جده كان مسيحيًا ثم أسلم، حفظ القرآن الكريم في سن صغيرة، تولى منصب مفتي الديار المصرية وهو في سن الـ21.. إنه محمد بن محمد أمين بن محمد المهدي العباسي الحنفي، ابن محافظة الإسكندرية، وأول حنفي تولى مشيخة الأزهر.
ووفقًا لموقع دار الإفتاء على الإنترنت، لم تكن موهبته السبب في تأهيله لمنصب المفتي عام 1848، وإنما الذي رشحه لذلك هو عارف بك، شيخ الإسلام آنذاك والذي كانت تجمعه علاقة صداقة بوالد الشيخ محمد المهدي، وفي أحد لقاءاته مع إبراهيم باشا أوصاه خيرًا بذرية الشيخ المهدي وبالفعل قام إبراهيم باشا بتعيين «العباسي» مفتيًا للديار المصرية.
الإمام المهدي اشتهر بالدقة والأمانة والحزم والعزم، وحصل على كسوة التشريف من الدرجة الأولى، وتم منحه الوسام العثماني الأول عام 1892، وفي عهد الخديو إسماعيل تولى مشيخة الأزهر خلفًا للشيخ مصطفى العروسي، مع الاحتفاظ بمنصب المفتي، ومع قيام الثورة العرابية لم يتجاوب معها فطلب أحمد عرابي بعزله، وبالفعل قام الخديو توفيق بعزله من المشيخة مع احتفاظه بمنصب الإفتاء.
وعاد الإمام الراحل إلى المشيخة مرة ثانية عقب فشل الثورة العرابية وعمل على إصلاح شؤون الأزهر وسَنَّ قانونًا لتنظيم الامتحان، ولم يستمر كثيرًا في منصبه فعندما علم الخديو باجتماع الإمام المهدي وعدد من العلماء للحديث في السياسة والتعبير عن سخطهم على الاحتلال البريطاني، وفي أحد المناسبات قال له الخديو: «الأجدر بالإنسان أن يشتغل بأمور نفسه ولا يتدخل فيما لا يعنيه ويجمع الجمعيات بداره»، فرد الشيخ المهدي: «إنني ضعفت عن حمل أثقال الأزهر، وأرجو أن تعفوني منه»، فرد الخديو: ومن الإفتاء أيضًا؟ قال له الإمام الراحل: «نعم، ومن الإفتاء أيضًا»، وعلى خلفية ذلك عين الخديو، الشيخ الإنبابي لمشيخة الأزهر، ومحمد البنا في الإفتاء.
للشيخ المهدي عدد من المؤلفات، منها الفتاوى المهدية في الوقائع المصرية، ورسالة في تحقيق ما استتر من تلفيق في الفقه الحنفي، ورسالة في مسألة الحرام على مذهب الحنفية، ورحل عن عالمنا عام 1897 عن عمر يناهز الـ72 عامًا بعد صراع مع المرض استمر 4 أعوام.