x

وادى الريان.. شلالات تحولت إلى «مصيف» برعاية «البيئة»

الخميس 27-07-2017 23:11 | كتب: ريهام العراقي |
محمية وادي الحيتان محمية وادي الحيتان تصوير : حسام فضل

ربما تنفرد محمية وادى الريان بالفيوم وحدها بمشهد فريد لن تراه إلا عند زيارتك لها، حيث تلتقى المساحات الخضراء مع زرقة الشلالات وسط تكوينات جبلية خلابة، إلا أنك لن تستطيع الاستمتاع بهذا المنظر الرائع بمجرد اقترابك من المحمية، حيث ترى أعدادا من الشباب والفتيات فى مجموعات متفرقة يلهون أعلى الشلالات دون رقيب من العاملين بالمحمية، ويتراقصون على أنغام »الدى. جى« الصاخبة والتى تصدر من الكافيتريا المطلة على البحيرة.

مدقات غير مرصوفة، طريقك الوحيد للوصول إلى محمية وادى الريان بالفيوم، وبوابة كبيرة للمحمية صممت من الحجر الجيرى يجاورها مكتب التذاكر، ولافتة تحذيرية على بعد خطوات من الشلالات تحذر من القفز من أعلى الشلالات، خوفا من الاصطدام بالصخور ما قد يؤدى إلى الوفاة، رغم ذلك لم يبال مجموعة من الصبية بذلك التحذير بل تسابقوا إلى القفز من أعلى الشلالات وسط ضحكات رفقائهم، فتسارع كل منهم إلى خلع ملابسه وحذائه ليقفز بصورة عشوائية ومتهورة.

أعلنت منطقة وادى الريان بمحافظة الفيوم محمية طبيعية، بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 943 لسنة 1989، ويقع الوادى فى الجزء الجنوبى الغربى من الفيوم، وهو منخفض عميق من الحجر الجيرى الإيسونى ويصرف فيه جزء من مياه الصرف الزراعى بالفيوم، ويتكون وادى الريان من البحيرة العليا، والبحيرة السفلى، ومنطقة الشلالات التى تصل بين البحيرتين، ومنطقة عيون الريان جنوب البحيرة السفلى، ومنطقة جبل الريان وهى المنطقة المحيطة بالعيون، ومنطقة جبل »المدورة« التى تقع بالقرب من البحيرة السفلى.

تغيرت صورة شلالات وادى الريان عن الصورة التى طالما رأيناها فى كلاسيكيات الأفلام على شاشات التليفزيون، بصورة رائعة تجذبك للذهاب إليها سيرا على الأقدام، إلا أن زيارتك لها الآن تجعلك تفر منها على الفور، فالشلالات التى كانت تبدو صافية تحولت إلى بركة مياه تتخللها الطحالب والأعشاب بشكل عشوائى طمس ملامحها الجميلة، ما تسبب فى إعاقة انسياب المياه إلى الشلالات، إضافة إلى قيام بعض أصحاب المزارع السمكية بتحويل مسار المياه الواردة إلى الشلالات وتوجيهها إلى المزارع السمكية، ما يهدد بجفاف الشلالات إذا استمر التعدى على حصتها.

»الإهمال الذى طال محمية وادى الريان بات يهدد الحياة البرية بها«، هذا ما أكده الدكتور محمد مصطفى، خبير بيئى، وقال: »محمية وادى الريان التى كانت تضم النباتات الصحراوية وحوالى 5 أنواع من الحيوانات البرية، و16 نوعاً من الزواحف، وما يزيد على 100 نوع من الطيور المقيمة والمهاجرة، أصبحت الحياة البرية بها مهددة، بسبب الإهمال الجسيم من وزارة البيئة، وغياب الرقابة، وأكدت الدراسات العلمية أهمية محمية وادى الريان للكائنات المهددة بالانقراض مثل الغزال البيض والغزال الصرى وثعلب الفنك وثعلب الرمال والذئب والطيور المهاجرة النادرة، مثل صقر شاهى وصقر الغزال والصقر الحر والعقاب النسارى، والبط والسمان والبلشون، والنباتات مثل التل العاقول والسمار والغاب والحلفا«.

وأضاف: »محمية وادى الريان منطقة ذات أهمية علمية وتراكيب جيولوجية، بالإضافة لاحتوائها على مناطق تتميز بالجمال الطبيعى، ومنها الشلال وجبل المدوّرة وجبل المشججة، بالإضافة لمنطقة العيون، وبها حياة برية، بالإضافة لمنطقة وادى الحيتان، ونظرا لوجود البحيرات فإن الطيور المهاجرة تتوقف بالمنطقة للراحة والغذاء وتم رصد 140 نوعا منها«. وتابع »مصطفى«: »المحمية تضم 37 نوعا من النباتات الصحراوية، و24 نوعا من الثدييات، مثل ثعلب الفنك، وابن آوى، والثعالب، والقط البرى، والغزال، والنمس، و143 نوعا من الطيور، و15 نوعا من الزواحف، و29 نوعا من السمك، إضافة إلى الحفريات البحرية التى يرجع تاريخها إلى حوالى 40 مليون سنة، كما تنتشر بها أسنان القروش وقروش اللئكة والأصداف البحرية والقنافذ البحرية«.

وقال محمود القيسونى، مستشار وزير البيئة الأسبق، إن محمية »وادى الريان« بيئية صحراوية متكاملة، وكانت تستقبل قرابة الـ190 ألف سائح وزائر سنويا، لكن منذ ثورة يناير 2011، استولى عدد من المواطنين على 80 ألف فدان منها، وتم تسجيل عشرات المحاضر بأقسام الشرطة، ومع كل محضر يتم الحصول على تعهدات بعدم البناء وعدم الاعتداء على أملاك الدولة، لكن تم نقضها ومخالفتها، وبعد ساعات تضاعفت المخالفات والاعتداءات على المحمية.

وأضاف القيسونى: »تحرك المجتمع المحلى والمهتمون بالبيئة، وتظاهروا منتصف يناير من عام 2013، داخل المحمية، اعتراضا على هذه الاعتداءات، وكان من الممكن أن تكون محمية وادى الريان مكان جذب للسياحة البيئية، إلا أن الدولة لم تهتم وتركتها فريسة للإهمال والتعديات«.

وأكد صوفى عتريس، صاحب الكافيتريا بمحمية وادى الريان، غياب السياحة الخارجية عن المحمية منذ فترة طويلة، واعتمادهم على السياحة الداخلية خلال الموسم الشتوى فقط، وأرجع تدهور الوضع بالمحمية إلى وزارة البيئة التى تراجع دورها فى تطوير المحمية.

وقال: »استأجرت الكافيتريا فى عام 1994، وفى بداية الأمر كانت المحمية تابعة لرئاسة مجلس الوزراء وكانت منطقة الشلالات استديو للتصوير بسبب جمال المنظر، وتم تصوير عشرات الأفلام لكبار الممثلين فى المحمية، إلا أنها انفصلت عن مجلس الوزراء فى عام 2002، وأصبحت تابعة لوزارة البيئة، وتبدل المشهد بشكل سيئ للغاية، لأنها تُركت فريسة للمزارع السمكية«.

واعترف عتريس أنه قد يكون أحد أسباب تدهور وضع محمية وادى الريان، رغم أنه يلتزم بجميع الشروط التى وضعتها الوزارة ولا يمتلك حق التغيير فى وضع الكافيتريا، لأن المكان حق انتفاع لوزارة البيئة مقابل 16 ألف جنيه سنويا تدفع لوزارة البيئة، لكن عدم الوعى عند الزائرين وعدم المتابعة من وزارة البيئة ساعد على تدهور محمية وادى الريان.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية