إذا كانت قوانين كرة القدم وحساباتها تمنع أن تنتهى أى مباراة بفوز أو خسارة الفريقين معا.. ففى حياتنا مباريات أخرى كثيرة تسمح بذلك.. وواحدة من تلك المباريات كانت استخدام حكم الفيديو فى الدورى المصرى لأول مرة فى مشوار الكرة المصرية..
فقد قرر اتحاد الكرة تطبيق هذا النظام فى ثلاث مباريات بالدورى أمس الأول بعدما أقره الفيفا وسمح به وتم تطبيقه فى أكثر من بطولة دولية مؤخرا.. حيث أضيف إلى طاقم تحكيم كل مباراة حكم يجلس أمام شاشة تليفزيون لمراجعة القرارات الفاصلة والحاسمة للحكم فى الملعب حين يحتسب قرارا خاطئا أو لعبة مهمة لم يرها.. وكان أول ثلاثة حكام يبدأون هذه المهمة فى الكرة المصرية هم: محمود عاشور فى مباراة أسوان ووادى دجلة.. ومحمد الحنفى فى مباراة الداخلية وطنطا.. وأحمد الغندور فى مباراة الشرقية والمقاصة.. وما إن بدأت هذه المباريات الثلاث وحتى بعد انتهائها..
بدأت مباراة أخرى بين فريق أصبح هدفه هو السخرية مما جرى والتهكم على مشاهد الحكام الثلاثة الذين أسند الاتحاد إليهم مهمة التحكيم بالفيديو.. والفريق الآخر هو الذى قرر الدفاع عن هذه الخطوة الجديدة والترحيب بها، أملا فى تحقيق عدالة كانت ولا تزال تحتاج إليها الكرة المصرية ومبارياتها وأنديتها.. ولم يفز أى من هذين الفريقين وإنما خسر كل منهما.. ففريق الساخرين انشغل بالمقارنات بين تطبيق هذا النظام دوليا، سواء فى بطولة كأس القارات الأخيرة أو غيرها، وما شاهدوه هنا فى مصر أمس الأول.. وبالتأكيد كانت المفارقة صارخة وحزينة أيضا.. فكان هناك حكم الفيديو يجلس فى غرفة خاصة مجهزة بشاشات ضخمة وكل الإمكانات التى قد يحتاجها الحكم من أجل المراجعة والدقة وتصحيح أخطاء حكم الملعب والاتصال به فورا.. بينما هنا الحكم يجلس على الخط وأمامه تليفزيون 14 بوصة قد ينقطع عنه الإرسال فى أى لحظة..
ورغم كل ذلك.. لم تكن هذه الخطوة أو هذه البداية تستحق كل هذه السخرية.. كما أن حكم الفيديو لن يكون هو الأمر الكوميدى الوحيد إذا قررنا بإنصاف المقارنة بين كل تفاصيل أى مباراة هناك وكل مبارياتنا هنا، من حيث الملعب نفسه والمدرجات والجمهور والخدمات والأداء الفنى والأمنى والإعلامى أيضا.. فالمهم أننا بدأنا..
وبالتالى لم ولن يفوز فريق الساخرين.. كذلك لن يفوز أيضا فريق اتحاد الكرة وأنصاره لأنه رغم قلة إمكاناتنا كان ولا يزال ممكنا أن نبدأ هذا الأمر بصورة أفضل كثيرا مما جرى.. فاتحاد الكرة الذى باع مؤخرا حقوق رعايته بأربعمائة مليون جنيه لخمس سنوات ليس فقيرا إلى هذا الحد.. أنا سعيد بالبداية وأكثر سعادة بمحاولاتنا تطبيق العدل فى ملاعبنا.