x

كتب وحكايات- أزمة رواية مترو.. تعرضت للمصادرة وقدم كاتبها للمحاكمة

الأربعاء 28-06-2017 21:54 | كتب: ماهر حسن |
رواية مترو رواية مترو تصوير : آخرون

«رواية جرافيك» أو «رواية مصورة» أو Graphic Novel هو التوصيف الدقيق لرواية «مترو» التي صدرت في 2007 لمؤلفها وراسمها الدكتور مجدي الشافعي وهو صيدلاني بالأساس وفنان تشكيلي.

وقد أصدر الرواية مع تنويه يقول أنها للكبار فقط، وهي تقع في 95 صفحة من القطع الكبير وصادرة عن «دار ملامح» وكان للشافعي قصب السبق في هذا النوع من الروايات في مصر وتدور أحداثها حول شاب متخصص في برمجيات الحاسب الآلي، ويتعرض للإفلاس بسبب شيوع الفساد فيقرر هو وصديق له سرقة أحد البنوك، فيكتشف أن القائمين على البنك فاسدون أيضًا.

وتسلط الرواية الضوء على الكثير من مناحي الحياة في مصر، إضافة إلى مواقف ساخرة من الأوضاع السائدة في فترة حكم الرئيس السابق مبارك، وكيفية تعامل الشرطة مع الاحتجاجات السلمية كما أن هذا المهندس يقرر سرقة البنك في مناخ من عدم الاستقرار السياسي والاضطراب العام والحركات الاحتجاجية التي لا تتوقف ويقوم البطل بعملية السطو الناجحة على بنك في وسط القاهرة ويقومان بإخفاء الملايين التي قاما بسرقتها في إحدى محطات المترو وسط المدينة، ثم يحاول البطل وحبيبته الخروج من محطة مترو الأنفاق في إشارة للخروج من النفق الذي يحاصر«المصريين والمصيدة التي يعيشون فيها ولا يستطيعون الخروج منها».

كما يتعرض الشافعي للحادثة الشهيرة التي اتهم خلالها مؤيدون للحزب الوطني الحاكم في مصر بالاعتداء على إحدى الصحفيات وتمزيق ملابسها تحت أنظار رجال الشرطة خلال التظاهرات التي قادتها حركة كفاية ضد التجديد للرئيس مبارك وكذلك لموضوع «استئجار البلطجية» للاعتداء على الفتيات في الاحتجاجات.

وفضلا عن مبررات إصدار رواية على هذا النمط المشابهة لبعض التجارب الأجنبية والتي تحظي برواج كبير فضلا عن ثقافة الصورةالتي صارت لها الغلبة في مجتمعاتنا فإن هناك مبررات فنية أخرى ومقدمات إبداعية نجدها في شهادة مجدي الشافعي على موقعه الإلكتروني حيث قال:«عندما كنت صغيرا لم أحب الكلام كثيرا، ولكنني أحببت الصور جدا، وظل هاجسا كبيرا عندي، كيف أن الصورة أكثر تعبيرا عن الكلمات»، ويضيف الشافعي: «أحببت الكوميكس منذ طفولتي ميكي، سوبرمان وباتمان، وكانتا مكافأتي الكبرى في ذلك الوقت، وكانت مجلة تان تان علامة هائلة في فهمي للكوميكس وتناول التاريخ والعلوم و.. الحياة» كما ذكر الشافعي أن فكرة الرواية راودته منذ 2003 وبدأ بتنفيذها عام 2005 وفي 2006 دفعه الفنان محي الدين اللباد للعمل على إنجازها.

وتتميز الرواية بالجاذبية والاشتباك مع الهمّ العام، وتتجاوز فكرة الكاريكاتير المتسلسل، أو تحويل القصص الأدبية إلى لوحات مصورة وظلت فكرتها تلح على مؤلفها طيلة خمس سنوات قبل إنجازها وقد أهداها إلى «المدونين المصريين».

وشجعه أصدقاؤه وساعده مصوّرون محترفون على التقاط كادرات للمواقع الأصلية التي تدور فيها أحداث الرواية وقد عبرت عن روح الشارع المصري وغلب عليها الحوار بالعامية كما تضمنت ألفاظا من الشارع تصل لحد البذاءة، فضلا عن التكدس الزحام والوجوه الهائمة واستئجار «البلطجية» للتحرش بالصحفيات المتظاهرات، والكساد والأزمة الاقتصادية الخانقة وتعاظم البطالة بين الشباب والعصابات والفسدة، وجريمة قتل يرتكبها مجرم ويتورط فيها بريء يحاكمه الإعلام الرسمي ويشهّر به ومحطات المترو المتعاقبة التي يحمل كل منها اسم أحد رؤساء مصر وزعمائها والجزمجي «الذي يحوّله ضعف بصره إلى شحاذ، وعالم البيزنس، والقروض التي يتورط فيها كبار ومغامرة البطل شهاب الناجحة في السطو على أحد المصارف.

المدهش أن النظام السابق حين كان يترنح ويلفظ أنفاسه السياسية الأخيرة قد رأي في الرواية ما ينال منه ويحرض عليه فسعي لمصادرة الرواية في 2010 قبل الإطاحة به بعام أو أقل ولكن المفارقة تكمن في أن التهمة التي وجهها النظام للرواية لم تكن سياسية بل أخلاقية فقد وصم الرواية بأنها مخالفة الآداب العامة، وأنها تنشر مواد غير أخلاقية وغير لائقة.

وانتهي الأمر بمحاكمة وتغريم المؤلف والناشر خمسة آلاف جنيه، ومصادرة الرواية، حتى قامت ثورة 25 يناير 2011 وحين حاول مؤلفها إعادة طبعها رُفض طلبه من وزير الثقافة وقتها بدعوى إن الرواية تم وقفها بواسطة السلطات القضائية ولابد من العودة إلى المحكمة للسماح بإصدارها من جديد فقام المؤلف بإصدارها بالإنجليزية بعد التعاقد مع شركة «متروبوليتان» الأمريكية على توزيعها ووجدت منفذًا لها في عدد من الدول العربية، من بينها لبنان والإمارات العربية المتحدة، كما تمت ترجمتها إلى اللغة الإيطالية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية