x

كتب وحكايات| «وليمة لأعشاب البحر».. رواية في مواجهة الجميع

الإثنين 26-06-2017 19:53 | كتب: ماهر حسن |
وليمة لأعشاب البحر وليمة لأعشاب البحر تصوير : آخرون

«وليمة لأعشاب البحر» هي رواية للكاتب السوري حيدر حيدر، كانت قد نشرت للمرة الأولى في بيروت عام 1983، وأعيد طبعها في القاهرة بعد 17 عامًا من صدورها من خلال سلسلة آفاق التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، وما إن نشرت في مصر حتى استشاط الإسلاميون غضبًا على نحو دعا بعضهم للخروج في مظاهرات وواجهت الرواية حملات واسعة بين الصحافة والأزهر وأحدثت جدلًا في الأوساط الثقافية والدينية، وجرى اتهام مؤلفها بالتطاول على الدين الإسلامي واتهمها إسلاميون بالتجديف.

وتقدم الرواية رؤية للواقع السياسي للتيارات التي نشطت في الوطن العربي، خلال النصف الثاني من القرن العشرين وتدور أحداثها عن المثقف العراقي الشيوعي رغم أنه من سلالة الحسين بن على، «مهدي جواد» وهو الشخصية المحورية قبل رحيله إلى الجزائر وعبر رحلته تقدم الرواية تجربة واسعة لعراقيين يعتنقان الفكر الشيوعي ويقاومان مع كثير من عامة الشعب العراقي، الحكم العسكري القائم على العنف والمطاردة والقتل والتعذيب والمحاكمات الصورية بعد المطاردة والتعذيب والسجن لم يجدا منجاة من الموت إلا الهجرة إلى بلد عربي يتوسمان فيه الأمان والترحيب فيهاجران إلى الجزائر بعد نجاج ثورتها في طرد المستعمر الفرنسي.

كان مهدي جواد وصديقه مهيار الباهلي يأملان في إيجاد شيء من الطمأنينة والاستقرار، ولكنهما عانيا من المرحلة الانتقالية للسلطة في الجزائر، وشعور عامة الشعب بأن السياسيين الانتهازيين جنوا ثمار ثورتهم التي ضحى آلاف الشهداء بأرواحهم في سبيلها، ليتحول العذاب الجسدي والنفسي الذي لقياه في العراق إلى قلق دائم وإحساس بالغربة والعجز ويحمّل هذان المثقفان الأنظمة الديكتاتورية والحركات المحافظة مسؤولية القهر السياسي الذي يعاني منه العالم العربي.

وتعود بدايات أزمة الرواية بعد نشرها حين نشر أحد الكتاب مقالًا، معترضًا فيه على نشر «وليمة لأعشاب البحر» التي وصفها بأنها «تمثل تحديًا للدين والأخلاق، وتدعو إلى الكفر والإلحاد»، وقد تصاعد بعدها الجدل حول الرواية في الجرائد، إذ تضامن حشد من المثقفين مع صاحب الرواية وناشرها في إحدى السلاسل الثقافية في وزارة الثقافة المصرية.

ووصلت أزمة الرواية، التي رمي مؤلفها بـ«الكفر والإلحاد»، إلى جامعة الأزهر، فانتقد مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف في تقرير له العمل، معتبرًا أن فيه «خروج على الآداب العامة، وأنه ضد المقدسات الدينية»، مشيرًا إلى أن «الرواية تُحرّض على الخروج عن الشريعة الإسلامية، وخرجت عن الآداب العامة خروجًا فادحًا بالدعوة إلى الجنس غير المشروع، وأدان التقرير تولي وزارة الثقافة نشر هذه الرواية ووصلت الأصداء إلى طلبة الجامعة الذين تظاهروا مطالبين بمصادرة الرواية «المسيئة» ومحاسبة المسؤولين عن إعادة النشر.

على الجانب الآخر، تضامن عدد كبير من المثقفين المصريين مع حيدر حيدر، وروايته، معلنين رفض الوصاية على الإبداع، واقتباس جمل على لسان شخوص الروايات لإدانة كاتبيها.

كما وجهت نيابة أمن الدولة العليا تهمة «نشر مطبوعة تدعو إلى العيب في الذات الإلهية والإساءة إلى الإسلام والأخلاق العامة» إلى اثنين من المسؤولين عن نشر الرواية، هما رئيس تحرير سلسلة «آفاق الكتابة»، التي صدرت عنها الرواية، الأديب إبراهيم أصلان، ومدير تحرير السلسلة القاص حمدي أبوجليل، ونظمت صحيفة الشعب ذات التوجه الإسلامي حملة على الوزير فاروق حسنى، كما وصفت الكتاب بأنه إهانة أسوأ من هزيمة العرب على يد إسرائيل عام 1967 وأن الإهانة عار لا يمحى إلا بعقاب المسؤولين عنها.

كانت صحيفة الشعب ذات التوجه الإسلامي شنت حملة على الوزير فاروق حسني، ووصفت الكتاب بأنه إهانة أسوأ من هزيمة العرب على يد إسرائيل عام 1967، وأن الإهانة عار لا يمحى إلا بعقاب المسؤولين، ودافع الوزير عن الرواية وانتقد ما أثير بشأنها، وقال إن الحملة ضده وضد الرواية هي سياسية بالدرجة الأولى، وإن هذه الحملة شكل من أشكال الاستفزاز والإرهاب الفكري، بغض النظر عن قيمة الرواية من الناحية الأدبية وأن حملة صحيفة «الشعب» ضد الرواية ساعدت في رواجها وانتشارها، وأن ما تم بيعه من الرواية لا يتعدى الألف نسخة، وتم سحب بقية النسخ إلى مخازن الوزارة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية