خرجت «المصرى اليوم» إلى النور قبل 13 سنة حين كانت البيئة غير ممهدة لاستقبال صحيفة يومية مستقلة، وعملت فى ظل سوق تكاد تحتكرها الصحف القومية المدعومة من الدولة، لكنها نجحت فى تغيير وجه الصحافة المصرية، ومنحت المهنة قلبًا شابًا، ينبض بحرية لا سقف لها إلا الحق فى المعرفة. واليوم، تطرح «المصرى اليوم» أسئلة المستقبل فى هذا الملف، مستقبلها، ومستقبل الصحافة المصرية كلها فى لحظة فاصلة من عمر صناعة الصحف فى العالم، وسط تحديات اقتصادية وتكنولوجية غير مسبوقة، وفى مرحلة يعاد فيها تشكيل المشهد الإعلامى المصرى بأكمله.
منذ صدورها فى 7 يونيو 2004، كانت «المصرى اليوم» ولاتزال شاهدة على تاريخ هذه المرحلة فى الميادين المختلفة من السياسة وتغيراتها على الساحتين المحلية والعالمية، مرورًا بالاقتصاد وجيب المواطن فى «عصر التعويم»، وصولًا إلى الرياضة والفن والعلوم.
بداية الرحلة كانت بالاعتماد على كتيبة صحفية قوامها 80 شابًا، ليصدر العدد الأول بمانشيت تحت عنوان «وزراء يدمرون مصر» فى عهد الرئيس الأسبق، محمد حسنى مبارك، وصولًا إلى ثورة 25 يناير بـ«إنذار» النظام، والاحتفاء بـ«الورد اللى فتح فى جناين مصر» لتحقيق إرادة الشعب فى الميادين، التى رفعت صفحاتها لتصبح لسان حال المصريين، فتوجه رسالة «باطل» إلى الرئيس المعزول، محمد مرسى، وتبدأ بعدها مرحلة كان عنوانها الحرب على الإرهاب وبناء مشروعات كبرى، انتهاء بـ«العرب يعزلون قطر»، كما جاء فى عنوانها قبل يوم من مرور 13 عامًا على مسيرتها الرائدة.المزيد
لم يقف الدكتور أحمد بهجت، عند حدود استثمارات الإلكترونيات والمجتمعات العمرانية الجديدة وغيرها، فقرر أن يساهم مع مجموعة من زملائه فى تأسيس تجربة «المصرى اليوم».. خطوة المشاركة فى تأسيس صحيفة لها خط تحريرى ينحاز للمواطن فقط فى عام 2004، ويفتح ملفات الفساد الذى استشرى فى ربوع الجسد المصرى فى هذا التوقيت من عهد مبارك، وهى خطوة تحتاج لكثير من الجرأة والفكر والتشبع والإيمان بهموم هذا الوطن المزيد
قال المهندس صلاح دياب، مؤسس جريدة «المصرى اليوم»، إن الصحافة فى مصر لديها تحديان، هما التعويض عن غياب المعارضة، ونشر المعلومات والحقائق، مشيرا إلى أن الجريدة تتمتع بحرية فى النشر وفقا لما يُعرف بـ«المعارضة المسؤولة» الداعمة للدولة، وهى حرية «مفتوحة» بهدف البناء.
وأضاف «دياب»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أنه بعد مرور 13 عاما من إصدار الجريدة، يكفيها الكم الهائل من المصداقية، وأن الدولة أصبحت مطمئنة لمصداقيتها، مشيرا إلى أنه لم يحاول أحد «إيقاف نموها» حتى الآن.. وإلى نص الحوار:
■ بصفتك أحد أهم مؤسسى الصحف الخاصة فى مصر، كيف ترى أوضاع الصحافة المصرية بشكل عام بعد ثورتين؟
- الصحافة فى الأساس ضرورة ومسؤولية. بعد تأميمها أصبحت «وظيفة»، ولم تعد بالضرورة مسؤولية، الصحافة تطرح الرأى الآخر. وهو دائما ما تحتاجه الدولة لاتخاذ القرار الصائب. مسؤولية الصحافة الآن أكبر، فهى أمامها تحديان: التعويض عن غياب المعارضة، وتقديم المعلومات التى تحتاجها الدولة، عبر نشر الحقائق. الرأى الآخر مهم جدا لاتخاذ القرار الصائب.المزيد
«اليونان أو إيطاليا تبيع لى جزيرة وسوف أعلن استقلالها وأستقبل اللاجئين وأوفر وظائف لهم إذ سيقومون ببناء بلدهم الجديد»، كانت هذه بضع كلمات كتبها المهندس نجيب ساويرس، أحد مؤسسى «المصرى اليوم»، على حسابه بموقع «تويتر» عقب غرق الطفل السورى «إيلان» على شواطئ البحر المتوسط عند محاولة والده الهجرة إلى اليونان، فكرة «ساويرس» أعطت انطباعاً عن الفكر الإنسانى لأحد أبرز رجال الأعمال فى مصر.
لم يقتصر المعنى الأوسع لتغريدة «ساويرس» على قضية «إيلان» فحسب، بل فتحت هذه الكلمات باب الحديث عن دور رجال الأعمال فى خدمة المجتمع والقضايا الإنسانية، ومشاركة الناس فى حل مشاكلهم مثلما يفعل كبار أصحاب المال فى العالم المزيد
قال المهندس نجيب ساويرس، أحد مؤسسى «المصرى اليوم»، إن أوضاع الصحافة المصرية حالياً غير مرضية لتناقص مساحة الحرية وغياب أقلام عمالقة الصحافة.
وأضاف فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» أن رحلة الصحيفة طوال 13 عاماً مثلت علامة فارقة فى تاريخ الصحافة، وأن ظهور صحيفة جديدة خاصة وحرة تتحدى جريدة الأهرام الحكومية وتنازعها على الصدارة نقطة تحول.المزيد
وصف المهندس أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، مشاركته فى تأسيس جريدة «المصرى اليوم» بـمسار الاعتزاز له، باعتبارها جريدة أثبتت حياديتها، وفصلت الرأى عن الخبر، وساهمت فى تنوير الرأى العام على مدار 13 عاما. وقال «قرطام»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، إن جرأة الجريدة ألحقت أذى ماديا بالمؤسسين، لأن الحكومة كانت لديها قناعة أن أى خبر أو مقال ينشر ضدها، هو تحريض من المؤسسين للجريدة، وهو أمر غير صحيح، فأكثر المتضررين ماديا ومعنويا صلاح دياب مؤسس الجريدة، والذى نال الكثير من الاتهامات والكذب والافتراء عليه.. وإلى نص الحوار:
■ ما تقييمك لأوضاع الصحافة حاليا؟
- الجانب المهنى غائب وفى تدهور، وجزء من ذلك سببه طغيان الصحافة الإلكترونية و«السوشيال ميديا»، وزيادة تأثيرهما على المواطن أكثر من الصحافة الورقية، ما تسبب فى اتجاه بعض الإصدارات الورقية إلى تسليط الضوء على الموضوعات المثيرة للجدل، أملا فى زيادة مبيعاتها، وللأسف أستطيع القول إن الصحافة فى مصر«غير محايدة»، وكاتب الخبر يميل إلى تلوين الخبر حسب تياره السياسى ما أدى إلى اختلاط الخبر الصحفى بالرأى المزيد
توقع الناشر هشام قاسم انهيار المؤسسات الإعلامية الحالية بما فيها تلك المدعومة من الدولة، فيما وصفه بـ«الانهيار الثالث»، بعد انهيارين وقع أولهما بعد تأميم الصحف عام 1952، والثانى مع إطلاق يد الأجهزة الأمنية للسيطرة على الإعلام خلال العامين الأخيرين.
وقال قاسم، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، إن الأجهزة الأمنية التى أصبحت تمول وتمتلك عددًا من الصحف والمحطات التليفزيونية لن تستمر فى الإنفاق عليها لأكثر من عام، قبل أن تكتشف عدم جدواها، ليبقى أمامها أحد خيارين، إما إغلاقها أو ضمها إلى إرث ماسبيرو والمؤسسات الصحفية القومية الثقيل.
وأكد العضو المنتدب الأسبق لـ«المصرى اليوم» أن الصحافة الورقية فى طريقها إلى الزوال آجلا أو عاجلاً، وأن سبيل المؤسسات الصحفية للنجاة من الأزمة الاقتصادية الحالية هو إتاحة محتوى إلكترونى نوعى ومميز مقابل اشتراكات، بدلًا من إتاحة محتوى غزير بالمجان.. وإلى نص الحوار:المزيد
مع حلول العام الرابع عشر لتأسيس جريدة «المصرى اليوم»، حاولنا البحث عن دور الصحافة فى مواجهة التحديات الجمة التى تمر بها البلاد، ما بين إرهاب وأوضاع حريات، مرورًا بتراجع الصحافة الورقية بشكل كبير عما كانت عليه.. وفى هذا السياق حاورنا عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحفيين، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، الذى أكد أن الصحافة المصرية تواجه مأزقًا حقيقيًا فى الفترة الحالية منذ اهتزاز الثقة فيها من جانب المواطنين إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير، مرورًا بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها الشعب المصرى.. وإلى نص الحوار:
■ بداية.. كيف ترى وضع الصحافة المصرية فى الوقت الحالى؟المزيد
قال خالد البلشى، رئيس تحرير موقع «البداية» الذى تعرض للحجب، وكيل نقابة الصحفيين السابق، ومؤسس جبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات، إن خيار التصعيد القانونى من قبل القائمين على المواقع المحجوبة كان الخيار الوحيد المتاح فى ظل تراجع الدور النقابى وتقنين نقيب الصحفيين للحجب، مشيرا إلى أن حجب المواقع جزء من تطور مناخ القمع خلال السنوات الماضية. واعتبر البلشى، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن وضع الحريات هو الأسوأ فى تاريخ الصحافة المصرية، وأن جميع أمارات التضييق التى شهدتها الصحافة فى عصور مختلفة تجسدت هذه الأيام.. وإلى نص الحوار:
■ كيف تقيم وضع الحريات الصحفية فى الفترة الحالية؟
- نحن أمام تصعيد مستمر ضد الصحافة، وهذا هو الوضع الأسوأ فى تاريخ الصحافة المصرية على كل المستويات، وكل أشكال الانتهاكات التى عرفنا جزءًا منها فى تاريخ الصحافة تجمعت فى الوقت الأخير المزيد
أكد الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز صعوبة قراءة وتحليل المشهد الصحفى المصرى فى معزل عن السياق الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، مشيرا إلى أن تلك العوامل تؤثر بشكل مباشر على شكل الأداء الصحفى المهنى وكذلك طبيعة تلقى الجمهور للرسائل الإعلامية.. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية.. هل تستطيع الصحافة فى الآونة الأخير التعبير بدقة عن الواضع المصرى؟
- لا يمكننا الحديث عن الصحافة دون النظر لسياق عملها، سواء على المستوى السياسى أو الاجتماعى أو الاقتصادى، حيث يتحكم ذلك فى طبيعة عمل الوسائل الإعلامية والمؤسسات الصحفية وعملية إنتاج المحتوى من جهة وعملية تلقى الجمهور للمعلومات من جهة أخرى، فالسياق الحالى شديد التعقد، يرتبط أولا بواقعٍ سياسى متوتر، يعانى من الإرهاب الذى يتوجب على الدولة مقاومته فيما تسعى بعض وسائلها للتأثير على حرية الصحافة والإعلام، من جهة أخرى الجمهور شديد التأثر بالحالة الاقتصادية ما ينعكس بدوره على عائدات الإعلام، إضافة إلى تراجع معايير الأداء المهنى الاحترافى، فالصحافة لا تعكس الواقع المحلى بالقدر الكافى رجوعًا لتقليل هوامش الحرية فى سبيل مواجهة الإرهاب، وهناك قضايا مسكوت عنها وقصص لا تتناولها الصحف المزيد
مساء الأربعاء الماضى، الموافق 24 مايو، انتشر خبر منسوب لمصدر أمنى وُصف بـ«رفيع المستوى»، على عدد من المواقع وبوابات الصحف الإلكترونية المصرية، كشف فى اقتضاب حجب 21 موقعا على الفضاء الإلكترونى، اعتُبر محتواها «داعمًا للإرهاب والتطرف ويعمد لنشر الأكاذيب».. وأُعلنت كذلك بعض الأسماء، ضمنها موقع قناة الجزيرة القطرى وموقع قناة الشرق وموقع رصد وغيرها، إلا أنه وفى غضون ساعات، بالرغم من عدم صدور بيان من أى جهة رسمية بقرار الحجب وخلفياته، كان مُستخدمو الإنترنت فى القطر المصرى على اختلاف مقدمى خدماتهم يواجهون صعوبة فى الوصول لمواقع إلكترونية عدة، بينها مواقع خبرية وأخرى مُتخصصة فى الاقتصاد المزيد
بين مطرقة تراجع توزيع الطبعات الورقية وسندان شبكات اجتماعية أشبه بـ«حصان أسود» يزحف يوميًا على أراضٍ جديدة ويفرض قواعده الاستثنائية، وجدت الصحف حول العالم نفسها أمام مأزق كبير، بعضها توقف عن الصدور، بعضها خلع «ثوب الورق» وانطلق بقوة نحو الديجتال، وآخرون يسعون بجدية لابتكار حلولهم الخاصة لضبط الإيقاع بين الاثنين والحفاظ على حصد العوائد المالية منهما.
فى تقرير معهد «رويترز» السنوى بشأن توقعاته لصناعة الديجتال، تحدث عن تزايد المخاوف فى 2017 عن أثر التطورات التكنولوجية على جودة المعلومات ودعم السياسات الديمقراطية، وكيف ساهمت انتخابات الولايات المتحدة وفرنسا فى تسليط الضوء على قوة اكتسبتها وسائل الاتصال الجديدة فى حين يستمر نزيف فقدان التأثير والخسائر المالية لدى وسائل الإعلام التقليدية.المزيد
على مدار احتفالات «المصرى اليوم» بأعيادها خلال 13 عامًا، حرص كبار الكُتاب الصحفيين على المشاركة فى تلك الاحتفالات بكتابة كلمات الإشادة بالجريدة وتميز تجربتها ومصداقيتها، وانحيازها لشخص واحد على مدار تاريخها، وهو القارئ. «اسمح لى أن أقدم إليك شكرًا صحفيًا قديمًا على هذه المجازفة التى أقدمتم عليها بإصدار جريدة يومية جديدة فى ظروف حافلة بالفوران السياسى والزحام الصحفى، وإنها كانت سنة اختبار شاق لـ(المصرى اليوم)، ولنا أن نعتبرها فترة تدشين لجريدة كبيرة، لديها كفاءة أن تملأ الأفق على اتساعه، وتنفذ إلى أعماقه».. كان هذا بعض ما كتبه الأستاذ الراحل محمد حسنين هيكل، الكاتب الصحفى الكبير، فى خطاب أرسله للراحل كامل دياب، رئيس مجلس إدارة المصرى اليوم السابق، فى العيد الأول لـ«المصرى اليوم».المزيد