أن يعرفها ب«باشا مصر» بديلاً عن لوحة الأرقام.

لوحات الأرقام- تلك الدقة القديمة والوسيلة العتيقة لتعريف السيارات- لم تعد ضرورة فى مصر. وحتى أولئك الذين يلتزمون ويتكبدون عناء الترخيص وتثبيت اللوحات تجد منهم من يموهها بطمس رقم أو محو حرف. وبين الملتزمين من تجده مفضلاً كتابة التعريف بخط اليد، أو دقه لدى حداد مفضلاً فونت «أندلس» أو «أرابيسك» أو مصغراً الحجم حتى لا تراه بالعين المجردة.

لكن العين المجردة ترى وتعايش وتعانى على مدار اليوم حوادث طرق بعضها مروع وبعضها أليم والبعض الآخر بشع. عداد القتلى والمصابين فى ارتفاع مستمر ومرشح لمزيد من الارتفاع. ألسنة المارة تحوقل وتبسمل، وعيون البعض تدمع وهى تتابع رفع الضحايا ونقل المصابين، ثم يمضى كل فى طريق معاوداً سرعة جنونية فى القيادة، وتخطيا صارخا للأعراف الطبيعية والقانوينة على الطريق.

على الطريق، لم أر يوماً ضابط مرور يستوقف أحدهم لأن قيادته ضرب من العته ونوع من الخرف. ولم أر يوماً سائق باص عام تم توقيفه لأنه يعرض حياته ومن معه ومن حوله لخطر داهم بسبب جنون القيادة. ولم أر يوماً ضابطاً خرق القانون بزجاج أسود أو لوحة أرقام منزوعة أو إيقاف سيارة فى الممنوع لتكون معاقبته رسالة للمواطنين بأن الجميع سواء.

وسواء اعترفت إدارة المرور أنها مقصرة كل التقصير فى تأمين المواطنين والقيام بدورها فى منع السفهاء والجهلاء والدهماء من قتل من حولهم عبر انتهاز فرصة غيبوبة القانون، تظل دماؤنا فى رقبة وزارة الداخلية وإدارة المرور فى حال كانت مازالت موجودة. وتظل الأموال المهدرة بدءاً بتعويضات تدفع لأهالى قتلى ومصابى الجرائم المرتكبة على الأسفلت، مروراً بعلاج المصابين ومنهم من يعيش بقية حياته بإعاقات مزمنة، وانتهاء بإصلاح المركبات التالفة مسؤولية الوزارة أيضاً. كذلك الحال بالنسبة للوقت المهدر فى مناقشات عقيمة فى البرلمان ونصوص قانون المرور الجديد المقترح، وهى بالمناسبة نصوص عجيبة غريبة فريدة مريبة.

عن أية نقاط يتحدثون؟ خمس نقاط تخصم من قائد السيارة المخالفة تليها خمس أخرى فى المخالفة التالية إلى أن يتم سحب الرخصة ويخضع القائد المخالف لدورة توعية مرورية؟ أية توعية؟ ومن الذى سيدرس فى هذه الدورة؟ ألا تعلمون أن نسبة كبيرة جداً جداً لا تعرف معنى الخطوط على الطريق فى حال وُجِدت؟ وألم ينم إلى مسامعكم أن أحداً لا يلتزم بالسرعات المقررة على الطرق؟ ألا يكلف أحدكم خاطره برحلة تفقدية دون مواكب أو هيلمان لطريق القاهرة السويس أو القاهرة الإسماعيلية مثلاً لتروا المهزلة؟ ألم يخبركم أحد بأن سيارات نقل تجرى على هذه الطرق بسرعات تفوق الـ 110 كم فى الساعة؟ ألم ينقل لكم أحد صوراً لسيارات ملاكى تسير بسرعات جنونية دون لوحات أرقام ودون أن يستوقفها رجالكم؟ ألا تتابعون نشرة أخبار حوادث الطرق حيث ميكروباصات تقتل الناس وسيارات نقل تدهس ركاباً وملاكى تخوض مسابقات «فورميولا» على طريق المطار وفى شارع الثورة وحول الكلية الحربية؟

طيب ألم يخبركم الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن جميع تكاتك القاهرة والجيزة غير مرخصة؟ وهل تعرفون أن هذه التكاتك خرجت من كل فج عميق لتغزو نسبة كبيرة من شوارع مصر؟ وهل أبلغوكم أن نسبة كبيرة من قائديها أطفال؟ وهل تعرفون أن الكثير من لوحات الأرقام للدراجات النارية عبارة عن «صلى على النبى» و«بسم الله ما شاء الله»؟

وأخيراً وليس آخراً، هل زار أحدكم مثلاً مدينة الشروق؟ رغم هدوئها وقلة عدد سياراتها، إلا أن نادراً ما يلتزم أحد بقواعد السير. عكس الاتجاه، إيقاف سيارات فى الممنوع، سيارات ملاكى تعمل أجرة وتتخذ من عرض الطريق مواقف عشوائية، دراجات توصل طلبات غير مرخصة، تروسيكلات يقودها كل من هب ودب دون رقابة أو ترخيص.

للمرة الألف. من شعب مصر إلى إدراة المرور: «لسنا فى حاجة إلى قانون مرور جديد. نحن فى أمس الحاجة إلى إدارة مرور تطبق القانون بحذافيره على الجميع حقناً لدمائنا».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية