اثنان وعشرون بالمائة من جمهور الكرة الإنجليزى يشاهدون بطريقة غير مشروعة عبر الإنترنت مباراة واحدة على الأقل كل أسبوع من مباريات الدورى الإنجليزى المشفرة.. وتزيد النسبة لتصبح ستة وثلاثين بالمائة يشاهدون بشكل غير قانونى مباراة واحدة كل شهر.. والنسبة الأكبر من الإنجليز الذين يشاهدون دورى بلادهم هم الذين تتراوح أعمارهم من الثامنة عشرة إلى الرابعة والثلاثين من العمر.. ويشكل هؤلاء خمسة وستين بالمائة من الجمهور الذى لا يملك اشتراكات للمشاهدة، بينما يشكل الذين تتراوح أعمارهم من الخامسة والثلاثين إلى الرابعة والخمسين نسبة ثلاثة وثلاثين بالمائة.. وأهم ثلاثة أسباب لهذه الفرجة غير القانونية هى رفقة أشخاص يقومون بذلك، أو لأن الصورة عبر الإنترنت ليست سيئة على الإطلاق، والسبب الثالث هو زيادة قيمة الاشتراك من أجل الفرجة.. ولا يعرف اثنان وثلاثون بالمائة من هؤلاء أن هذه الفرجة ليست قانونية أو مشروعة، ويرى اثنا عشر بالمائة منهم أنه من حقهم هذه الفرجة.. وقد جاءت كل هذه الأرقام فى استطلاع قامت به الـ«بى بى سى» ونشرت نتائجه هذا الأسبوع.. فقد بدأت الحكاية بالعقد الجديد الذى باعت بمقتضاه رابطة الدورى الإنجليزى حقوق البث لسكاى سبورت لثلاثة مواسم بخمسة مليارات ومائة وستة وثلاثين مليون جنيه إسترلينى، أى ما يزيد عن المائة مليار جنيه مصرى.. وفى نفس الوقت اكتشفت سكاى سبورت أن اشتراكاتها تراجعت الموسم الماضى بنسبة أربعة عشر بالمائة.. ولم تكن سكاى سبورت وحدها التى شعرت بالقلق.. إنما رابطة الدورى الممتاز وأنديتها أيضا والاتحاد الإنجليزى لكرة القدم.. فقد أدرك الجميع أن هناك مشكلة، وأنه لابد من مواجهتها.. وإذا كنا نحن هنا اعتدنا مواجهة كل أوجاعنا وأزماتنا بالهرب منها.. فهم هناك يواجهون مشكلاتهم بالبحث عن حلول قائمة على الفكر والفهم والصدق والشجاعة.. وكان هذا الاستطلاع الذى قامت به الـ«بى بى سى» هو الخطوة الأولى لمواجهة المشكلة.. الخطوة الضرورية لمعرفة من الذى يشاهد الدورى الإنجليزى بشكل غير شرعى وكم عمره ولماذا يقوم بذلك وهل يعرف أنه بذلك يخالف القانون أم لا..
فالمعلومات هى دوما السلاح الصحيح لكل من يريد المواجهة أو إطلاق الأحكام أو التعليق وإبداء الرأى.. كما أن الحملات الأمنية والدعاوى القضائية لا تكفى وحدها لحسم أى صراع ضخم.. فقد سبق أن أدان القضاء الإنجليزى، فى شهر مارس الماضى، أربع شركات للإنترنت كانت تعرض مباريات الدورى المشفرة دون وجه حق.. وكان ذلك بالتأكيد ضروريا، لكنه لم يحل المشكلة.. وبالتالى كان لابد من محاولة المعرفة.. من الذى يقوم بذلك، وما هو عمره وظروفه، وما هى أسبابه ودوافعه.. وأعجبنى جدا أن إنجليز كثيرين لم يقتنعوا بما أعلنه مؤخرا كيرون شارب، رئيس اتحاد حماية الملكية الفكرية فى بلادهم، والذى يتعامل مع كرة القدم بنفس معايير أى أغنية وفيلم وصورة وكتاب.. فكرة القدم لها طابعها الخاص وشديد التعقيد أيضا بين حق الحب والانتماء لنادٍ وحق النادى فى موارد أكبر وألا يخسر من دفع هذا المال الكثير.