x

عبداللطيف المناوي «شرف أم» شجيع السيما عبداللطيف المناوي الإثنين 19-06-2017 21:20


كان للفنان الراحل فريد شوقى تعبير شهير تهتز له قاعات سينما الدرجة الثالثة بالضحك والتصفيق للشجيع، كان ذلك الصفير والضحك يتصاعد مجلجلاً عندما يقسم الراحل فريد شوقى بشرف أمه، وكان شجيع الفيلم الذى هو دائما فريد شوقى يمزج قسمه بنبرة ساخرة وابتسامة ذات مغزى يصل إلى الصالة مباشرة بأن القسم الذى أقسمه الشجيع إما قسم كاذب، أو هو قسم مقدمة لهجوم مقبل من الشجيع على منافسه أو عدوه فى الفيلم. وكان دائما الشجيع الذى هو دائماً- كما سبق أن ذكرنا- فريد شوقى يتمتع بحالة مستمرة من التعاطف والتأييد والحماس بين جمهور الصالة المتعطش لأى انتصار يحققه الشجيع.

فهذا الانتصار، أو هذا الضرب الذى يوسعه لغريمه هو حالة يتقمصها المشاهد المتحمس الذى يشعر وكأنه هو الشجيع الذى يوجه هذه العلقة الساخنة، وفى ذهن كل مشاهد شخص يستهدفه فى داخله.

أتذكر دائماً الراحل فريد شوقى عندما أقرأ وأتابع ما يدور من وقت لآخر من أحاديث وجدل، بل و«خناقات» حول عدم التزام وسائل إعلام وإعلاميين بمواثيق الشرف، ومؤخراً قرأت عن ميثاق شرف جديد اعتمدته إحدى وسائل الإعلام العربية، ويضاف هنا هذا الميثاق إلى مواثيق عديدة وكثيرة أظن أن ذاكرتنا أسقطتها، وان كانت مازالت قابعة على أرفف المكتبات، أو داخل ملفات الأرشيف التابعة للكثير من المؤسسات والنقابات والهيئات العامة، مواثيق الشرف هذه لن تكون ذات جدوى وقيمة لو لم تكن نابعة من قناعات أصيلة لدى الملتزمين بهذه المواثيق.

عندما يكون شجيع فى الفيلم لصا كان يقسم بشرف أمه كذبا، وكمقدمة لفعلة سوداء مقبلة تضاف إلى أفعاله، وعندما كان يقسم بشرف أمه وهو شرير، كان ذلك مقدمة لفعلة شريرة مقبلة، لذلك يظل القسم وكذلك مواثيق الشرف غير ذات معنى لو لم تكن نابعة من واقع اجتماعى صحى، ومهنيين حقيقيين فى جميع المجالات.

ولن أتحدث هنا إلا عن المهنة التى نمتهنها وهى الصحافة بمفهومها الواسع، فمهما التزمنا، نحن العاملين، فى هذه المهنة بمواثيق شرف، فلن تكون ذات جدوى إلا إذا كنا مقتنعين بها ونابعة منا، ولن يكون لها حضور وتأثير إلا إذا اقتنعنا منذ البداية بحقيقة وحدود دورنا تجاه المجتمع الذى نحن فيه، ونعمل من أجل هذه الحقوق التى تتلخص فى حق هذا المجتمع فى المعرفة الحقيقية غير الملونة بلون سياسى، أو غير المشوهة بغرض أو منفعة. حق المتلقى- مشاهدا كان أو مستمعا أو قارئا- فى ألا يتجاوز الصحفى فى استخدام الوسيلة الإعلامية ليخلق لديه حالة من الغيبوبة، أو الأوهام الكاذبة، أو التلاعب بمشاعره ودغدغة أحاسيسه من دون منطق أو سند. وأيضا حق المجتمع وأفراده فى أن يكونوا بمأمن من أى تجاوز من صحفى أو وسيلة إعلامية فى حقه أو حرياته.

هذه هى الخطوط العريضة التى يمكن وصفها بأنها المحددات الرئيسية التى لو التزمنا بها كصحفيين لبات لمواثيق الشرف القائمة أو المقبلة معنى ومغزى، وبدون ذلك لن تكون تلك المواثيق أكثر من قسم اعتاد فريد شوقى فى أفلامه أن يستخدمه عندما يريد أن يتملص من التزام أو يخدع، أو يكسب تعاطف جمهور الصالة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية