x

«جزيرة الوراق».. «المعركة القادمة لتحويلها إلى منطقة استثمارية».. والأهالى: «لوطلعنا منها هنموت»

الأحد 11-06-2017 23:24 | كتب: مصطفى السيد |
انتشار القمامة فى جزيرة الوراق انتشار القمامة فى جزيرة الوراق تصوير : اخبار

فى قلب النيل تحيط بها المياه من جميع الاتجاهات، الطريقة الوحيدة التى تمكنك من الوصول إليها المراكب و«المعديات»، هنا توجد جزيرة الوراق، التابعة لمحافظة الجيزة، أكثر الجزر التى تم اتهام سكانها بالاستيلاء على أراضى الدولة منذ سنوات، ولكنهم تمسكوا بحقهم فى إنشاء المنازل و«خلق» حرفة لهم اعتمدوا فيها على الزراعة والصيد كمصدر دخل رئيسى لهم.

تعتبر جزيرة الوراق أكبر الجزر المصرية والتى تقع على مساحة 1600 فدان، يسكنها حوالى 60 ألف مواطن، تتميز بموقع فريد داخل مياه النيل، ولكن كما يقال «عليها العين» منذ سنوات طويلة، معارك مستمرة ومتجددة بين الدولة وسكانها يحاول كل طرف منهما إثبات أحقيته وملكيته لها على طريقته الخاصة، ما بين سندات ملكية، وأوراق حكومية، وأحكام قضائية، وكان آخرها محاولات حكومة الدكتور أحمد نظيف تطويرها عام 2010.

عادت الجزيرة على السطح من جديد، خلال مؤتمر إزالة التعديات على أراضى الدولة، منذ عدة أيام، عندما ألمح الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الجزيرة، وأن سكانها تعدوا على أرض أملاك دولة، وتحولت إلى منطقة عشوائية، تصرف مخلفاتها فى النيل، وأنها تعتبر من المحميات الطبيعية وفقاً لقرار الدكتور كمال الجنزورى، ووجه المهندس شريف إسماعيل إلى ضرورة أن تكون أولوية للحكومة فى التعامل معها، وأن يكون هناك مخطط لتطويرها، ودخول رجال الأعمال فيها لتحويلها إلى منطقة استثمارية، ما يعنى أنها ستكون المعركة القادمة بين الحكومة والمواطنين.

«المصرى اليوم» قامت بجولة داخل جزيرة الوراق، للوقوف على أحوالها، ومدى قابلية سكانها لتوجيهات الرئيس تجاه الجزيرة، وما هو ردهم على السؤال المطروح، هل هم تعدوا على أملاك دولة أم هى أملاكهم؟، وهل سيقبلون بالخروج منها أم لا؟.

المستشفى القروى بالجزيرة يعانى من الإهمال

بدأت الرحلة عبر «معدية» نيلية، التى تعتبر الطريقة الوحيدة التى تمكن المواطنين من الوصول إلى الجزيرة، والتى تجبر المواطنين على الانتظار حتى تكتمل حمولة المعدية، والذى قد يتراوح ما بين 10 دقائق وساعة، حسب حركة الركاب، وتسعيرة الأجرة «جنيه واحد» للذهاب والعودة من الجزيرة، وتسعيرة السيارة المحملة بالبضائع أكثر من 50 جنيهاً، وعلى «التوك توك» 15 جنيهاً.

بعد وصولنا إلى الجانب الآخر من النيل، وتحديداً الجزيرة، كان فى استقبالنا مجموعة من «التكاتك»، لنقل السكان إلى الأماكن التى يريدون الذهاب إليها، و«التوك توك» هو وسيلة النقل الداخلية الوحيدة فى الجزيرة، بسبب ضيق شوارعها، وعدم وجود طرقا ممهدة بها، وطرقاتها مليئة بالحصى والرمل والطين الذى يصعب على السيارات التحرك فيها.

أخذنا «توك توك» فى جولتنا داخل الجزيرة، كان المشهد الأول الذى لفت أنظارنا هو خروج مياه المجارى إلى الشوارع، بسبب عدم وجود منظومة صرف صحى فى الجزيرة بأكملها، لذلك يعتمد السكان على الـ«الطرنشات»، ويتولى أحد السكان نقلها من المنازل بـ50 جنيها للحمولة، عن طريق خزانات وصرفها فى نهر النيل، الأمر الذى يسبب مشاكل صحية كبيرة لمن يتعاملون مع هذه المياه، وانتشار أمراض الفشل الكلوى وفيروس سى والتهاب الكبدى الوبائى بين سكان الجزيرة.

أكوام القمامة، هى عنوان الشوارع مع مياه الصرف الصحى، فهى تنتشر بشكل كبير، ويوجد ما يشبه مقالب زبالة على ضفاف نهر النيل، وتحديداً بجوار الملعب الرياضى الموجود داخل الجزيرة، حيث المكان الذى يفرغ فيه المواطنون المجارى فى نهر النيل، بسبب عدم وجود سيارات قمامة داخل الجزيرة.

حديث الرئيس السيسى حول الجزيرة وتحويلها لمنطقة استثمارية، أصابت أهالى الجزيرة بالقلق، وقال الحاج عمر: «أعيش هنا منذ أكثر من 70 عاماً، فكيف لى أن أترك أرضى ومنزلى وأغادر الجزيرة التى أصبحت الآن قطعة منى، مش كفاية أن الحكومة مش معتبرانا بنى آدمين ومش مديانا أى حق من حقوقنا، سواء تعليم أو صحة أو صرف صحى، أو حتى نقطة ميه حلوة نشربها، أنا دلوقتى فلاح بازرع أرضى وباعيش من خيرها، إزاى أسيبها وأروح أى مدينة من المدن الجديدة، ولو رحت مدينة من المدن ديه هشتغل إيه واصرف منين؟».

وذكر أحمد متولى: «إحنا فى الجزيرة عاملين زى السمك لو طلعنا منها هنموت، والحكومة حاطة عينها على الأرض دى بالذات، يمكن عشان أهلها فقراء مثلًا وملهمش دهر، أنا مولود هنا فى الجزيرة وبيتى هنا فاستحالة أقدر أطلع براها».

وأكد يحيى الشحات، رئيس مجلس محلى سابق، أحد سكان الجزيرة، أن الدولة تتعامل مع الجزيرة على أنها بالكامل أملاك دولة، ولكن الحقيقة وفقاً للأوراق الحكومية، وسندات الملكية الموجودة مع الأهالى أنه لا يوجد سوى 60 فداناً فقط أملاك دولة، منها 30 فدانا تابعة لوزارة الأوقاف، قامت بتأجيرها إلى الفلاحين، والـ30 الأخرى أملاك دولة، استأجرها الأهالى بحق الانتفاع.

وتابع: «عاطف عبيد، رئيس الوزراء فى عهد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، أصدر قرارا بتحويل جزيرتى الوراق والدهب منافع عامة، ولكن الأهالى رفعوا قضية فى مجلس الدولة، بما يفيد بملكيتهم للأراضى، وحصلوا على حكم محكمة فى عام 2002 بأحقيتهم فيهما».

وقال: «للأسف الشديد بعض المسؤولين يمدون الرئيس السيسى بمعلومات خاطئة عن الجزر»، مشيراً إلى أن اثنين من أعضاء مجلس النواب عن دائرة أوسيم والوراق، وهما محمود الصعيدى وأحمد يوسف، سيعقدا جلسة ودية أهلية معهم، لبحث الأزمة، ولكن المشكلة تكمن فى أنهما قادمان إلى الجلسة بنية إقناع الأهالى بترك أراضيهم، قائلاً «جايين يطيبوا خاطر الناس علشان ترحل من الجزيرة، وأقول لهم من غير قانون هايبقى الرحيل بالعافية».

وتساءل «الشحات»: كيف تكون الأراضى أملاك دولة والحكومة أعطت أصحاب الأراضى التى يمر بها محور روض الفرج أكبر تعويضات بين المحافظات وصلت إلى 200 ألف جنيه للقيراط؟.

من جانبه، قال محمد نور، رئيس حى الوراق، إنه يحظر تماماً دخول مواد البناء إلى الجزيرة، بناء على تعليمات من محافظة الجيزة، لأنه لا توجد تراخيص بناء فيها، وليست ضمن المخطط التفصيلى للمحافظة لإصدار تراخيص.

وأضاف نور لـ«المصرى اليوم»: «كافة المبانى التى تنشأ حديثة فى الجزيرة هى عشوائية ومخالفة، ولا يتم توصيل مرافق صرف صحى أو كهرباء أو مياه لها، لأنها فى قلب البحر، وستكون تكلفتها عالية جداً، وعندما يتم بناء مبنى مخالف يتم إصدار قرار إزالة فورية له»، مشيراً إلى أن المخططات المستقبلية للجزيرة ليست معلومة حتى الآن، لأنها تأتى من المحافظة والجهات الأعلى، والحى جهة تنفيذ فقط.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية