x

المهندس أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين فى حوار لـ«المصرى اليوم»: إدارة البرلمان لاتفاقية الجزيرتين أربكت المشهد السياسى

الأربعاء 05-07-2017 22:20 | كتب: طارق صلاح |
المصري اليوم تحاور أكمل قرطام المصري اليوم تحاور أكمل قرطام تصوير : فؤاد الجرنوسي

«شىء غير معقول أن يقوم بعض المصريين ببذل مجهودات من أجل إثبات تبعية تيران وصنافير للسعودية».. كانت هذه جملة قالها المهندس أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، أثناء حوارنا معه، رافضاً الاتهامات بالتخوين والتآمر التى يطلقها البعض انتقاما من أصحاب الآراء المخالفة، ومشددا على قناعته بأن جزيرتى تيران وصنافير تقعان تحت السيادة المصرية.

وانتقد «قرطام» سرعة البرلمان فى تمرير اتفاقية الجزيرتين، قائلا: «كان عليهم على الأقل الانتظار للاسترشاد بحكم المحكمة الدستورية».

وأشار إلى أن عملية التصويت داخل مجلس النواب تمت بشكل عشوائى وبطريقة عبثية ساهمت فى ارتباك المشهد السياسى، مؤكدا أنه ليس نادما على استقالته من البرلمان، لأن أجواء العمل داخل المجلس تخالف الأصول والقواعد النيابية.

كما رفض رئيس «المحافظين» التشكيك فى أجهزة الدولة، وقال إنها تعمل دائما للمصلحة العامة والأمن القومى، وإن الرئيس عبدالفتاح السيسى يواجه تحديات المرحلة الحرجة بشجاعة وبما يراه فى صالح الدولة، رغم تأثيرها السلبى المحتمل على شعبيته، مشيرا إلى أن الاستثمار يحتاج إلى عوامل أمان وضمانات تقاضٍ ونسف للبيروقراطية. وإلى نص الحوار:

المصري اليوم تحاور أكمل قرطام

■ فى البداية نرغب فى معرفة هل مازلت مقتنعا باستقالتك من البرلمان أم أصابك الندم بعدها؟

- لم أندم عليها، على العكس فمع مرور الوقت يزداد رضائى حيالها.

■ بصراحة ما السبب الرئيسى الذى دفعك للاستقالة؟

- بعد انتهاء دور الانعقاد الأول ثبت لى أن هذا البرلمان لن يكون معبراً عن آمال المصريين وطموحاتهم، تأكد لى ذلك من الأداء وطريقة التعاطى مع الأحداث والتحديات ومتطلبات الشعب قصيرة المدى واحتياجات الأمة بعيدة المدى، ووجدت نفسى غير قادر على ممارسة وظيفتى البرلمانية بما يمليه على ضميرى، فالأجواء فيه غير مناسبة، وتخالف القواعد والأعراف النيابية، ويكفى أن اللائحة الداخلية أداة تحقيق النظام فى المجلس، والمنوط بها إقرار القواعد والأساليب لمباشرة العمل داخل البرلمان، وتعتبر جزءا متمما للدستور، جاءت مخالفة لا تحقق أهم أغراضها فى الحفاظ على التعاون والتوازن بين العناصر المتباينة داخل المجلس، وبينه وبين العناصر الحاكمة فى نطاق الدولة، حيث منحت سلطات واسعة لهيئة المكتب، وللأكثرية على حساب المعارضة، وحرمت النواب من تكوين مجموعات نيابية تعبر عن أفكارهم المتنوعة، فلا تجدها تعترف بـ«تكتل 25-30» أو تحالف «حق الشعب» رسميا، بما يتعارض مع نظام الحكم الديمقراطى الذى نص عليه الدستور، وسمحت فى ذات الوقت بالممارسات التى تخالف التقاليد البرلمانية الراسخة مثلما حدث فى انتخابات اللجان والجلسات العامة، حتى إن توزيع المسؤوليات وتوقيع الجزاءات صار خاضعا للنزوات. ومن ناحية أخرى، عجز البرلمان عن طرح فلسفته التشريعية لإطلاق عملية إصلاحية فى البلاد، وأحسب أننى أصبت عندما استقلت، فالأجواء داخل المجلس لا تشجع على القيام بالعمل النيابى الحقيقى الداعم والمساند للشعب والدولة، والدافع للإصلاح والتقدم والتحول إلى الحداثة والمعاصرة.

■ ذكرت لى فى حديث سابق بيننا أن هذا المجلس من الممكن أن يتسبب فى أزمات كبرى، والآن يتفق مع رأيك الكثيرون، خاصة بعد أزمة تيران وصنافير.. فسر لنا تنبؤاتك هذه؟

- ليست تنبؤات، فالأمر كان جليا لكل من له بصيرة، فلا يمكن أن توفق أى مؤسسة بالنجاح دون نظام متوازن تسير عليه وتلتزم به وقيم تهتدى بها، وكلما زادت أهمية المؤسسة كانت حاجتها إلى النظام أشد، فما بالك بالبرلمان؟!، ومن خلال سير العمل فى دور الانعقاد الأول لاحظت الكثير من المخالفات والتعديات على التقاليد الراسخة، ومحاولة تطويعها وتبريرها وتمريرها تحت غطاء أغلبية لا تستند إلى فكر سياسى موحد، بالإضافة إلى خلو اللائحة من المواد اللازمة لحماية حقوق المعارضة والأقليات، فكان منطقيا أن أتوقع أن هذا البرلمان سوف يتسبب فى حدوث أزمات قد تمر، لكن آثارها ستبقى لتفعل فى المستقبل أفاعيلها.

■ بصفتك رئيس حزب المحافظين، وضح لنا التناقض فى إصدار الحزب بيانا رفض فيه اتفاقية الجزيرتين، وفِى الوقت نفسه وافق على عرضها داخل البرلمان.

- أولا الحزب أعلن منذ فترة موقفه الرافض الاتفاقية، مقتنعا بأن تيران وصنافير جزيرتان تقعان تحت السيادة المصرية، وجاء ذلك بعد أن نظرنا عددا من رسائل الدكتوراة المصرية التى صدرت فى الثمانينيات، ووجدنا أن بعضها قد انتهى إلى مصرية الجزيرتين والآخر مع سعوديتهما، وكان من الطبيعى أن ننحاز إلى الرأى المؤيد لمصريتهما، فضلا عن صدور حكم المحكمة الإدارية العليا الذى جاءت حيثياته تؤيد موقفنا، بينما مناقشة الاتفاقيات هى حق أصيل للبرلمان، وعلى أى حال بعد موافقة «النواب» على الاتفاقية واعترافه بنقاط الأساس التى وضعتها السعودية على أراض تحت السيادة المصرية وبعد التصديق عليها، فإن الأمر أصبح يتوقف على حكم المحكمة الدستورية، وما إذا كان البرلمان قد خالف الدستور بعدم إحالتها إلى الاستفتاء الشعبى من عدمه، لذلك أيدنا وجهة نظر البرلمان للاتفاقية، فهذا حقه، والمحكمة الدستورية هى التى تقضى لاحقاً بدستورية الاتفاقية من عدمها.

■ ما قراءتك لتعامل مجلس النواب مع الاتفاقية؟

- كنت أفضل أن يتفق الأعضاء على تأجيل المناقشة لما بعد حكم المحكمة الدستورية، خاصة أن حكم محكمة عابدين للأمور المستعجلة الذى قضى بإيقاف تنفيذ حكم الإدارية العليا هو تحايل غير دستورى، ومن الوارد أن تتعرض «الدستورية» للموضوع، ولا تكتفى بالنظر فى تنازع الأحكام، وتحكم بخضوع الاتفاقية إلى الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور بما يتطلب عرضها على استفتاء شعبى، ما يتسبب فى حرج للجنة الدستورية ولجنة الدفاع والأمن القومى التى لم تعترف فى تقريرها بوجود سيادة مصرية تستدعى الاستفتاء عليها، وقدمت تقريرا أكدت فيه أن الجزيرتين سعوديتان بسرعة شديدة تثير الدهشة والحيرة لدى المواطنين، كما أن الأدلة فى التقرير جاءت ضعيفة لا تصمد أمام الحقائق التى تستند إليها مصرية الجزيرتين، وعلى كل حال فالأصل أن رقابة المحكمة الدستورية لاحقة،وإذا لم تتعرض المحكمة الدستورية للموضوع فى تنازع الأحكام المنظور أمامها ستظل فرصة الطعن على الاتفاقية واردة عن طريق رفع دعوى أمام مجلس الدولة فيحيلها بدوره إلى الدستورية لتحكم فى مدى خضوع التنازل عن الجزيرتين للمادة 151.

■ من وجهة نظرك، ما أسباب إسراع «النواب» فى مناقشة الاتفاقية قبل أن تبدى المحكمة الدستورية رأيها؟

- هناك ضغوط من جانب السلطة التنفيذية على «النواب» لتمرير الاتفاقية لأسباب غير واضحة تماما للرأى العام ولا للبرلمان، فاللجنة الدستورية أحالتها إلى لجنة الدفاع والأمن القومى دون أن تضع تقريرها سواء بموافقة الاتفاقية أو مخالفتها للدستور، كما لم تقم الأخيرة بالإشارة فى تقريرها إلى رأى اللجنة الدستورية بخصوص تعريف السيادة ومدى احترام الاتفاقية لها، وقدمت تقريرها إلى الجلسة العامة فى اليوم التالى مباشرةً.. كل هذا يؤكد أن النواب تعرضوا لضغوط لتمرير الاتفاقية على وجه السرعة، الحقيقة أن ملف الاتفاقية من وجهة نظرى لم يخضع لمناقشة برلمانية حقيقية، وتُرِك الأعضاء أمام ثلاثة خيارات، كلها رديئة، إما الخضوع أو الانسحاب أو التمرد، وكلها لا تتناسب مع الوظيفة البرلمانية ولا المسؤولية النيابية.

■ معنى هذا أن هناك اتصالات من خارج البرلمان لتمرير الاتفاقية كما رغبت الحكومة؟

- بكل تأكيد، وهذا يحدث فى جميع دول العالم الديمقراطية، وليس عيبا أن تحاول الحكومة عمل لوبى داخل البرلمان للضغط، بهدف تمرير مشاريع قوانينها والاتفاقيات والمعاهدات التى تبرمها، لكن يجب أن تكون الاستجابة داخل المجلس للضغوط محسوبة وتخضع لاعتبارات عديدة، وفى كل الأحوال لا يجوز الموافقة على ما يخالف الدستور والقانون واللائحة، ووجهة نظرى الشخصية هى أن الجزيرتين تقعان فعلا تحت السيادة المصرية، وأن تمرير الاتفاقية بهذا الشكل ودون اللجوء للاستفتاء الشعبى يعد مخالفة صريحة للمادة 151 من الدستور.

■ وفقا لمعلوماتكم، هل تقدمت اللجنة الدستورية بتقرير إلى الجلسة العامة حول دستورية الاتفاقية؟

- لا أظن، ولكن الثابت أن اللجنة المختصة لم تجد فى تسليم تيران وصنافير إلى السعودية ما يخالف المادة 151 من الدستور، بما يعنى ضمنيا أن الجزيرتين ليستا من أرض الإقليم المصرى، كما أنها لم تكونا تقعان تحت السيادة المصرية.. هذا هو قرار لجنة الدفاع والأمن القومى، وكان على الأعضاء أن يطالبوا بتقرير اللجنة الدستورية والتشريعية قبل التصويت لوضع اللجنة صراحةً أمام مسؤوليتها، فالآن أعضاء التشريعية يقولون إننا نظرنا فقط حق البرلمان فى مراجعة الاتفاقية، ولجنة الدفاع والأمن القومى قررت عدم وجود سيادة لمصر على الجزيرتين ولم تعيدها إلى اللجنة لدراسة مدى دستوريتها.

■ ما رأيك فى الانتقادات التى وجهت إلى طريقة تصويت البرلمان على الاتفاقية؟

- التصويت تم بشكل عشوائى جدا وبطريقة أقل ما توصف به أنها عبثية بالنظر إلى أهمية الموضوع وخطورته، وسار على الطريقة القديمة «موافقة.. موافقة»، وكنت أفضل أن يتم التصويت إلكترونيا أو نداءً بالاسم تجنبا لأى لغط قد يثار لاحقاً، وهو ما حدث بالفعل، حيث قام كثير من النواب بالإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعى أنهم رفضوا التنازل عن تيران وصنافير، وهو ما يؤدى إلى التشكيك فى قانونية قرار المجلس الذى أعلنه بموافقة أغلبية النواب، بل إن بعض النواب أعلن أن موافقته جاءت على ترسيم الحدود البحرية فقط وليس على التنازل عن الجزيرتين وبقيت نسبة الموافقة فى ظل هذا الالتباس غير معروفة، وإذا سألت كيف أعلن رئيس الجلسة العامة أن الاتفاقية قد حازت موافقة الأغلبية؟ يقولون «أخدها توتالة»، ما أثار الشكوك فى صحة إعلان موافقة المجلس وخلق بلبلة كنا فى غنى عنها، ساهمت فى ارتباك المشهد السياسى.

■ بمناسبة ارتباك المشهد السياسى، يرجعه كثيرون إلى أزمة الجزيرتين.. كيف ترى الأمر؟

المصري اليوم تحاور أكمل قرطام

- بالطبع حدث ارتباك فى المشهد السياسى، التوقيت سيئ وكذلك عنصر المفاجأة، فضلا عما أحاط بالاتفاقية من كتمان، وتزامنها مع زيارة الملك سلمان، ثم الاتهامات، والتخوين من ذوى الأغراض، فضلا عن الغضب لدى الوطنيين، ثم فتور العلاقات السعودية - المصرية فجأة وتوقف المملكة عن إمدادنا بالبترول، والتوقف فى المقابل عن إثارة موضوع الجزيرتين وزيارات القادة العرب وإسرائيل لواشنطن، واجتماع القمة الأمريكى العربى الإسلامى، بعدها جاء التحرك السريع لإقرار الاتفاقية التى صاحبتها تصريحات إسرائيلية رحبت بما حدث «فزادت الطين بلة»، لذلك من الطبيعى أن يحدث ارتباكاً سياسياً، أضف إلى ذلك عدم إشراك الأحزاب فى المشهد، ما دفعها فى بعض الأحيان إلى الغلو فى المزايدة وتوجيه اتهامات ما أنزل الله بها من سلطان إلى مؤسسات الدولة، سواء عن جهل أو بنية حسنة وحماسة وطنية، أو بغرض الوقيعة بين الشعب والدولة.. وبكل تأكيد فإن السعودية لم تكن موفقة فى طلبها الجزيرتين فى هذه الأجواء.

■ ومن له الحق فى فرض طريقة التصويت.. هل رئيس المجلس أم الأغلبية؟

- رئيس المجلس، لكن بموافقة الأغلبية، وتوجد لائحة تحدد إجراءات التصويت، وهى توجب أن يتم التصويت إلكترونيا، ولكن الأغلبية وإدارة الجلسة أرادتها هكذا حتى لا يتم معرفة «الحابل» من «النابل»، ما أعطى الفرصة للشكوك حول صحة التصويت، ومنح الفرصة لمن يريد أن يقيم دعوى بطلان قرار البرلمان مستندا إلى عدم وجود نصاب، كل هذا بسبب طريقة إدارة الجلسة، وطريقة التصويت.

■ ما الكتلة البرلمانية صاحبة الأداء الأفضل داخل المجلس؟

- تحالف حق الشعب، حيث تعامل مع الأزمة بوعى شديد ومسؤولية واحترام لجميع الأطراف، وقد نقل النائب مصطفى كمال الدين حسين رؤية التحالف بشكل غلب عليه الموضوعية والوطنية، وأوضح أهمية انتظار حكم المحكمة الدستورية وتفعيل لجان الاستماع لإثبات أن ممارسات مصر على الجزيرتين كانت سيادية ومن ثم أحالتها إلى الاستفتاء، أيضا تكتل 25-30 وبرغم العصبية الزائدة لبعض أعضائه فى التعاطى مع الموضوع إلا أن النائب محمد عبدالغنى تفوق على الجميع فى شرح الموضوع وإيجازه باحترافية بالغة كان لا بد أن يترتب عليها على الأقل تأجيل الموافقة على الاتفاقية ولكن للأسف كان هناك نواب حاضرون ولكنهم لا يستمعون ووقعوا تحت تأثير الضغوط الحكومية لتمرير الاتفاقية، ونحن نلتمس العذر لمن تفاعل مع الموضوع من نواب 25-30 بعصبية نظراً للاستفزاز من فريق السعودية.

■ بمناسبة الاتهامات كيف تقرأ وصف أشخاص بالخيانة والعمالة والتآمر؟

- أرفض تماما فكرة التخوين والاتهام بالعمالة والتآمر، ولا حتى وصف التفريط، كما أن المزايدات على الوطنية شىء ممجوج وسخيف وأدعو الأطراف إلى التحلى بالموضوعية عند الاختلاف، والذى لا شك فيه أن الدولة حين وقعت على الاتفاقية ترى من وجهة نظرها أن فيها مصالح هامة وعديدة للوطن، والموافقون من النواب اختاروا أن يثقوا فى رأى الحكومة دون حاجة للفهم أو المعرفة، فى الوقت الذى لم تصارح فيه الدولة الرأى العام ولا البرلمان بحقيقة الأسباب أو المصالح التى ستعود على مصر من هذه الاتفاقية، وأنا على يقين أن الدولة المصرية ما كانت لتوافق إلا لأنها ترى أن تمرير الاتفاقية يصب فى صالح البلاد بشكل كبير، كما أن الرافضين للاتفاقية يرون أنها أرض تحت السيادة المصرية والتاريخ يؤكد ذلك، والدفاع عن الأرض أمر لا يمكن أن تصفه بالتآمر وعدم الوطنية بالعكس هو موقف محترم وله وجاهته ومبرراته ولا يصح التشكيك فى أصحابه.

■ ما رأيكم فى الأدلة التى قدمها الطرف القائل بأن الارض ليست ملكية مصرية؟

- شىء غير معقول أن يقوم مصريون بالبحث عن وثائق لإثبات أن الجزيرتين ليستا مصريتين بينما تعجز المملكة عن تقديم مستندات ملكيتهما، فالطبيعى أننى كمواطن مصرى أؤيد الإضافة إلى الوطن وليس الانتزاع منه، وعلى أية حال الأدلة التى قدموها أدلة ضعيفة بل إنها تثبت عكس ما قدموا حتى الخطاب الذى وجهته مصر إلى السفارة الأمريكية عام 1950 واستندوا إليه، إنما كان أثناء سيادة مصر عليهما والذى نص على أنها قامت باحتلالهما لتعزيز «حقها» فيهما، وكذا أى حق قد يكون «محتملا» للسعودية، والذى يؤكد ثبوت حق مصر فيهما.

■ وكيف تفسر اختلاف عدد من الرموز السياسية والقيادات السابقة على تبعية الجزيرتين لمصر؟

- هناك أشخاص ينحازون للدراسات التى تقول بسعودية الجزيرتين، وأنا لا أشك لحظة فى أن رغبة الدولة فى الإسراع بتمرير الاتفاقية وراءه مصالح مصرية وقومية محسوبة تفوق الاحتفاظ بالسيادة عليهما من وجهة نظرها، ولكن من حق الشعب أن يعرف، وأنا أتعجب من موقف النواب الذين لا يعلمون ولا يفهمون ماهية هذه المصالح والتى لم تصرح بها الدولة، ومع ذلك يسارعون بالتنازل عن الجزيرتين بما يعنى ضمنيا إلغاء الخطاب الموجه من الخارجية للأمم المتحدة عام 2010 والذى رفضت فيه مصر نقاط الأساس السعودية وأبلغت الأمم المتحدة أن موضوع الجزيرتين لا يزال قيد المناقشة مع المملكة، ولكن ربما لدى الأجهزة ما لا تستطيع البوح به للرأى العام الآن، نحن بالتأكيد نثق فى وطنية المؤسسات والحكومة والرئيس ولا يمكن أن يساورنا فى ذلك شكوك، ولكن ليس معنى ذلك أن نوافق دون معرفة أو تفكير أو حوار حتى تستريح قلوبنا وضمائرنا.

■ كونك مهندس بترول فسر لنا معنى أن القشرة الأرضية تؤكد أن الجزيرتين تابعتان للسعودية؟

المصري اليوم تحاور أكمل قرطام

- هذا الكلام لا أساس له من الصحة وهو كغيره محاولة لدعم موقف الحكومة، لأن القشرة الأرضية والطبقات أصلا كانت متصلة قبل الفالق الذى نشأ عنه البحر الأحمر، بل إن اللجوء لمثل هذا الحديث يؤكد عدم وجود مستندات أو وثائق تثبت أية حقوق للسعودية على الجزيرتين ويزيد البلبلة والشكوك لدى المواطنين الرافضين.

■ ذكر بعض الكتاب أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أصبح فى ورطة مع الشعب بسبب هذه الأزمة.. ما رأيك؟

- بالطبع محتمل يكون لها تأثير سلبى على شعبية الرئيس، حيث جاءت فى ظل وجود تحديات كثيرة داخلية وخارجية بدءا من مشاكل اقتصادية موروثة وأزمات إقليمية متزايدة، وآثارها الجانبية على مصر مثل الإرهاب وسد النهضة ولكن الرئيس اختار أن يتحمل نتائجها بشجاعة فى سبيل ما رآه يصب فى مصالح الوطن العليا، ربما لا يستطيع البوح بها الآن لدواعى الأمن الإقليمى وكجزء من ترتيبات أمنية فى البحر الأحمر لها صلة بمخطط استراتيجى رأت فيه الحكومة أنه يعود على مصر بمنافع كبرى من وجهة نظرها، وهذا المخطط الاستراتيجى سبق أن تم الإعلان عنه فى وثائق الكونجرس عام 2015، فأمريكا سوف تستفيد أيضا منه خاصة بعد احتدام صراعها مع الصين، فضلا عن دخول روسيا على الخط، وتيران وصنافير هما إحدى الأدوات التنفيذية لهذه الخطة من حيث إنهما أهم بوابة لإفريقيا ولكن تظل المشكلة أن نواب البرلمان وافقوا دون تقييم أو معرفة أو اقتناع بالمصالح المترتبة على نقل السيادة الى السعودية وافتأتوا على حق الشعب صاحب الإرادة العليا فى اتخاذ القرار بنفسه.

المصري اليوم تحاور أكمل قرطام

■ لو أنك كنت المسؤول عن الدولة.. ما تصرفك فى قضية تيران وصنافير؟

- كنت سوف أقترح على البرلمان تشكيل لجنة استطلاع ومواجهة من خارج أعضائه تضم متخصصين وأكاديميين وعلماء وقوى سياسية، على أن تبدأ عملها بالإعلان عن تلقى أى مستندات أو وثائق أو معلومات تخص الجزيرتين من المواطنين، وأن تلتزم اللجنة بتطبيق الديمقراطية التخصصية فى اتخاذ قرارها، وتقدم بحوثها إلى البرلمان فإن جاءت نتيجة البحوث تؤكد أنهما جزيرتان من الإقليم المصرى يصبح الأمر مقضيا فيه، وإن جاء التقرير أنهما ليستا من أراضى الإقليم وأن مصر كانت تمارس السيادة عليهما فعلى البرلمان أن يطلب من السلطة التنفيذية الدعوة إلى الاستفتاء الشعبى، بعد بيان الفوائد والمصالح التى ستعود على مصر سواء كانت استراتيجية أو مادية حتى يظهر للشعب الأمر جليا ويكون هو صاحب القرار النهائى.

■ كيف ترى الأوضاع الاقتصادية؟

- هناك مجهودات كبرى ومشروعات ضخمة يتم تنفيذها، من شبكة طرق عملاقة لها مردود كبير على حركة التجارة الداخلية وتنشيط الاستثمار وربط مفاصل البلاد وتشغيل المواطنين، وإنجازات فى مجال الكهرباء والطاقة، هذا بخلاف مشروعات المدن الجديده مثل مدينة العلمين، التى سوف تستوعب ما يزيد على مليون ساكن، فضلا عن العاصمة الإدارية الجديدة والتى لا ينفق عليها من الموازنة العامة بما يساعد على تفريغ القاهرة وربما يعيد إليها واجهتها الحضارية، بالإضافة إلى التشغيل وتحريك السوق، وأنا أعتبر تعويم الجنيه من أهم الإنجازات رغم قسوته، حتى إن الدولة لم تجرؤ على الاقتراب منه طوال عقود مضت وتحمل الرئيس تداعياته السلبية على شعبيته بشجاعة، ولكننى على قناعة بأن إصلاح الدولة بشكل عام لا يمكن أن يتحقق دون إصلاح سياسى يحول الدولة إلى النهج الديمقراطى أولا لأنه وحده الكفيل بإعادة الوعى ووضع الشعب أمام مسؤولياته كما أنه الباعث على تفجير طاقاته وقدراته الدفينة تحت تراب السلبية، إذ يمنحه الشعور بالاطمئنان فى ممارسة العمل العام والحرية فى الإبداع، ولكن التحول إلى الديمقراطية الحقيقية يحتاج أيضاً إلى إرادة من الدولة.

المصري اليوم تحاور أكمل قرطام

■ ما تقييمك لأداء الحكومة؟

- هى حكومة تكنوقراط وليس لديها خبرات سياسية وأداؤها بشكل عام بعيدا عن أزمة تيران وصنافير يمكن أن نصفه بالجيد نظرا للأحداث والصعاب التى تواجهها، لكننى لا أعلم على وجه التحديد استراتجيتها، فبالرغم من اطلاعى على الموازنة العامة لم أستطع أن أخلص إلى برامج وأهداف ونتائج متوقعة ومشروعات مقدرة ودراسات ذات جدوى، فالموازنة يتم تقديرها بناء على قرارات موظفين بيروقراطيين دون اتباع الأساليب والمناهج الحديثة فى تقدير وتقييم الموازنات عالميا، وبصفة عامة أنا لا أستطيع أن أفهم استراتيجية الإصلاح التى وضعتها ولا العناصر التى ترتكز عليها ولا الوجهة التى تنشدها، ربما لغياب المعلومات وعدم طرح الخطط والبرامج فى مناقشات علنية وإلقاء الضوء الكافى عليها، وبصراحة نحن نعانى من ضعف التنظيم المؤسسى للدولة وهشاشة المنظمات المدنية وسوء توزيع الدخل وغياب النخبة وتهتك الطبقة المتوسطة بكل قيمها وتردى الحالة الثقافية والمهارات الفنية والتعليم وانتشار الفساد والوساطة والمحسوبيات واهتزاز القيم والمثاليات نتيجة لسوء التربية وفشل الدولة فى القيام بدور القدوة بالإضافة إلى ضعف الإنتاجية والإبداعية والهمة التنافسية.. هذه بعض الصعاب التى نقابلها وتحتاج إلى فلسفة إصلاحية لدى البرلمان وأجهزة الدولة. على كل حال أنا أحسن الظن بهم ولا ينتابنى شك فى أنهم يقومون بأقصى ما فى وسعهم.

■ كيف ترى الاستثمار الآن فى البلاد؟

- الاستثمار يحتاج إلى بنية أساسية وعمالة ماهرة، ومزايا تشجيعية، كما يحتاج إلى استقرار وأمان، واطمئنان للتقاضى، والاستثمار الخارجى سيحتاج بعض الوقت حتى يطمئن إلى العمل فى مصر، بينما الاستثمار الداخلى وهو الأهم حاليا يتطلب إجراءت سلسة وقرارت لحماية المستثمرين وتشجيعهم، وتلزمه سياسات نقدية مناسبة، ويحتاج إلى نسف البيروقراطية وإعلاء مبدأ سيادة القانون وتوفير ضمانات كافية للتقاضى.. كل هذه أمور هامة مع الاعتراف بأن تحقيق الربح هو الدافع للاستثمار وأن الحافز الفردى هو أساس التفوق والإبداع.

المصري اليوم تحاور أكمل قرطام

■ كونك رئيس حزب المحافظين هل يمكن أن نرى تفاهمات بين الأحزاب قريبا؟

- الشراكة بين الأحزاب خاصة فى الدول حديثة الديمقراطية مهمة للغاية، لتحقيق المطالب اللازمة لتقوية الحياة الحزبية، كما أنها تمكنهم من العمل على الأهداف المشتركة، ولدينا فى حزب المحافظين مشروع مع عدد من الأحزاب لتكوين منتدى سياسى فى شكل مائدة مستديرة، يجتمع مرة كل شهر لتحديد المشاكل الملحة وكيفية مواجهتها، بالإضافة إلى توافقات حول قضايا وطنية أساسية واتخاذ بقدر الإمكان مواقف موحدة منها مثل قضية تعزيز الديمقراطية، وتقوية الحياة الحزبية، ولكن المشروع فى طريقه للتنفيذ، ولدينا فكرة أخرى للاندماج مع ثلاثة أحزاب ليبرالية وسطية، يبقى أن يتشجع المواطنون للانخراط فى الأحزاب، وعليهم أن يدركوا أنها الوسيلة الوحيدة لتطبيق الديمقراطية عمليا، وتفعيل مبدأ تداول السلطة، وذلك هو السبيل للتحول لدولة عصرية تحمى حقوقهم وحرياتهم وأمنهم وكرامتهم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية