كتب توفيق الحكيم القصة والرواية والمسرحية لكنه يظل رائدا في المسرح وعلي وجه الخصوص المسرح الذهني وهوأيضا من الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث وكانت مسرحيته المشهورة «أهل الكهف» في 1933 محطة ميلاد جيدة في المسرح العربي وبداية لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني.
وبالرغم من الإنتاج الغزير لتوفيق الحكيم فإنه لم يكتب إلا عدداً قليلاً من المسرحيات التي يمكن تمثيلها على خشبة المسرح فمعظم مسرحياته من النوع الذي كُتب ليُقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالماً من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع في سهولة لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع.
وكان الحكيم أول مؤلف استلهم في أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصري سواء فرعوني أو روماني أو قبطي أوإسلامي.
ولد في 9 أكتوبر 1897 بالإسكندرية لأب مصري يعمل في القضاء في الدلنجات بمحافظة البحيرة،وكان من الأثرياء أما أمه فكانت تركية أرستقراطية وكانت ابنة لأحدالضباط الأتراك المتقاعدين وهناك من يقدم تاريخاً آخر لولادته، وذلك حسب ما أورده الدكتور إسماعيل أدهم، والدكتور إبراهيم ناجي، في دراستهما عن توفيق الحكيم حيث أرَّخا تاريخ مولده عام 1903 بضاحية الرمل في الإسكندرية.
وعندما بلغ السابعة التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية حتى انتهى من تعليمه الابتدائي سنة 1915 ثم ألحقه أبوه بمدرسةحكومية في محافظة البحيرة حيث أنهى الدراسة الثانوية ثم انتقل إلى القاهرة،مع أعمامه،لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد على الثانوية، ثم حصل على الباكالوريا عام 1921والتحق بكليةالحقوق وتخرج عام 1925والتحق بمكتب أحد المحامين المشهورين متدربا لفترة قصيرة.
سافر «الحكيم» في بعثة دراسية لباريس لمتابعةدراساته العليا في جامعتها للحصول على شهادة الدكتوراه في الحقوق والعودة للتدريس في إحدى الجامعات المصرية الناشئة فغادر إلى باريس لنيل شهادة الدكتوراه في الفترة من 1925 إلى 1928وفي باريس كان يزور متاحف اللوفر وقاعات السينما والمسرح.
واكتسب من خلال ذلك ثقافة أدبية وفنية واسعة إذ اطلع على الأدب العالمي وانصرف عن دراسة القانون، واتجه للمسرح والقصص، كما كان يتردد على المسارح الفرنسية واستدعاه والده بعد ثلاث سنوات وعاد في 1928صفر اليدين من الشهادة التي أوفدمن أجل الحصول عليها ليعمل وكيلا للنيابة سنة 1930، في المحاكم المختلطة بالإسكندرية ثم في المحاكم الأهلية وفي 1934 انتقل إلى وزارة المعارف ليعمل مفتشاً للتحقيقات ثم نقل مديراً لإدارة الموسيقى والمسرح بالوزارة عام 1937، ثم إلى وزارة الشؤون الاجتماعية ليعمل مديرا لمصلحة الإرشاد واستقال في 1944، ليعود مجددا إلى الوظيفة الحكومية سنة 1954 مديرا لدار الكتب المصرية.
وفي نفس السنة انتخب عضواً عاملاً بمجمع اللغة العربية وفي1956 عيّن عضوا متفرغا في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة وكيل وزارة وفي 1959عيّن كمندوب مصر بمنظمة اليونسكو في باريس ثم عاد إلى القاهرة في أوائل1960 إلى موقعه في المجلس الأعلى للفنون والآداب عمل بعدها مستشاراً بجريدة الأهرام ثم عضواً بمجلس إدارتها في عام 1971 ونقف في مسرح الحكيم على مزج بين الرمزية والواقعية على نحو فريد يتميز بالخيال والعمق دون تعقيد أو غموض ويتميز الرمز في أدب توفيق الحكيم بعم الاستغراق في الغموض.
حرص «الحكيم» على استقلاله الفكري والفني، فلم يرتبط بأي حزب سياسي، ومع ما أشيع عن توفيق الحكيم من عداوته للمرأة فإن كتاباته تشهد بعكس ذلك تمامًا فقد حظيت المرأة بنصيب وافر في أدب توفيق الحكيم، وتحدث عنها بكثير من الإجلال والاحترام الذي يقترب من التقديس وتتميز بالايجابية والتفاعل، ولها تأثير واضح في الأحداث ودفع حركة الحياة، ويظهر ذلك بجلاء في أعماله مثلما في «شهرزاد، وايزيس، والأيدي الناعمة، وبجماليون، وقصة الرباط المقدس، وعصفور من الشرق، وعودة الروح».
وعن سبب اتهامه بأنه «عدو المرأة» يقول: أن السبب في هذا الاتهام -كما رواه لصلاح منتصر في كتابه «شهادة توفيق الحكيم الأخيرة» يرجع إلى السيدة هدى شعراوى بسبب مهاجمتى أسلوبها في تشكيل عقلية المرأة المصرية خاصة البنات، بأن حذرتهن من الاستمرار في حياة الجوارى وخدمة الرجال والأزواج في البيت لأنهن مساويات للرجل في كل شيء واشتكى لى بعض الأزواج من البنات والزوجات، اللاتى يفكرن بطريقة شعراوى فهمهمن لرقى المرأة وأنه استعلاء على الرجل وعدم الخدمة في البيت فكتبت في ذلك، ونصحت الزوجة الحديثة بأن تعرف على الأقل أن تهيئ الطعام لزوجها وأن أسهل صنف يمكن أن تطبخه له هو «صينية البطاطس».
وفى ١٩٤٦ تزوج الحكيم أثناء عمله في «أخبار اليوم»، وأنجبت له زوجته طفلين هما إسماعيل وزينب، ولم يخبر أحداً بأمر زواجه حتى علق مصطفى أمين قائلاً: (نحن الصحفيين مهمتنا الحصول على الأخبار ونحصل عليها من السراى ولا نعرف بزواج الحكيم) وقد أنزله جمال عبدالناصر منزلة الأب الروحي لثورة 23 يوليو، بسبب كتابه عودة الروح التي استشرف فيها ظهور البطل المنتظر الذي سيحيي الأمة من رقادها ومنحه جمال عبدالناصر عام 1958 قلادة الجمهورية.
حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1960، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى في نفس العام ولم يذكر أن عبدالناصر منع أي عمل لتوفيق الحكيم، حتى عندما أصدر السلطان الحائر في 1959، وبنك القلق عام 1966، حيث انتقد النظام الناصري ودافع عن الديمقراطية ووصل الأمر أن عبدالناصر كان يستقبل الحكيم في أي وقت وهو ما أكده الحكيم نفسه في جريدة الأهرام في 15 مارس 1965.
وكان «الحكيم» في 1972 قد أصدر كتابه عودة الوعي مهاجما فيه جمال عبدالناصر بعنف ترتبت على عودة الوعي ضجة إعلامية وكان الحكيم في فبراير 1972 قد كتب بيده بيان المثقفين المؤيدين لحركة الطلاب، ووقّعه معه وقتذاك نجيب محفوظ وساءت بعدها علاقة الحكيم مع السادات حيث قال السادات وقتذاك «رجل عجوز استبد به الخرف، يكتب بقلم يقطر بالحقد الأسود، إنها محنة أن رجل رفعته مصر لمكانته الأدبية إلى مستوى القمة ينحدر إلى الحضيض في أواخر عمره» حاول بعدها محمد حسنين هيكل جمع الحكيم مع السادات ونجح.
وفي سبعينيات القرن العشرين خاض معركة مع اليسار المصري بعد صدور كتاب «عودة الوعي»، وكانت آخر معارك الحكيم الفكرية وأخطرها حول الدين عندما نشر توفيق الحكيم على مدى أربعة أسابيع ابتداء من 1 مارس 1983 سلسلة من المقالات بجريدة الأهرام بعنوان «حديث مع الله» إلى أن توفي «زي النهاردة» في 26 يوليو 1987.