«الإمامة العلامة، والحبر الفهامة، شيخ الإسلام والسلمين، ووارث علوم سيد المرسلين».. بهذه الكلمات تحدث عبدالرحمن الجبرتي في كتابه «عجائب الآثار في التراجم» عن محمد بن عبدالله الخراشي، أول من تولى مشيخة الأزهر عام 1679.
وظهر هذا المنصب عقب مرور 741 عامًا على إنشاء الجامع الأزهر بسبب زيادة أعباء الجامع الأزهر وأموره لكثرة المترددين عليه من الطلبة والدارسين، وعدم قدرة الحاكم على إدارة أموره العامة، ويعد شيخ الأزهر- بحسب الموقع الرسمي للأزهر على الإنترنت- الإمام الأكبر لجميع علماء مصر، والمشرف الأعلى على سيرتهم الملائمة لشرف العلم والدين وعلى حفظة القرآن الكريم سواء كانوا من المنتمين إلى الأزهر وروافده أم من غير المنتمين إليه، وهو المنفذ الفعلي العام لجميع القوانين واللوائح والقرارات الخاصة بالجامع الأزهر والمعاهد الدينية.
«الخراشي» ولد بمحافظة البحيرة، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالأزهر الشريف، وتتلمذ على يد كبار العلماء منهم على الأجهورى، والشيخ إبراهيم اللقانى، والشيخ يوسف الفيشى، واختار المذهب المالكي، واشتغل بالتدريس بالجامع الأزهر والمدرسة الآقبغاوية.
عرف عن الإمام الراحل أنه «حسن السمعة، يهابه كل من يراه فلم تكن له شفاعة أو يهمل له رجاء، وفتح أبوابه لكل مظلوم من الرجال والنساء، وأصبح يضرب به المثل في الشجاعة وكرم النفس حتى أثر عنه عندما يصاب الناس بكارثة أو تلم بهم لامة من الولاة وغيرهم ينادون بلفظ كلمة خراشي دليل على طلب النجدة والاستغاثة ورفع الظلم عنهم»، حسبما جاء في كتاب «الأزهر في ألف عام» للمؤلفين محمد عبدالمنعم خفاجي، وعلي على صبح.
تتلمذ على يد الخراشي عدد من المصريين وذاع صيته في الشام والحجاز واليمن، وألف عدد من الكتب منها الشرح الكبير على متن خليل في فقه المالكية 8 مجلدات، رسالة في البسملة مؤلفة من أربعين كراسة في شرح قوله تعالى (بسم الله الرحمن الرحيم)، الأنوار القدسية في الفرائد الخرشية، وتولى مشيخة الأزهر في سن الـ78 عامًا واستمر في منصبه إلى أن وفاته المنية عام 1690.