ارتبطت قطر بالإرهاب فى العقل المصرى، أصبحت هذه هى الصورة الذهنية للنظام القطرى. كلما وقع حدث إرهابى فى مصر استدعى المصريون قطر إلى الواجهة، ليس بالضرورة تورط قطر فى العمليات الإرهابية بشكل مباشر، ولكن لأن القناعة لدى القطاع الأكبر من المصريين باتت أن ما تعانيه مصر من إرهاب ناتج عن دعم الدولة القطرية للإرهاب فى العالم، وأن مصدر قوة جماعة الإخوان المسلمين يأتى من الدعم القطرى اللامحدود للإخوان.
على الرغم من انشغال المصريين بتطورات الوضع الاقتصادى لديهم وانعكاسه على معيشتهم اليومية من ارتفاع الأسعار، خاصة بعد قرار الحكومة برفع أسعار المحروقات والكهرباء ورفع جزئى للدعم على الدقيق، على الرغم من هذا الانشغال إلا أن العلاقة مع قطر تشغل حيزاً لا بأس به من تفكيرهم. يتمنى المصريون أن يروا قطر منصاعة لطلبات الدول الأربع، وأن تتوقف عن دعم الإرهاب وتلتزم بأمن جيرانها، ولكن هناك قلقا دفينا لا يعبر عنه المصريون كثيراً من أن تنفرد الدول الخليجية الشركاء الثلاث بحل المشكلة مع قطر وترك مصر خارج إطار الحل ودون أن تحقق أهدافها. ما يدفع هذا التخوف لدى المصريين أمران، الأول أن المشكلة يتم التعامل معها على نطاق عالمى وإقليمى واسع باعتبارها مشكلة خليجية داخلية بين دول مجلس التعاون، ومعظم المقترحات للحل المطروحة تتعامل مع الأزمة من هذا المنطلق، وبالتالى عندما يأتى وقت حل الأزمة يخشى بعض المصريين أن يجدوا أنفسهم خارج إطار هذه التسوية. الأمر الآخر أنه فى تجارب سابقة، وإن كانت على نطاق أصغر كثيراً، حدث مثل هذا الموقف. لذلك يوجد مثل هذا التخوف، وإن كان الإحساس الغالب أن الموقف مع قطر هو موقف مبدئى من الصعب أن يتخلى عنه أحد الأطراف.
فى إطار محاولات الدولة المصرية لاستمرار إشراك الرأى العام فى تطورات الوضع مع قطر فإن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصرى كشف، فى تقرير نُشر الخميس الماضى، عن الخطوات المستقبلية والسيناريوهات للتعامل مع قطر «حفاظا على الأمن القومى العربى»، كما ذكر التقرير.
وأوضح التقرير أبرز التساؤلات عن الخلاف العربى مع قطر والإجراءات التنسيقية والتشاورية بين الدول الأربع بشأن الخطوات المستقبلية للتعامل مع الدوحة.
وذكر أن هناك عدة سيناريوهات للتعامل مع قطر، منها التحرك نحو مجلس الأمن لإدانة قطر، والاستمرار فى المقاطعة الاقتصادية مع الدوحة، وفرض عقوبات جديدة على الدوحة، وتجميد عضويتها فى مجلس التعاون الخليجى.
كما أشار التقرير إلى سيناريو آخر، قال إنه مستبعد، وهو التصعيد العسكرى.
إذن فيما يبدو، وفى إطار الموقف الحالى، فإن السيناريو الذى تصدره الدولة المصرية لمواطنيها سيتم التركيز فيه على الإجراءات الاقتصادية والسياسية، مع إمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن للتحقيق فى وقائع محددة، مع استبعاد اتخاذ إجراءات عسكرية. وتعاملاً مع التخوف من مدى استمرار تماسك وصلابة موقف الدول الأربع فإن الدولة المصرية كانت حريصة على التأكيد أنه لا يوجد أى خلاف بين الدول الأربع فيما يتعلق بالملف القطرى، فى ضوء دعم الدوحة للإرهاب وسعيها لزعزعة الأمن والاستقرار الداخلى للدول العربية.
لكن الأكيد أن قطر عقّدت الأمور برفضها المطالب التى قدمتها الدول الأربع، اعتبرت قطر بعض هذه المطالب تمس سيادتها، ولكن بدا واضحاً، بل ومحرجاً لقطر ما سربته «سى. إن. إن» لاتفاق الرياض الذى نقضته قطر.
إن المواقف المعلنة من حكومات الدول العربية الأربع تؤكد أن مواقفها تجاه قطر مازالت على حالها، وأنها لن تتراجع إلا باستجابة قطر لـ١٣ مطلبا، فهل تستجيب قطر؟.. الإجابة تقول إن قطر ستبقى على عنادها ودعمها للإرهاب، لذلك لا خيار أمام العرب والعالم إلا ممارسة المزيد من الضغوط على قطر.
فيما يبدو فإن جهود وزير الخارجية الأمريكى قد فشلت، وإن واشنطن تمارس فى الأزمة مع قطر سياسة تحكمها الانتهازية السياسية ولغة المصالح. وهذا يعنى ببساطة أن على الدول الأربع أن تستمر فى التنسيق، والأهم أن تمتلك استراتيجية طويلة المدى ثابتة وقوية ومطمئنة لجميع الأطراف الخليجية والمصرية.